أطلال مية بالتلاع فمثقب - بشرُ بنُ أَبي خازِم

أَطلالُ مَيَّةَ بِالتِلاعِ فَمِثقَبِ
أَضحَت خَلاءً كَاِطِّرادِ المُذهَبِ

ذَهَبَ الأُلى كانوا بِهِنَّ فَعادَني
أَشجانُ نَصبٍ لِلظَعائِنِ مُنصِبِ

فَاِنهَلَّ دَمعي في الرِداءِ صَبابَةً
إِثرَ الخَليطِ وَكُنتُ غَيرَ مُغَلَّبِ

فَكَأَنَّ ظُعنَهُمُ غَداةَ تَحَمَّلوا
سُفُنٌ تَكَفَّأُ في خَليجٍ مُغرَبِ

وَلَقَد أُسَلّي الهَمَّ حينَ يَعودُني
بِنَجاءِ صادِقَةِ الهَواجِرِ ذِعلِبِ

حَرفٍ مُذَكَّرَةٍ كَأَنَّ قُتودَها
بَعدَ الكَلالِ عَلى شَتيمٍ أَحقَبِ

جَونٍ أَضَرَّ بِمُلمِعٍ يَعلو بِها
حَدَبَ الإِكامِ وَكُلَّ قاعٍ مُجدِبِ

يَنوي وَسيقَتَها وَقَد وَسَقَت لَهُ
ماءَ الوَسيقَةِ في وِعاءٍ مُعجِبِ

فَتَصُكُّ مَحجِرَهُ إِذا ما اِستافَها
وَجَبينَهُ بِحَوافِرٍ لَم تُنكَبِ

وَتَشُجُّ بِالعَيرِ الفَلاةَ كَأَنَّها
فَتخاءُ كاسِرَةٌ هَوَت مِن مَرقَبِ

وَالعَيرُ يُرهِقُها الخَبارُ وَجَحشُها
يَنقَضُّ خَلفَهُما اِنقِضاضَ الكَوكَبِ

فَعَلاهُما سَبطٌ كَأَنَّ ضَبابَهُ
بِجُنوبِ صاراتٍ دَواخِنُ تَنضُبِ

فَتَجارَيا شَأواً بَطيناً ميلُهُ
هَيهاتَ شَأوُهُما وَشَأوُ التَولَبِ

أَو شِبهُ خاضِبَةٍ كَأَنَّ جَناحَها
هِدمٌ تَجاسَرُ في رِئالٍ خُضَّبِ

فَإِلى اِبنِ أُمِّ إِياسَ عَمرٍو أَرقَلَت
رَتَكَ النَعامَةِ في الجَديبِ السَبسَبِ

أَرمي بِها الفَلَواتِ ضامِزَةً إِذا
سَمَعَ المُجِدُّ بِها صَريرَ الجُندُبِ

حَتّى حَلَلتُ نُسوعَ رَحلِ مَطِيَّتي
بِفَناءِ لا بَرِمٍ وَلا مُتَغَضِّبِ

بَحرٍ يَفيضُ لِمَن أَناخَ بِبابِهِ
مِن سائِلٍ وَثِمالِ كُلِّ مُعَصَّبِ

وَلَأَنتَ أَحيا مِن فَتاةٍ غالَها
حَذَرٌ وَأَشجَعُ مِن هَموسٍ أَغلَبِ

الحافِظُ الحَيَّ الجَميعَ إِذا شَتَوا
وَالواهِبُ القَيناتِ شِبهُ الرَبرَبِ

وَالمانِحُ المِئَةَ الهِجانَ بِأَسرِها
تُزجى مَطافِلُها كَجَنَّةِ يَثرِبِ

وَلَرُبَّ زَحفٍ قَد سَمَوتَ بِجَمعِهِ
فَلَبِستَهُ رَهواً بِأَرعَنَ مُطنِبِ

بِالقَومِ مُجتابي الحَديدِ كَأَنَّهُم
أُسدٌ عَلى لُحُقِ الأَياطِلِ شُزَّبِ