أيّها الظّافرُ أبشرْ بالظّفرْ؛ - ابن زيدون

أيّها الظّافرُ أبشرْ بالظّفرْ؛
واجْتلِ التّأييدَ في أبهَى الصّوَرْ

وتفيّأ ظلّ سعدٍ، تجتَني
فيهِ، من غرْسِ المُنى ، أحلى الثّمَرْ

وَرِدِ الصّبْحَ، فَكَمْ مُسْتَوْحِشٍ،
غَرِضٍ مِنْكَ إلى أُنْسِ الصَّدَرْ

كان منْ قربِكَ في عيشٍ ندٍ،
عَطِرِ الآصالِ، وَضّاحِ البُكَرْ

كُلّما شاءَ تَأتّى أنْ يَرَى
خلقَ البرجيسِ، في خلقِ القمرْ

فَثَوى دُونَكَ مَثْوَى قَلِقٍ،
يشتكي منْ ليلِهِ مطلَ السّحَرْ

قلْ لساقينَا: يحزْ أكؤسَهُ؛
وَلِشادِينَا: يَصِلْ قَطْعَ الوَتَرْ

حَسْبُنَا سُكْرٌ جَنَتْهُ ذِكْرٌ،
دونَهُ السّكرُ الذي يجني السَّكرْ

لمْ يُغادِرْ لي سَقامي جَلَداً،
معَ أنّي لمْ أزلْ ثبتَ المررْ

أيّهَا المَاشِي البَرازَ، المُنْبَرِي
لزَماني، إنْ مَشَى نَحْوِي الخَمَرْ

والذّي إنْ سِيمَ ما فَوقَ الرّضى ،
وجدَ الألوَى البعيدَ المستمرّ

وإذا أعتبَ في معتبة ٍ،
لانَ مِنهُ جانبُ السّمحِ اليَسَرْ

نَظْمِيَ المُهْدَى إلى أبْرعِ مَنْ
نَظمَ السّحرَ بياناً، أو نَثرْ

ليَ فيهِ المَثلُ السّائِرُ عَنْ
جالبِ التّمرِ إلى أرضِ هجرْ

غيرَ أنّ العذرَ رسمٌ واضحٌ،
تنفَثُ الشّكوى إذا الشّوقُ صدرْ

ثُمّ قَد وُفّقَ عَبدٌ، عَظُمَتْ
نعمة ُ المولَى عليهِ، فشكرْ

لا عَدَا حَظَّكَ إقْبَالٌ تُرَى
قَاضِياً، أثْنَاءهُ، كُلَّ وَطَرْ

وَاصْطَبِحْ كأسَ الرّضى مِنْ مَلِكٍ
سرْتَ في إرضائهِ أزْكَى السّيرْ

حِينَ صَمّمْتَ إلى أعْدائِهِ،
فانتحتْهُمْ منْكَ صمّاءُ الغيرْ

فَاضَ غَمْرٌ للنّدى مِنْ فَوْقِهِمْ،
كانَ يُرْوِي شُرْبَهُمْ مِنهُ الغُمَرْ

سَبقَ النّاسَ، فصَلّى مِنْكَ مَنْ
إنْ رَأى آثارَهُ الزُّهرَ اقْتَفَرْ

زِنْتُمَا الأيّامَ، إذْ مُلْكُكُمَا
سالَ، في أوْجُهِهَا، سَيْلَ الغُرَرْ

فابْقَيَا في دولة ٍ قادرة ٍ،
بعضُ حرّاسِ نواحيهَا القدرْ

مستذلَّيْ منْ طغَى ، مستأصِلَيْ
شَأفَة َ الباغي، مُقِيلَيْ مَنْ عَثَرْ

عَلَمَيْ مَنْ ضَلّ، مُزْنَيْ مَن شَكا
خَلّة َ الإمْحالِ، بَدْرَيْ مَنْ نَظَرْ

تَضْحَكُ الأزْمُنُ، عَن عَلْياكُمَا،
ضحكَ الرّوضة ِ عنْ ثغرِ الزَّهرْ