حتام أكتم ما الدموع تبيح - الهبل

حتام أكتم ما الدموع تبيح
وإلام أغدو مغرما وأروح

وإلى متى أصبو إلى ريح الصبا
ومهيج نار جواي تلك الريح

ومعنف نحو الملامة جانح
لو كان لي نحو السلو جنوح

يملي على من ليس يسمع قوله
في الحب قولا كله مطروح

ومعذبي من لا أبوح بذكره
ويكاد يعميني الهوى فأبوح

من لو رآه البدر قال مخاطبا
أنت المليح وما سواك مليح

نشوان من خمر الرضاب لقده
منها غبوق دائما وصبوح

أعطيته روحي ومالي طالبا
للوصل وهو بما طلبت شحيح

ومتى شكوت له الهوى قال اصطبر
فالصبر فيه لذي الهوى ترويح

أمكلفي صبرا جميلا في الهوى
تكليف ما لا يستطاع قبيح

أرفق بجسم أنت سالب روحه
أيعيش جسم فارقته الروح

وانظر إلى قلبي عليك وناظري
هذا قريح هوى وذاك جريح

وسل المدامع عن غرامي فهو في
متن الخدود بمدمعي مشروح

إن لا تكن لي زورة تحيى بها
روحي فموت من هواك مريح

حيا الحيا زمن الغوير وأنت لي
بالقرب منك وبالوصال سموح

إذ لا أخاف الكاشحين وقولهم
هذا الفتى المستهتر المفضوح

يا عاذلين أنا الذي قد قلتم
فاغدوا هبلتم في الملام وروحوا

ولقد وقفنا للوداع ببارق
إذ بارق البين المظل يلوح

إذ ليس إلا مدمع متدفق
إثر الهوادج أو دم مسفوح

لم ندر هل تلك النفوس ذوائبا
أم أدمع فوق الخدود تسيح

وببابل سقت الغوادي بابلا
ملقى بآثار الخيام طريح

سمع الصبابة وهي حقا باطل
وعصى النصيح وإنه لنصيح

متيقنا جور الغرام وأن ما
يروى عن المقل المراض صحيح

قد عبرت عبراته عما به
إن الهوى تلويحه تصريح

أضحى يحدثه أحاديث الهوى
عنهم خزامى بابل والشيح

قلق الفؤاد كأنما هبت له
من حضرة الهادي بن أحمد ريح

سباق غايات المعالي من له
طرف إلى نيل الفخار طموح

خلق يحاكي البدر حين يلوح مع
خلق يحاكي الزهر حين يفوح

من إن دجت ظلم النوائب حلها
رأي له في المشكلات رجيح

ندب يجل عن المدائح كلها
لو أن شعر العالمين مديح

وإذا أشار الناس نحو مسود
فهو المشار إليه والملموح

شهم يلاقي النائبات بعزمة
تدع الشوامخ وهي بيد فيح

وفضائل ما حازها أحد غدت
ولها على شمس النهار وضوح

وندى كما انهل الغمام ورآءه
نسب كما انشق الصباح صريح

يتناقل الأدباء در قريضه
فكأنه التهليل والتسبيح

يا أفصح الفصحاء غير مدافع
أقلل لمثلك أن يقال فصيح

إذ أنت للأدباء درة تاجها
بل أنت في جسد المعالي روح

خذها كما ابتسمت أزاهر أيكة
قد زانها التهذيب والتنقيح

غراء تجتلب القلوب غرابة
لم لا وأنت بدرها الممدوح

أشكو عظيم جوى إليك مضاعفا
لي من سموم سمومه تلويح

وصروف دهر يا بن أحمد لم يزل
يبدو لهن تجهم وكلوح

فابعث قريضك رقية يحيى بها
قلبي فقد أودى به التبريح