عفتْ ذروة ٌ من أهلها فجفيرها - الشماخ بن ضرار

عفتْ ذروة ٌ من أهلها فجفيرها
فَخَرْجُ المروراة ِ الدواني فَدُورُها

على أنَّ للميْلاءِ أَطْلالَ دِمْنَة ٍ
بأسقُفَ تُسديها الصَّبا وتُنيرُها

و خفتْ خباها من جنوبِ عنيزة ٍ
كما خفَّ من نيلِ المرامي جفيرها

فإنْ حلّتِ المَيْلاءُ عُفانَ أو دنتْ
لحرة ِ ليلى أوْ لبدرٍ مصيرها

لِيَبْكِ على المْيلاءِ من كان باكياً
إذا خرجتْ من رحرحانَ خدورها

و ماذا على الميلاءِ لو بذلتْ لنا
من الوِدِّ ما يخفى وما لا يُضيرُها

أرتْنا حِياضَ الموتِ ثُمَّتَ قَلَّبَتْ
لنا مُقلة ً كَحْلاءَ ظلّتْ تُديرُها

كأنَّ غَضيضاً من ظِباءِ تَبالَة ٍ
يساقُ بهِ يومَ الفراقِ بعيرها

لها أقحوانٌ قيدتهُ بإثمدٍ
يَدٌ ذاتُ أَصْدافٍ يُمارُ نَؤورُها

كأنَّ حَصَاناً فضَّها القَيْنُ غُدْوة ً
لدى حيثُ يُلقى بالفِناءِ حَصيرُها

كأنَّ عُيونَ الناظرينَ يَشوقُها
بها عَسَلٌ ، طابتْ يدا مَنْ يَشورُها

تناولْنَ شَوْباً من مُجاجاتٍ شُمَّذٍ
بأعجازها فبٌّ لطافٌ خصورها

كِنانِيّة ٌ شطّتْ بها غُربة ُ النوى
كدلْوِ الصَّناَعِ رَدَّها مُستعيرُها

وكانتْ على العِلاّتِ لو أنَّ مُدْنفاً
تداوى بِرّياها شَفاهُ نُشُورُها

تعوذُ بحبل التغلبيَّ ولو دعتْ
عليَّ بنَ مسعودٍ لعزَّ نصيرها

فإنْ تَكُ قد شَطَّت وشطَّ مَزارُها
و جذمَ حبلَ الوصلِ منها أميرها

فما وَصْلُها إلاّ على ذاتِ مِرّة ٍ
يقطعُ أعناقَ النواحي ضريرها

جُماليّة ٌ في عِطْفِها صَيْعريّة ٌ
إذا البازلُ الوَجْناءُ أُردِفَ كُورُها

عَلَنداة ُ أسْفارٍ إذا نالَها الوَنى
و ماجتْ بها أنساعها وضفورها

يردُّ أنابيبُ الجِرانِ بُغامَها
كما ارتدَّ في قَوْس السَّراءِ زفيرُها

لجوجٌ إذا ما الآلُ آضَ كأنهُ
أعاصيرُ زَرّاعٍ بِنَخْلٍ يُثيرُها

كأَنَّ قُتُودي فوقَ أحْقَبَ قارِبٍ
أطاعَ لهُ مِنْ ذي نُجارٍ غَميرُها

وقد سُلَّ عنها الضِّغنُ في كلِّ سَرْبخٍ
لهُ فورُ قدرٍ ما تبوخُ سعيرها

تربعَ ميثَ النيرِ حتى تطالعتْ
نجومُ الثُريّا واستقلّتْ عَبورُها

فلمّا فنى الأسمالَ غاضَتْ وقلَّصتْ
ثمائلُها وتابعَ الشمسَ صُورُها

فظلَّ على الأَشْرافِ يَقسِمُ أَمْرَهُ
أَينظُرُ جُنحَ الليلِ أم يَسْتثيرُها

فأزمعَ من عينِ الأراكة ِ مورداً
لَهُ غارَة ٌ لَفّاءُ صافٍ غديرُها

فصاحَ بقُبٍّ كالمقالي يشُلها
كما شلَّ أجمالَ المصلي أجيرها

يزرُّ القَطا مِنْها فتضربُ نحرَهُ
و مجتمعَ الخيشومِ منهُ نسورها

على مِثْلِها أقضي الهمومَ إذا اعترتْ
إذا جاشَ همُّ النفسِ منها ضميرُها