أنا شجرة - عبدالحميد القائد

مَرةً تَخَيَّلتُ أَنِّي شَجَرَةْ
تُغَازِلُ المَكَانَ وَحدَهَا
تُحَاوِرُ الأزمِنََةْ
وفي بَرَاءةٍ فَرِيدَةٍ
تَحتَضِنُ العَالمَ كُلَّهُ
وتَنْتَشِي
وفي المَسَاءْ
تَنقُشُ أحْزَانَهَا
عَلى صََفحَةِ السَماءْ
تَمشِي عََلى المَاءْ
تُحَاوِرُ المِلحَ في الجِراحِ
تَرمِي بِثقلِها عَلى الكَونِ
ثِقلُهَا كَومَةٌ من أزهَارِ اللُّوتس
تُغَطي أشْجَانَ النَهرِ
*
مَرةً تَخَيَّلتُ أَنِّي شَجَرَةٌ
مُزدَانَةٌ بالألقْ
سُبحَانَ مَن خَلقْ
تُتقِنُ كلَّ اللُغَاتِ
تَعرِفُ جَمِيعَ الأسْماءِ
لَكن لا تُفصِحُ عن اسمِهَا السِرِّي
إلاّ للطَيرِ البَرِّي
والفَضَاءِ البَنَفسَجيّ
*
مَرةً تَخَيَّلتُ أَنِّي شَجَرَةٌ
مُثَقلةٌ بِثِمَارِ الجَنّةِ
الطُيُورُ تَنَامُ
بِلا وََجَلٍ عَلى أغْصَانِي
تَبنِي مُدناً
تَستَلقِي بلا أصْفَادٍ تَحتَ الشَمسِ
كي تَستَرِيحَ
لكنَّ الرِيحَ
أسْقَطَت ثِمَاريَ الغَرِيبَةَ
كَسَرَتْ كُؤوسيَ المُترَعَةَ
فَجأَةً صَحَوتُ
كانت نَفسِي قد هَرَبت مِني
والشوَارِعُ نَسِيتْ أسمَاءَهَا
مََزّقتُ أورَاقِي
رَميتُ بذَاكِرتِي هَديّةً للرِيحِ
يَمَمتُ وَجهِي نَحو الضُوءِ
الطَالِعِ من نِهَايةِ القَلبْ