أمِنْ طَلَلٍ أَقْوَى مِنَ الحَيّ مَاثِلُهْ - كثير عزة

أمِنْ طَلَلٍ أَقْوَى مِنَ الحَيّ مَاثِلُهْ
تهيِّجُ أحزانَ الطَّروبِ منازلُهْ

بَكَيْتَ، وما يُبكِيكَ مِنْ رَسْمِ دِمْنَة ٍ
أضرَّ به جودُ الشّمالِ ووابلُهْ

سقى الرَّبعُ منْ سلمى بنعفِ رواوة ٍ
إلى القهبِ أجوادُ السَّميِّ ووابلُهْ

وإنْ كانَ لا سعدى أطالتْ سكونهُ
ولا أهلُ سعدى آخرَ الدهر نازلُهْ

وإنِّي لأَرْضَى مِنْ نَوَالِكِ بالَّذي
لو أبصرهُ الواشي لقُرَّتْ بلابلُهْ

بلَى وبَأَنْ لا أَسْتطيعُ وبالمُنى
وبالوعدِ والتسويفِ قد ملَّ آملُهْ

وحبُّكِ ينسيني من الشيءِ في يدي
ويُذهلُني عنْ كلِّ شيءٍ أزاولهْ

سيَهلكُ في الدّنيا شفيقٌ عليكمْ
إذا غالهُ منْ حادثِ الدَّهرِ غائلُهْ

ويُخْفِي لَكُمْ حُبّاً شَدِيداً ورَهبة ً
وَلِلنَّاس أشْغَالٌ وَحُبُّكِ شاغِلُه

كَرِيمٌ يُميتُ السَّرَّ حتَّى كأَنَّهُ
إذا استبحثوهُ عنْ حديثكِ جاهلُهْ

يودُّ بأنْ يمسي سقيماً لعلَّها
إذا سمعتْ عنهُ بشكوى تراسِلُهْ

وَيَرْتَاحُ للمَعْرُوفِ في طَلَبِ العُلى
لتُحْمدَ يوماً عِنْدَ ليلى شَمَائِلُهْ

وعن سرَّكمْ في مُضمَرِ القلبِ والحشا
شَفِيقٌ عَليكُمْ لا تُخَافُ غوائِلُهْ

وأكتُمُ نفسي بعض سِرّي تكرُّماً
إذا ما أضاعَ السِّرَّ في النّاس حاملُهْ

فلوْ كنتُ في كبلٍ وبُحتُ بلوعتي
إليه لأَنَّتْ رَحْمَة ً لي سَلاَسِلُهْ

ولو أكلتْ من نبتِ عيني بهيمة ٌ
لهيّجَ منها رَحْمَة ً حِينَ تأكُلُهْ

ويُدركُ غيري عند غيركِ حظَّهُ
بِشِعْرِي وَيُعييني به ما أُحاوِلُهْ

فلا هَانَتِ الأَشْعَارُ بَعدي وبَعدَكُم
مُحبّاً وَمَاتَ الشِّعرُ بعدي وقائلُه