أفضْ عليكَ لبوسَ الصبر والجلدِ - الهبل

أفضْ عليكَ لبوسَ الصبر والجلدِ
فإنه الموتُ لا يبقي على أحدِ ؛

وبالتجلدِ قابلْ كلَّ حادثة ٍ ؛
إن لم يكنْ لكَ عند الخطبِ من جلدِ ؛

إنَّ الذي يظهرُ الإنسان من جزعٍ
أمرٌ ؛ إذا جاءَ أمر الله لم يفدِ

فالموتُ أكؤسه لا بدّ دائرة ٌ
لكلّ مقتربٍ منا ومبتعدِ ؛

كلٌّ لهُ عمرٌ مفض إلى أجلٍ ؛
متى أتى المرءَ ؛ لم ينقصْ ولم يزدِ ؛

عمرُ الفتى حلبة ٌ والموتُ غايتها
والمرؤ من موتهِ يسعى إلى أمدِ ؛

وقد يهون ما في القلب من جزع
أن لا بقاء لغير الواحد الصمد ؛

يا درة َ العقد في آل المؤيد لم
يتركْ مصابكِ من قلبٍ ولا كبدٍ

لو كانَ يدفعُ منْ ماضي القضا عددٌ
حطناكِ بالعددِ الموفورِ والعددِ

لو أنه كانَ يرضي الموت فيكِ فدى ً
إذاً فدنياكِ بالأهلين والولدِ

لكنه الموتُ ؛ لا يرضيه بذلُ فدى
ولاَ يصيخُ إلى عذلٍ ولا فندِ ؛

ولا يرقّ لذي ضعفٍ وذي خورٍ
ولا يحاذرُ بطشَ الفارسِ النجدِ

يأتي الملوكَ ؛ ملوكَ الأرضِ مقتحماً
ويخرجُ الشبلَ من عريسة ِ الأسدِ

منْ للمساكين ؛ قد أصليتِ أكبدهمْ
بلاعجٍ من ضرام الحزنِ متقدِ

منْ للأراملِ ؛ تبكيكَ الدماءَ لما
حملنَ بعدكِ من كربٍ ومن كمد ؛

كمْ من فؤادٍ حيرانَ ملتهباً
حزناً ومن مدمعٍ في الخدّ مطردِ ؛

لا غرو إنْ متنَ منْ حزنٍ عليكَ فقد
فقدنَ منكَ لعمري خيرَ مفتقدِ

أما كرزئك ؛ لاّ واللهِ ما سمعتْ
أذنٌ ولا دارَ في فكرٍ ولا خلدِ .

رزوٌ غدا منهُ شملُ المجدِ منصدعاً
وفتّ في ساعد العلياء والعضدِ ؛

جلَّ المصابُ ؛ فما خلقٌ يقولُ إذنْ
يا صبرَ اسعدْ ؛ ولا يا حزنُ قدك قدِ ؛

وحسبنا أسوة ٌ طهو حيدرة ٌ
والآلُ أجمعُ منْ داعٍ ومقتصدِ ؛

فاصبرْ عمادَ الهدى للحكم محتسباً
أجراً وسلمْ لأمرِ الواحد الصمدِ ؛

فالصبرُ عقدٌ نفيسٌ مالهُ ثمنٌ
ولا يكونُ لغير السيد السندِ ؛

وما الرزية ُ يا مولايَ هينة ٌ ؛
وإن أمرتَ بحسنِ الصبرِ والجلدِ

لكن نسومكَ عاداتٍ عرفتَ بها ؛
أنْ لستَ تلقي إلى حزنٍ غزا بيدِ ؛

وليسَ مثلكَ منْ بالصبر نأمرهُ ؛
فأنتَ الذي يهدي إلى الرشدِ ؛

كم حادثٍ لا تطيقُ الشمُّ وطأتهُ ؛
لاقيتهُ من جميل الصبرِ في عددِ .

ألستَ من سادة ٍ شمًّ غطارفة ٍ
أحيوا بوبل الندى الوكافِ كلَّ ندي ؛

القومُ تضربُ أمثالَ العلى بهمُ
بينَ البرية طراً آخرَ الأبدِ ؛

المقدمونَ وأسدُ الغابِ خاضعة ٌ
والباذلون الجود والأنواء لم تجدِ ؛

غرٌّ رقوا من مراقي المجدِ أرفعها
وقوموا كلَّ ذي زيغٍ وذي أودِ ؛

واشكرْ لمولاك إذ أولاكَ عافية ً ؛
لا زلتَ ترفلُ في اثوابها الجددِ

وما بقيتَ لنا فالصدعُ ملتئمٌ ؛
فأنتَ للدين مثلُ الروحِ للجسدِ