سَائِلْ بِكَبْشَة َ دَارِسَ الأَطْلاَلِ - ابن مقبل

سَائِلْ بِكَبْشَة َ دَارِسَ الأَطْلاَلِ
قدْ هيَّجَتْكَ سومُها لسؤالِ

والدارُ قدْ تدَعُ الحزينَ لِما بهِ
ويُدِلُّ عَارِفُها بِغَيْرِ دَلاَلِ

سِحراً كما سحرَتْ جَرادة ُ شَرْبَها
بِغُرُورِ أَيَّامٍ وَلَهْوِ لَيَاليِ

بَلْ هَلْ تَرَى ظُعُناً،كُبَيْشَة ُ وَسْطَهَا،
مُتَذَبْذِباتِ الخَلِّ مِن أَوْرالِ

لبِسَتْ جَلاَبِيبَ الحَرِيرِ،وخَدَّرَتْ
بِالرَّيْطِ فَوْقَ نَوَاعِجٍ وجِمَاِل

حَتَّى إِذَا هَبَطَتْ مَدَافِعَ رَاكِسٍ
ولها بصحراءِ الرُّقَيِّ تَوالي

مالَ الحُداة ُ بها لحائِشِ قرية ٍ
وكَأَنَّهَا سُفُنٌ بِسِيفِ أَوَالِ

أَكُبَيْشَ مَا يُدْرِيكِ أَنْ رُبْ مَنْهَلٍ
يرمي بعَرْمَضِهِ على الأجْوالِ

نَفَّرْتُ عنهُ ’مِناتِ سِبَاعِهِ
غَلَسَ الظلامِ بعَيْهَلٍ مِرْقالِ

خَطَّارة ٍ أُجُدٍ بكلِّ تَنُوفة ٍ
غِبَّ السُّرى بجُلالَة ٍ وجُلالِ

ليتَ الليالي يا كُبَيْشة ُ لم تكنْ
إلاَّ كليْلتِنا بخَبْتِ طحَالِ

في لَيْلة ٍ جَرَتِ النُّحُوسُ بِغَيْرِهَا
يبكي على أمثالِها أمْثالِ

بتْنا بدَيِّرة ٍ يُضيءُ وجوهَنا
دَسَمُ السَّلِيطِ عَلَى فَتِيلِ ذُبَالِ

حتى انتَشَيْنا عندَ أَدْكَنَ مُتْرَعٍ
جَحْلٍ ُمِرَّ كُراعُهُ بعِقالِ

مِمَّا تُعَتَّقُ في الدِّنَانَ كَأَنَّهَا
بِشِفَاهِ نَاطِلِهَا ذَبِيحُ غَزَالِ

وغِناءِ مُسْمِعة ٍ جرَرْتُ لصوتِها
ثَوبي ، ولذَّة ِ شاربٍ وفِضالِ

صدحَتْ لنا جَيْداءُ تركضُ ساقُها
عندَ الشُّروبِ مَجامِعَ الخَلْخالِ

فضُلاً،تُنَازِعُهَا المَحَابِضُ صَوْتَهَا
بأَجَشَّ لا قَطِعٍ ولا مِصْحالِ

فَإِذَا وذلكَ يَا كُبَيْشَة ُ لَمْ يَكُنْ
إلاَّ كحَلْمة ِ حالمٍ بخيالِ

طرَقَتْ كُبَيْشَة ُ،والرِّكَابُ مُنَاخَة ٌ
مُلقى ً أَزِمَّتُها ببطنِ إلالِ

أَكُبَيْشَ،مَا يُدْرِيكِ أَنْ رُبْ خَلَّة ٍ
لَيْسَتْ بِشَوْاشاة ٍ ولاَ شِمْلالِ

خَوْدٌ كأنَّ فِراشَها وُضعتْ بهِ
أَضْغَاثُ رَيْحَانٍ غَدَاة َ شَمَالِ

وكَأَنَّهَا اغْتَبَقَتْ قَرِيحَ سَحَابَة ٍ
بِعَرى تُصَفِّقُهُ الرياحُ زُلالِ

قُطِبَتْ بِاصْفَرَ مِنْ كَوَافِرِ فَارِسٍ
سَقَطَتْ سُلاَفَتُهُ مِنَ الجِرْيَالِ

عَنِيَتْ تُوَاصِلُنيِ،فَلَمَّا رَابَنيِ
منها الهوى آذَنْتُها بزِبَالِ

وصرَمْتُ وَصْلَ حِبالِها ، إنِّي امْرُؤٌ
وَصَّالُ أَحْبالٍ ، صَرُومُ حِبالِ

وظِلالِ أَبْرادٍ بَنَيْتُ لفتْيَة ٍ
يَخْفِقْنَ بينَ سوافِلٍ وعَوالي

ظَنِّي بِهمْ كَعَسى ،وهُمْ بِتَنُوفَة ٍ
يَتنازعونَ جَوائِبَ الأَمْثالِ

سَلَفاً لها الخُنُفُ المَرَاخِي تَبْتغِي
جُونَ المَسَاحِلِ،والبِطَاءُ تَوَاليِ

لا يعلمونَ أَيُصْبِحونَ لغيرِهمْ
أَمْ يَرْجِعُونَ مُجَنِّبِي الأَنْفَالِ

ولقدْ غدوْتُ على الجَزُورِ بفتية ٍ
كُرَماءَ حَضْرَة َ لَحمِها ، أزوالِ

لفغدَوْتُ أَعْجِلُها تَمامَ ضَحَائِها
بِأَحَذَّ صَاحِبِ فَوْزَة ٍ وخِصَالِ

أَوِدٍ،كَأَنَّ الزَّعْفَرَانَ بِلِيطِهِ،
بَادِي السَّفَاسِقِ مِخْلَطٍ مِزْيالِ

مِنْ فَرْعِ شَوْحَطَة ٍ بِضَاحِي هَضْبَة ٍ
لَقِحَتْ بها لقْحاً خِلافَ حِيَالِ