أتارِكَة ٌ تدَلَلّهَا قَطامِ، - النابغة الذبياني

أتارِكَة ٌ تدَلَلّهَا قَطامِ،
وضِنّاً بالتّحِيّة ِ والكَلامِ

فإنْ كانَ الدّلالَ، فلا تَلَجّي؛
وإنْ كانَ الوَداعَ، فبالسّلامِ

فلو كانتْ ، غداة َ البينِ ، منتْ ،
وقد رَفَعُوا الخدُورَ على الخِيامِ

صفحتُ بنظرة ٍ ، فرأيتُ منها ،
تُحَيْتَ الخِدْرِ، واضِعَة َ القِرامِ

ترائبَ يستضيءُ الحليُ فيها ،
كجمرِ النارِ بذرَ بالظلامِ

كأنّ الشّذْرَ والياقوتَ، منها،
على جَيْداءَ فاتِرَة ِ البُغامِ

خلتْ بغزالها ، ودنا عليها
أراكُ الجزْعِ، أسْفَلَ مِن سَنامِ

تَسَفُّ بَريرَهُ، وتَرودُ فيهِ،
إلى دُبُرِ النّهارِ، مِنَ البَشَامِ

كأنّ مُشَعْشَعاً مِنْ بُصرَى ،
نَمَتْهُ البُخْتُ، مَشدودَ الختامِ

نَمَينَ قِلالَهُ مِنْ بَيتِ راسٍ
إلى لقمانَ ، في سوقٍ مقامِ

غذا فضتْ خواتمهُ علاهُ
يَبيسُ القُّمَّحانِ، منَ المُدامِ

على انيابها بغريضِ مزنٍ ،
تَقَبّلَهُ الجُباهُ مِنَ الغَمامِ

فأضحتْ في مداهنَ بارداتٍ ،
بمنطلقِ الجنوبِ ، على الجهامِ

تلذُّ لطعمهِ ، وتخالُ فيهِ ،
إذا نَبّهْتَها، بَعدَ المنَامِ

فدعها عنكَ ، إذْ شطتْ نواها ،
ولَجّتْ، مِنْ بعادِكَ، في غرامِ

ولكنْ ما أتاكَ عن ابنِ هِنْدٍ،
منَ الحزمِ المبينِ ، والتمامِ

فداءٌ ، ما تقلّ النعلُ مني
إلى أعلى الذؤابة ِ ، للهمامِ

ومَغزاهُ قَبائِلَ غائِظاتٍ،
على الذِّهْيَوْطِ، في لَجِبٍ لهامِ

يُقَدْنَ مَعَ امرىء ٍ يَدَعُ الهُوَيْنا،
و يعمدُ للمهماتِ العظامِ

أعينِ على العدوّ ، بكلّ طرفٍ ،
وسَلْهَبَة ٍ تُجَلَّلُ في السِّمَامِ

وأسْمَرَ مارِنٍ، يَلتاحُ، فيه،
سِنانٌ، مثلُ نِبراسِ النِّهامِ

وأنْبَأهُ المُنَبّىء ُ أنّ حَيّاً
حُلُولاً مِنْ حَرامٍ، أو جُذامِ

و أنّ القومَ نصرهمُ جميعٌ ،
فِئَامٌ مُجْلِبُونَ إلى فِئَامِ

فأوردهنّ بطنَ الأتمِ ، شعثاً ،
يَصُنَّ المَشْيَ كالحِدَإ التُّوَامِ

على إثرِ الأدلة ِ والبغايا ،
و خفقِ الناجياتِ منَ الشآمِ

فباتُوا ساكِنينَ، وباتَ يَسري،
يقربهمْ لهُ ليلُ التمامِ

فَصَبّحَهُمْ بها صَهْباءَ صِرْفاً،
كأنّ رؤوسهمْ بيضُ النعامِ

فذاقَ المَوْتَ مَنْ بَرَكَتْ عَلَيْهِ،
و بالناجينَ أظفارٌ دوامِ

وهُنّ، كأنّهُنّ نِعاجُ رَمْلٍ،
يسوينَ الذيولَ على الخدامِ

يُوَصّينَ الرّواة َ، إذا ألَمّوا،
بشُعْثٍ مُكْرَهِينَ على الفِطامِ

و أضحى ساطعاً بجبالِ حمسى ،
دُقاقُ التُّرْبِ، مُخْتَزِمُ القَتامِ

فهمّ الطالبونَ ليدركوهُ ،
وما رامُوا بذلكَ مِنْ مَرامِ

إلى صَعْبِ المقادَة ِ، ذي شَريسٍ،
نماهُ ، في فروعِ المجدِ ، نامِ

أبُوهُ قَبْلَهُ، وأبُو أبيهِ،
بَنَوا مَجدَ الحياة ِ على إمامِ

فدوختَ العراقَ ، فكلُّ قصرٍ
يجللُ خندقٌ منهُ ، وحامِ

وما تَنفَكّ مَحْلُولاً عُراها،
على متناذرِ الأكلاءِ ، طامِ