أزِلْ بالخَمرِ أدواءَ الخُمارِ، - صفي الدين الحلي

أزِلْ بالخَمرِ أدواءَ الخُمارِ،
وعاقِرْ صَفوَ عَيشِكَ بالعُقارِ

وهبّ مع الصباحِ إلى صبوحٍ،
وصلْ آناءَ ليلكَ بالنهارِ

وإنْ شرفتَ مجلسنا، فإنّا
لنا حقّ الصداقة ِ والجوارِ

فعندي سادة ٌ غرٌّ كرامٌ،
يَزينُونَ الخَلاعَة َ بالوَقارِ

ومَجلِسُنا بهِ ساقٍ صَغيرٌ،
يُحَيّينا بأقداحٍ كِبارِ

إذا ما قلت: مهلاً! قال: مه لا،
وحقك ليسَ ذا يوم اختصارِ

وشادٍ قد حوى في الخدّ منهُ
كما في الكأسِ من ماءٍ ونارٍ

إذا أرضَى مَسامعنا بشَدوٍ،
تُجاوِبُهُ البَلابلُ والقُمارِي

وحضرتنا من الأزهارِ ملأى ،
من الوَردِ المُكَلَّلِ بالبَهارِ

وفي ميداننا فرسانُ لهوٍ،
كماة ٌ في المجالسِ لا القفارِ

رماحُهُمُ الشّموعُ بهِ، وفيهِ
دُخانُ النّدّ كالنّقعِ المُثارِ

وراحق في لجينِ الكأسِ تحكي
بصفرة ِ لونها ذوبَ النضارِ

وقد عَقَدَ الحَبابُ لها نِطاقاً،
لمِعصَمِ كأسِها شِبهَ السِّوارِ

فَلا تَعزِمْ لَنا عُذراً، فإنّا
نجلكَ عن مقامِ الإعتذارِ

وعَجّلْ بالتّفَضّلِ، أو أرِحنا
بمَنعِكَ عن عَناءِ الانتِظارِ