ألا حَيّ مَيّاً، إذْ أجَدّ بُكُورُهَا، - الأعشى

ألا حَيّ مَيّاً، إذْ أجَدّ بُكُورُهَا،
وَعَرِّضْ بقَوْلٍ: هلْ يُفادى أسيرُهَا

فيا ميّ لا تدلي بحبلٍ يغرّني،
وشرُّ حبالِ الواصلينَ غرورها

فإنْ شئتِ أنْ تُهدَيْ لقَوْميَ فاسألي
عنِ العزّ والإحسانِ أينَ مصيرها

تريْ حاملَ الأثقالِ والدّافعَ الشّجا
إذا غُصّة ٌ ضَاقَتْ بِأمْرٍ صُدُورُهَا

بهمْ تمترى الحربُ العوانُ ومنهمُ
تؤدّى الفروضُ حلوها ومريرها

فلا تصرميني، واسألي ما خليقني
إذا رَدّ عَافي القِدْرِ مَنْ يَسْتَعِيرُهَا

وَكانُوا قُعُوداً حَوْلَها يَرْقُبُونَهَا،
وَكَانَتْ فَتاة ُ الحَيّ مِمّنْ يُنِيرُهَا

إذا احْمَرّ آفَاقُ السّماءِ وَأعْصَفَتْ
رِيَاحُ الشّتاءِ، وَاستَهَلّتْ شُهورُها

تريْ أنّ قدري لا تزالُ كأنّها
لذي الفروة ِ المقروة ِ أمٌّّّ يزورها

مبرَّزة ٌ، لا يجعلُ السّتر دونها،
إذا أخمدَ النّيرانُ لاحَ بشيرها

إذا الشّولُ راحتْ ثمّ لمْ تفدِ لحمها
بألبانها، ذاقَ السّنانَ عقيرها

يُخَلّى سَبيلُ السّيْفِ إنْ جالَ دونَها،
وإنْ أنذرتْ لمْ يغنَ شيئاً نذيرها

كأنّ مجاجَ العرقِ في مستدارها
حواشي برودً بينَ أيدٍ تطيرها

ولا نلعنُ الأضيافَ إنْ نزلوا بنا،
ولا يمنعُ الكوماءَ منّا نصيرها

وإنّي لترّاكُ الضغينة ِ قدْ أرى
قداها منَ المولى ، فلا أستثيرها

وَقُورٌ إذا مَا الجَهْلُ أعْجَبَ أهْلَهُ
وَمِن خَيرِ أخْلاقِ الرّجالِ وُقُورُهَا

وَقَدْ يَئِسَ الأعداءُ أنْ يَستَفِزّني
قِيَامُ الأُسُودِ، وَثْبُهَا وَزَئِيرُها

وَيَوْمٍ مِنَ الشّعْرَى كَأنّ ظِبَاءَهُ
كواعبُ مقصورٌ عليها ستورها

عَصَبْتُ لَهُ رَأسي، وَكَلّفتُ قَطعَه
هنالكَ حرجوجاً، بطيئاً فتورها

تَدَلّتْ عَلَيْهِ الشّمْسُ حتى كأنّها
منَ الحرّ ترمى بالسّكينة ِ قورها

وَمَاءٍ صَرى ً لمْ ألْقَ إلاّ القَطَا بِهِ،
وَمَشهورَة َ الأطَواقِ، وُرْقاً نحُورُهَا

كَأنّ عَصِيرَ الضَّيْحِ، في سَدَيَانِهِ،
دفوفاً وأسداماً، طويلاُ دثورها

وليلٍ، يقولُ القومُ من ظلماتهِ:
سَوَاءٌ بَصِيرَاتُ العُيُونِ وَعُورُهَا

كَأنّ لَنَا مِنْهُ بُيُوتاً حَصِينَة ً،
مُسُوحٌ أعَاليهَا وَسَاجٌ كُسُورُهَا

تَجَاوَزْتُهُ حَتّى مَضَى مُدْلَهِمُّهُ،
ولاحَ منَ الشمسِ المضيئة ِ نورها