أرقَ العيونُ فنومهنَّ غرارُ - جرير

أرقَ العيونُ فنومهنَّ غرارُ
إذ لا يساعفُ منَ هواكَ مزارُ

هلْ تبصرُ النقوينِ دونَ مخفقٍ
أمْ هلْ بدتَ لكَ بالجنينة ِ نارُ

طَرَقَتْ جُعادَة ُ وَاليَمامَة ُ دونَها
رَكْباً، تُرَجَّمُ دونَها الأخْبَار

لوْ زرتنا لرأيتَ حولَ رحالنا
مثلَ الحنيَّ أملها الأسفارُ

نَزَعَ النّجائِبَ سَموَة ٌ من شَدْقَمٍ،
وَالأرْحَبِيُّ، وَجَدُّهَا النَّطّار

وَالعِيسُ يَهْجُمُهَا الهَجِيرُ كَأنّمَا
يَغْشى َ المَغَابِنَ وَالذّفَارِيَ قَار

أني تحنُّ إلى الموقرَّ بعدَ ما
فَنيَ العَرَائِكُ، وَالقَصَائِدُ رَار

و العيسُ تسحجها الرحال اليكمُ
حتى تعرقَ نفيها الأكوارُ

أمستْ زيارتنا عليمَ بعيدة ً
فَسَقى بِلادَكِ دِيَمة ٌ مِدرَار

تُرْوِي الأجَارِعَ وَالأعَازِلَ كُلَّهَا،
و النعفَ حيثُ تقابلَ الأحجار

هلْ حلتِ الوداءُ بعدَ محلنا
أوْ أبْكُرُ البَكَرَاتِ أوْ تِعْشَارُ

أوْ شُبْرُمَانُ يَهِيجُ مِنْكَ صَبَابَة ً،
لَمّا تَبَدّلَ سَاكِنٌ وَدِيَارُ

و عرفتُ منصبَ الخيامِ على بلى
و عرفتُ حيثُ تربطُ الأمهارُ

علقتها إنسية ً وحشية ً
عصماءَ لوْ خضعَ الحديثُ نوار

فَتَرَى مَشارِبَ حَوْلَها حَرَمُ الحِمى
و الشربُ يمنعُ والقلوبُ حرار

قد رابني ولمثلُ ذاكَ يربيني
للغَانِيَاتِ تَجَهّمٌ وَنِفَارُ

وَلَقَدْ رَأيْتُكَ وَالقَنَاة ُ قَوِيمَة ٌ،
إذْ لمْ يَشِبْ لَكَ مِسحَلٌ وَعِذَارُ

وَالدّهْرُ بَدّلَ شَيْبَة ً وَتَحَنّياً؛
وَالدّهْرُ ذُو غِيَرٍ، لَهُ أطْوَارُ

ذهبَ الصبا ونسينَ إذْ أيامنا
بالجهلتينِ وبالرغامِ قصارُ

مطلَ اليدونُ فلا يزالُ مطالبٌ
يرجو القضاءَ وما وعدنَ ضمارُ

يا كعبُ قدْ ملأَ القبورَ مهابة ً
مَلِكٌ تَقَطَّعُ دُونَهُ الأبْصَارُ

هلْ مثلُ حاجتنا اليكمْ حاجة ٌ
أوْ مِثْلُ جَارِي بِالمُوَقَّرِ جَارُ

حِلْماً وَمَكْرُمَة ً وَسَيْباً وَاسِعاً،
وَرَوَافِدٌ حُلِبَتْ إلَيْكَ غِزَارُ

بَدْرٌ عَلا فَأنَارَ، لَيْسَ بآفِلٍ،
نُورُ البَرِيّة ِ مَا لَهُ اسْتِسْرَارُ

لَمّا مَلَكْتَ عَصَا الخِلافَة ِ بَيّنَتْ،
للطّالِبِينَ، شَمَائِلٌ وَنِجَارُ

ساسَ الخِلافَة َ حِينَ قامَ بحَقّهَا،
و حمى الذمارَ فما يضاعُ ذمارُ

وَيَزِيدُ قَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أنّهُ
غَمْرُ البُحُورِ إلى العُلَى ، سَوّارُ

و عروقُ نبعتكمْ لها طيبُ الثرى
وَالفَرْعُ لاجَعْدٌ وَلا خَوّارُ

إنّ الخَليفَة َ لليَتَامى َ عِصْمَة ٌ،
وَأبُو العِيَالِ يَشُفّهُ الإقْتَارُ

صَلّى القَبائلُ مِنْ قُرَيشٍ كُلُّهُمْ،
بالموسمينْ عليكَ والأنصارُ

تَرْضى َ قُضَاعَة ُ ما قضَيتَ وَسَلّمتْ،
لرضى ً بحكمكَ حميرٌ ونزارُ

قيسٌ يرونكَ ما حييتَ لهمْ حياً
وَلآلِ خِندِفَ مُلْكُكَ اسِتِبْشارُ

و لقدْ جريتَ فما أمامكَ سابقٌ
و على َ الجوالبِ كبوة ٌ وغبار

آلُ المهلبِ فرطوا في دينهم
وَطَغَوْا كَمَا فَعَلَتْ ثَمُودُ فبارُوا

إنّ الخِلافَة َ يا ابنَ دَحْمَة َ دُونَها
لُجَجٌ تَضِيقُ بها الصّدورُ غِمَارُ

هلْ تذكرونَ إذا الحساسُ طعامكْ
وَإذِ الصَّغاوَة ُ أرْضُكُمْ وَصحَارُ

رَقَصَتْ نِسَاءُ بَني المُهَلّبِ عَنْوَة ً
رَقْصَ الرّئَالِ وَمَا لَهُنّ خِمَارُ

لَمّا أتَوْكَ مُصَفَّدِينَ أذِلّة ً،
شفى النفوسُ وأدركَ الأوتارُ