حواء - إبراهيم العريض

تَمثّل الحبُّ للفنّان بين يدَيْ
ذكراه.. كالنار تغشى طُورَ سيناءِ

وقال حين رآه في تَململهِ
يُقلّب الطرفَ بين الزهرِ والماء

«يا من عَكفتَ على الدنيا وزينتَها
حتى صممتَ عن الأنغامِ من نائي

تحيا الحياةََ بلا إلفٍ تلوذ بهِ
إلا ارتيادَكَ في أفياء فيحاء

حتى كأنّ ضلوعاً أنتَ حاملُها
تُطوى على كبدٍ ليستْ بحَرّاء

هذا الوجودُ إطارٌ لا كفاءَ لهُ
وغايةُ الفنِّ فيه رسمُ «حَوّاء»

لها الشبابُ الذي تشفي برُقيتهِ
ما كابد القلبَ من صدٍّ وإغراء

لها الجمالُ الذي تعنو لعزّتهِ
فيما تُشاهد من ظِلٍّ ومن ماء

لها الودادُ الذي تبقى أشعّتُهُ
تنير خطوَكَ في طوفان أهواء

كأنها الشمسُ إشراقاً.. تُبادلها
مرآةُ قلبكِ لألاءً بلألاء

لا تكذبِ النفسَ في مجدٍ حلمتَ بهِ
فلستَ تُحْسِنُ إلا قولَ «أهواها»

شُغِفْتَ بالحسن لا تنفكّ تطلبهُ
عيناكَ .. حتى ولو في كأس صهباء

وليس أجملُ ما في الكون من أثرٍ
إلا اقتباساً بدا من شكل حسناء

انظرْ إلى شفتَيْها، هل ترى زَهَراً
يفترّ عن نُقَطٍ كالطَلّ وَطْفاء ؟

انظرْ إلى وجنتَيْها، هل ترى شفقاً
يلوح من شعرها في وَسْط ظلماء؟

انظرْ إلى ناظرَيْها، هل ترى أَلَقاً
كأنه صادرٌ عن كوكبٍ ناء ؟

ما في الطبيعة من حُسْنٍ فمنعكسٌ
عن صدرها البضّ في عينيكَ يا رائي

وأطيبُ الطيبِ ما في الخلد من زَهَرٍ
وإنما غرستْها كفُّ «حوّاء»

فكيف تُكبِر من شأن الجميلِ ولا
تُثيبها عن يدٍ قبّلتَ بيضاء

وما تؤمّل في الفردوس منفرداً
إلا رجاؤكَ أن تَحظى بلُقياها ؟