أذاتَ الحجى إن الحجاب ليمنع - ابن نباتة المصري

أذاتَ الحجى إن الحجاب ليمنع
عن اللفظ حتى في رثائك يسمع

ولكنّ تطويقي لهى ً ناصرية
تحث على أني أنوح وأسجع

ولم لاَ وقد أبصرته متحرقاً
بفرقة حبّ راحلٍ ليس يرجع

أيسرع لي بالمال جوداً ولا أرى
بماء جفوني جائداً أتسرّع

وأما دموعي بالبكاء كأنها
على صحن خدي من دم القلب تهمع

لقد عمّنا ما خصه من رزية ٍ
بأمثالها تدمي الجفون وتدمع

رزية من كانت له أصل بهجة
وكلّ بهيج ضمنها يتفرّع

فمالي لا أرثي تقاها وفضلها وأندب للمحراب قنديل غرة ٍ بنور التقى طول الدجى يتشعشع
وأرثي له والقلب حرّان موجعسقط بيت ص

وأندب للمعروف والبرّ راحة ً
ترى راحة تعبانها حين ينفع

وأندبها للترب من حجب العلى
وديعة أستار الى عدن تودع

وأندبها لليوم صوماً وللدجى
صلاة ً وأذكاراً ونسكاً يوزّع

وللبيت بيت الفضل كدّر صفوه
وللبيت من ذات الصفاحين يهرع

فيالك من بيت جديدٍ بكى لها
وبيتٍ عتيق نحوها يتطلع

ويالك من حزنٍ تجدد عندنا
به حزن يعقوب الذي كاد يقلع

وحزن أخٍ قد جاورته كرامة
لها وإلى بيتِ الكرامات ينزع

وحزن كبار أو صغار تتابعوا
أسوداً وغزلاناً تسير وتتبع

هو الموت كأساًُ من حميّا حمامها
ومن حسراتٍ قبلها تتجرع

وصرف لأرواح البرية ناقدٌ
على أنه في أخذ نقديه مجمع

وسبع ليال دائراتٍ على الورى
بنوع افتراس فيهمو ليس يشبع

ألا في سبيبل الله نقد عزيزة
تولت وأبقت لاعج الحزن يرتع

سلامٌ ورضوانٌ عليه ورحمة ٌ
وروحٌ وريحانٌ وخمرٌ منّوع

على جهة ٍ إن قيل ستّ فانها
عليها من الست الجهات تفجع

يعزّ عليها نار حزنٍ تمسه
وتلك بجنات العلى تتمتع

ولو بلغت ما مسه من مصابها
لكادت به في جنة الخلد تجزع

وما رحلت حتى رأت فيه كلما
تمنت فليست من حمام تروع

ولو خيرت لم ترض إلا بقاءه
ونقلتها فليهنها القصد أجمع

وكم مرة فداه بالنفس نطقها
فقد صحّ ما كانت له تتوقع

وشيعها بالبرّ زاداً تسنناً
فلله منه سنة وتشيع

تهنّ بنو نعش لمطلع نعشها
نعم وبنات النعش أيان تطلع

وما هي إلا روعة ٌ من رزية ٍ
ولكن لها ثبت العزائم أروع

بليغ عرفنا صنعة اللفظ عنده
فما قدرُ ما في وعظه يتصنع

سقى لحدها الروضي غيث كأنه
نداه علينا وارفٌ وممرع

وخفف عن أحشاه وهجاً لو أنه
سحائب ضيف عن قريب تقشع

طمعنا بحدس في رجوع مفارق
وفي غير من قد وارت الأرض يرجع

وان منع الماضون من سعيهم لنا
فانا عن المسعى لهم ليس نمنع