أبا مصطفى إنّا ذكرناك بَيْنَنا - عبد الغفار الأخرس

أبا مصطفى إنّا ذكرناك بَيْنَنا
فهاجَ بنا شوقٌ إليكَ معَ الذّكرِ

وقد جَمَعَتْنَا للمسرّات ساعة ٌ
هي العمرُ لا ما مرَّ في سالف العصر

ونازَعَنَا فيكَ الحديثَ مُعتَّقٌ
ونحنُ بقصر قد أطلَّ على نهر

وقد مدَّ ماءُ النهر من بعد جزرِه
فيا حسن ذاك المدِّ في ذلك الجزر

بحيث کكتَسَتْ أشجارُه فتمايَلَتْ
على نغماتِ الطير بالورقِ الخضر

وقد غَرَّدَتْ من فوقهن حمائمٌ
لها أنَّة ُ المألوم من ألمَ الهجر

وأطربنا في شكر نعماك أخرسٌ
بأعذب ما قد قال فيك من الشعر

وعاج بنا في كل فنٍ يجيده
فطوراً إلى نظيمٍ وطوراً إلى نثر

وكان لنا فيما روى عنك نشوة ً
من السكر ما يغني النديم عن الخمر

ورقَّ كما رقَّتْ سلافُ مدامة
تَخَيَّلها الندمان ذوباً من التبر

فلو كنتَ فينا حاضراً وَوَجَدْتَنا
ومن تحتِنا الأنهار حينئذ تجري

لقلتَ اغنموها ساعة َ الأنس واسلموا
على غفلات الدهر من نوب الدهر

هي البصرة الفيحاءُ لا مصرَ مثلها
وفيها لعمري ما ينوف على مصر

خلا أَنّني أَصْبَحْتُ بينَ وخامَتَيْ
عناءٍ أعانيه وآخر في فكري