قولا لمعتقلِ الرُّمحِ الرُّدَينيِّ - ابن هانئ الأندلسي

قولا لمعتقلِ الرُّمحِ الرُّدَينيِّ
والُمْرتَدي بالرّداءِ الهِنُدُوانيِّ

ضعِ السِّلاح فهل حدّثتَ عن رشإٍ
في مشرفيٍّ صقيلٍ أو ردينيّ

ما حالُ جِسْمٍ تحمّلْتَ السلاحَ بهِ
وأنتَ تَضْعُفُ عن حمل القُباطيّ

لأعرفنَّ الأديمَ السّابريَّ إذا
ما راحَ في سابريّ النَّسجِ ماذيّ

هيهاتَ من دونهِ خَلعُ النفوس وتكـ
ذيبُ الظُّنون وتضليلُ الأمانيّ

هَبْني اجْتَرَأتُ عليه حينَ غِرَّتِهِ
في العبقريّ أو العصبِ اليمانيّ

فمن لمثلي به الدرعِ سابِغَة ٍ
تموجُ فوقَ القباءِ الخسروانيّ

إذاً أفِرُّ ويُخْزي الأزْدَ شاعِرُهَا
فلا تَظُنِّ الجُلَندَى كلَّ أزديّ

و لستُ من ظلمهِ أخشى بوادرهُ
قُربّ وِتْرٍ لديهِ غير مَنسيّ

وأرْضَعَتْهُ وأُسْدُ الغِيلِ تَكفُلُهُ
و القلبُ يدلي بعذرٍ فيه عذريّ

إذا تَثنّى تَثَنّتْ سّمهَرِيتُهُ
فاعجبْ لما شئتَ من خوطٍ وخطّيّ

من أهْلِ بَهرامَ جُورٍ في مناسِبِهِ
ما شئتَ من فارسيٍّ نوبهاريّ

أوفى فماسَ على غُصْنٍ وماجَ على
دعصٍ وقامَ على أنبوبِ برديّ

مَن ليسَ يَرفُلُ إلاّ في سَوابِغِهِ
من تبّعيٍّ مفاضٍ أو سلوقيّ

لَيثُ الكَتيبَة ِ والأبصارُ تَرمُقهُ
و بيضة ُ الخدرِ في الليلِ الدجوجيّ

و لا يحدِّثُ إلاّ عن سوابقهِ
مِن أعوَجّيٍ جَوادٍ أو صَريحيّ

أو ذي كعوبٍ من المرّان معتدلٍ
أو ذي فرندٍ من القضبان حاريّ

والأرضُ في رَجوفٌ غيرُ ساكِنة ٍ
و صولجانٍ وشاهينٍ وبازيّ

فلو تَراهُ غَدا بالصّقْرِ أشْبهَ مِنْ
جوانحي بقطاً في الجَوّ كُدْريّ

ثَقِفتُ منهُ أديباً شاعراً لَسِناً
شتّى الأعاريضِ محذورَ الأحاجيّ

وكالسَّنانِ الذي يهتَزُّ قي يَدِهِ
و مثلَ أجدلهِ الصّقرِ القطاميّ

مُستَطلعاً لجَوابي من بديهتِهِ
فما يجاوبهُ مثلُ النَّواسيّ

منَ لا يفاخرُ بالطائيّ في زمنٍ
ولا الخُزاعيّ في عصرِ الخُزاعيّ

و لا الفرزدقِ أيضاً والفخارُ لهُ
ولا جَريرٍ ولا الرّاعي النُّمَيْريّ

لكنْ بعَلقَمَة َ الفَحلِ الذي زعموا
في الشعر أو بامرىء القيس المُراري

و لا ينازلُ لا بابنِ الحبابِ ولا
جذلِ الطّعان ولا عمرو الزُّبيديّ

لكن بفارس شيبانَ الذي سجدتْ
إليه فرسانُ عتّابٍ ودعميّ

قريبُ عهْدٍ بأعرابِ الجَزيرة ِ لم
على قُراسِيَة ٍ بالفارِ مَطْلِيّ

مَن ليس يألَفُ إلاّ ظِلّ خافقَة ٍ
أو سراجَ سابقة ٍ أو رحلَ عيديّ

لا يشرحُ القومُ وحشيَّ الغريب لهُ
ولا يُساءلُ عن تلكَ الأحاجيّ

بما يؤنبُ فرسانَ الدِّيار ترى
عليهِ سِيما ذكيِّ القلبِ حُوشيّ

مستوحِشٌ عِزّة ً مستأنِسٌ كَرَماً
تلقاهُ ما بينَ وحشيٍّ وإنسيّ

أرَقُّ من صَفحة ِ الماء المَعينِ وإنْ
خاطبتَ خاطبتَ قحّاً فوقَ مهريّ

و كانَ غيرَ عجيبٍ أنْ يجيءَ لهُ
المعنى العِراقيّ في اللفظِ الحجازيّ

وقدْ تلاقتْ عليهِ كلُّ منجبة ٍ
ومنجبٍ فهو لا يعزى إلى سيّ

و استأثرتْ عربيّاتُ الخيامِ بهِ
ولمْ يؤكَّلْ إلى أيدي السّراريّ

فشبّ إذ شبّ كالخطّيِّ معتدلاً
وجاء إذ جاء كالصّقرِ القُطاميّ

للهِ منْ علويِّ الرّأي منتسبٍ
إلى العُلى وائليِّ الأصْلِ مُرِّيّ

شيعيُّ أملاكِ بكرٍ إنْ همُ انتسبوا
ولستَ تَلقَى أديباً غيرَ شيعيّ

مَن أصْلحَ المغربِ الأقصَى بلا أدبٍ
غيرِ التشيُّعِ والدّين الحنيفيّ

لمْ يجهل القومُ إذ ولّوكَ ثغرهمُ
لِما تأشّبَ منه كلُّ حُوذيّ

قد تركْنَ عِداهم فيه مِن حَذَرٍ
تَخْلُو فما تتَنَاجى َ بالأمانيّ

فهمْ أولئكَ ما همّوا بمعصية ٍ
ومنْ يهمُّ بأمرٍ غيرِ مأتي

أبقيتَ منهمْ وقدْ رأوّوا أسنّتهم
بجائشاتٍ كأفواهِ البخاتيّ

وقد دُعيتَ إلى الهيجا فجِئتَ كما
جؤجئتِ الشَّولُ بالفحلِ الغريريّ

كأنّما حَلَقاتُ الدرْعِ يوْمِئذٍ
على قراسية ٍ بالقارِ مطليّ

أقبَلْتَهم زَجِلَ الأصواتِ ذا لَجَبٍ
فيه القُنوسُ كبيَضاتِ الأداحيّ

و الهضبُ أشمخُ من همّاتِ أنفسهم
و القومُ أمنعُ من عصمِ الأراويّ

حتى غدوا من طريدٍ في الشعابِ ومن
مضرَّجٍ بدمٍ وردِ الأساريّ

ومنْ أُسارى على الأقتابِ خاشعة ٍ
تزفُّ بينَ المنايا والأمانيِّ

كأنّ أيديَها والقِدُّ يَكعَمُها
في كلّ هاجِرَة ٍ أيدي الحَرابيّ

تَعَسّفُوا البِيدَ مُلتَفّاً بأسوُقهِمْ
مِثلُ الأساوِدِ في سَجعْ القُماريّ

إذ يتّقونَ حرورَ الشمس عن مقلٍ
مغرورقاتُ المآقي والأناسيّ

تسطو الرّجالُ بهم من بعدما نظَرُوا
إلى المنابرُ خزراً والكراسيّ

أولى لهمْ ثمَّ أولى من أخٍ ثقة ٍ
راضٍ عن اللهُ زاكي السعي مرضيّ

رامٍ بسهمينِ مبريٍّ يسدّدهُ
وصائبٍ عَلَوِيٍّ غيرِ مَبرِيّ

فلا تسلْ عنْ معاديهِ فحسبكَ من
مُقَرطَسٍ بسِهامِ اللهِ مَرميّ

جَرَى القضاءُ بما ينْوي فلا تَعَبٌ
إنّ القضاءَ عِنانٌ غيرُ مَثْنيّ

وبادَرَ الحَزْمَ حتى قامَ هاجِسُهُ
يقضي لهُ بحثَ أمرٍ غيرِ مقضيّ

يُصرّفُ الدّهْرَ يَنْهَاهُ ويأمُرُه
فدهرهُ بينَ مأمورٍ ومنهيّ

و ليسَ تلقاهُ من دونِ القلوبِ ولا
الغيوب إلاّ سيورٌ كالعراقيّ

طَبٌّ أرِيبٌ بأيّامِ الحروب زعيـ
ـمٌ بالخطُوب عليمٌ بالمآتيِّ

ركنٌ لعمركَ من أركانِ دولتهم
وعروة ٌ من عرى الدّين الحنيفيّ

كل السيوفِ اللواتي جُرّدتْ كذبٌ
وهو المجرِّدُ للسيفِ الحقيقيّ

للهِ ما تنتضي من ذي الفقارِ وما
تشدُّ من عضدِ الرّأي الإماميّ

لمْ يجهلوا ما تلاقي في التشيّعِ من
تحريضِ شارية ٍ أو بأسِ شاريّ

وما تُذلِّلُ من أهلِ العِنادِ لهُمْ
وما تُداري من الدين الإباضيّ

وما تكابدُ من تلكَ الغمارِ وما
تخوضُ بالسيفِ من تلك الأواذيّ

كوفئتَ عن ذلكَ الثغرِ المخوفِ فقدْ
تركتهُ بالعوالي جدَّ مكفيّ

جَوٌّ وجدتَ رُبَاهُ غيرَ مُكْلأة ٍ
لرائِدٍ وحِماهُ غيرَ مَحْميّ

و النّاسُ فيهِ سوامٌ غيرُ مرعيّ

فما استمدّوا بسيفٍ غيرِ منصلتٍ
ولا استمدّوا بعزمٍ غيرمأتيّ

أحيَيْتَ فيه مَواتاً غيرَ ذي رَمَقٍ
وشِدْتَ فيه خَراباً غيرَ مَبْنِيّ

وفّرْتَ أموالَه إذ ضِعنَ فاجتُبِيَتْ
منها القناطيرُ من بعدِ الأواقيّ

وصُنْتَ إلى ما لم تَصُنْه يَدٌ
سِواكَ من كلّ راعٍ ثَمّ مَرعى ّ

من بعدِ ما دُكَّ سورٌ غيرُ مُمتنِعٍ
منه وضاعَ خَراجٌ غيرُ مَجْبيّ

مَن يَصْطَلي حَرَّ نارٍ أنتَ موقِدُها
وهي الحرورُ على الشعبِ الحروريّ

أمْ مَنْ يُذِلُّ عَماليقاً تُذِلُّهمُ
إنّ الأجادلَ تَسْمو للكَراكيّ

بأيّ يومِ وغى ً أثني عليك وقد
أثنتْ عليك المذاكي في الأواري

وقد ركزْتَ القَنا بينَ السحاب وقد
أنزلتَ قرنكَ من بينِ الدراريّ

يَفْديكَ جَهْمُ المُحيّا يومَ سائلهِ
يَلقى الملامَ بعِرضٍ غيرِ مَفْدِيّ

من كلّ خاملِ نفسٍ غيرِ طاهرة ٍ
منهم ولابسِ عرضٍ غيرِ قوهيّ

لا يَفْقِدَنّكَ ذو سمْعٍ وذو بصَرٍ
فأنتَ أكرمُ مسموعٍ ومرئيّ

تغضي عن الذنبِ أحياناً فتحتسبني
أشُكُّ في أحنَفِ الحِلْمِ التميميّ

ما كنتُ أعلمُ أنّ الدّهر يزلفُ لي
بحاتمٍ في اللَّيالي غير طائيّ

إذا بَنو مُرّة ٍ صَلّوا عليْكَ فلا
صلّتْ إيادٌ على كعبِ الإياديّ

لكَ المكارمُ مضروباً سرادقها
وبيْتُ شَيبانَ مَشدودَ الأواخيّ

ولم أقِسْكَ بشيبانٍ وما جَمَعَتْ
لكنّما أنتَ عندي كلُّ ربعيّ

لا بل ربيعة ُ والأحلافُ من مضَرٍ
بل أنتَ كلُّ تهاميٍّ ونجدّيّ

بل شسعُ نعلكَ عدنانٌ وما ولدتْ
بل أنتَ وحدكَ عندي كلُّ إنسيّ