لانالَ منكَ فؤادي ما يرجيهِ - الهبل

لانالَ منكَ فؤادي ما يرجيهِ
إن كانَ طولُ التنائي عنكَ يسليهِ ؛

سلِ الصبابة َ عنْ جسمي السقيم ولا
تسلْ سقامي فإنّ السقم يخفيهِ ؛

ولا تسلْ غير طرفي عنْ مدامعهِ
لا تأخذِ الماءَ إلاّ من مجاريهِ ؛

أشكو إلى اللهِ وجداً ظلتُ أكتمهُ
عنْ عاذلي ودموع العين تبديه

وخاطراً قد تمادى في غوايته
وزادَ حتى تمادى في تماديهِ

وصرفَ دهر أصابتني نوائبهُ
بكلّ سهمٍ منَ الأحداثِ تبريهِ ؛

سقياً لدعرٍ مضى لو كانَ ساعدني
حظي لكنتُ بهذا الدهرِ أفديهِ ؛

هذا الزمانُ الذي لاَ كانَ منْ زمنٍ
ولا سقاهُ منَ الوسميّ ساريهِ

ماتَ الوفاءُ وأبنلء الوفاءِ بهِ
فالمجدُ منْ بعدهم أقوتْ مغانيه ؛

فأينَ منْ يستحقُّ المدحَ مبتذلاً
للمالِ فيهِ فيوفينا ونوفيه

لهفي على غرَّ أبياتٍ مدحتُ بها
منْ لوْ هجوتُ لأرخصتُ الهجا فيهِ

لهفي على ثوبِ عزًّ نشرهُ عطرٌ ؛
ألبستهُ لشقائي غيرَ أهليهِ

وأفق نظمٍ تذيبُ الصخر رقتهُ
أطلعتُ فيه نجوماً منْ معانيهِ ؛

حبرته في بخيلٍ نقشُ درهمهِ ؛
اللهُ من أعين السؤال يحميهِ

تكادُ تسجدُ للدينار جبهتهُ
بخلاً ويعبده من دون باريهِ

يودّ لو أنّ في آذانهِ صمماً
إذا دعاهُ إلى المعروفِ داعيهِ

لو جاءه المصطفى مستشفعاً
بأمينِ الله في درهمٍ ما كانَ يعطيهِ ؛

لا المدحُ يغريه بالإعطا لسائلهِ
ولا الهجاء عن الحرمان يثنيهِ ؛

أزهى منَ الديكِ ؛ إذْ يمشي على صلفٍ
لهُ جناحان منْ كبرٍ ومن تيهِ ؛

لا حلم فيه ولا عقلٌ ولا أدبٌ
ولا وفاء إلى المعروف يهديه .

يرومُ شأوَ العلى ؛ والبخلُ يقعدهُ
كأنه طائرٌ قصتْ خوافيهِ

يرى التكبرِ من اسنى مناقبهِ
ويحسب البخلَ منْ أعلى معاليه ؛

فليتَ شعري على ما فيه من صلفٍ
أكانَ منتظراً للوحيِ يأتيه

قلدتهُ لشقائي في سعادتهِ
عقداً منَ المدحِ قد راقت لآليهِ

تودّ شمسُ الضحى لو أنها حليتْ
بهِ وبدرُ الدجى لو كان يحكيهِ

منْ للزهورِ بأن تحكي شمائلهُ
ومنْ لزهرِ الدياجي لو تضاهيهِ

وقائل لي اتهجوهُ فقلتُ لهُ
مهلاً ؛ فإنَّ هجائي ليسَ يؤذيهِ ؛

إني لأتلو مساويه فيحسبني ..
لفرطِ تغفيله أتلو مساعيهِ

قد كانَ مدحي له ذنبا شقيت بهِ
فصار تكفيره عني هجائيهِ

يا هادماً بمساويه بناء على ّ
أبوهُ دونَ ملوكِ الأرض بانيهِ ؛

حذار من نارِ فكرٍ أضرمتْ لهباً ؛
ولا تقفْ لعبابٍ سالَ واديه ؛

فما نبا سيفُ عزمي حينَ أعملهُ
ولا خبا زندُ فكري حين أوريهِ ؛

وما امتدحتك أرجو منك نيلَ غنى ً ؛
لكنْ قضاءٌ جرى في الكون ماضيهِ

ولو أردتُ غناءً لامتدحتُ فتى ً
ينالُ مادحه أقصى أمانيه