بان الخليط ولم يوفوا بِما عهِدوا - بشرُ بنُ أَبي خازِم

بانَ الخَليطُ وَلَم يوفوا بِما عَهِدوا
وَزَوَّدوكَ اِشتِياقاً أَيَّةً عَمَدوا

شَقَّت عَلَيكَ نَواهُم حينَ رِحلَتِهِم
فَأَنتَ في عَرَصاتِ الدارِ مُقتَصَدُ

لَمّا أُنيخَت إِلَيهِم كُلُّ آبِيَةٍ
جَلسٍ وَنُفِّضَ عَنها التامِكُ القَرِدُ

كادَت تُساقِطُ مِنّي مُنَّةً أَسَفاً
مَعاهِدُ الحَيِّ وَالحُزنُ الَّذي أَجِدُ

ثُمَّ اِغتَرَرتُ عَلى عَنسٍ عُذافِرَةٍ
سِيٌّ عَلَيها خَبارُ الأَرضِ وَالجَدَدُ

كَأَنَّها بَعدَ ما طالَ الوَجيفُ بِها
مِن وَحشِ خُبَّةَ مَوشِيُّ الشَوى فَرِدُ

طاوٍ بِرَملَةِ أَورالٍ تَضَيَّفَهُ
إِلى الكِناسِ عَشِيٌّ بارِدٌ صَرِدُ

فَباتَ في حَقفِ أَرطاةٍ يَلوذُ بِها
كَأَنَّهُ في ذُراها كَوكَبٌ يَقِدُ

يَجري الرَذاذُ عَلَيهِ وَهوَ مُنكَرِسٌ
كَما اِستَكانَ لِشَكوى عَينِهِ الرَمِدُ

باتَت لَهُ العَقرَبُ الأولى بِنَثرَتِها
وَبَلَّهُ مِن طُلوعِ الجَبهَةِ الأَسَدُ

فَفاجَأَتهُ وَلَم يَرهَب فُجاءَتَها
غُضفٌ نَواحِلُ في أَعناقِها القِدَدُ

مَعروقَةُ الهامِ في أَشداقِها سَعَةٌ
وَلِلمَرافِقِ فيما بَينَها بَدَدُ

فَأَزعَجَتهُ فَأَجلى ثُمَّ كَرَّ لَها
حامي الحَقيقَةِ يَحمي لَحمَهُ نَجِدُ

فَمارَسَتهُ قَليلاً ثُمَّ غادَرَها
مُجَرَّبُ الطَعنِ فَتّالٌ لَها جَسَدُ

أَذاكَ أَم تِلكَ لا بَل تِلكَ تَفضُلُهُ
غِبَّ الوَجيفِ إِذا ما أَرقَلَت تَخِدُ

لَمّا تَخالَجَتِ الأَهواءُ قُلتُ لَها
حَقٌّ عَلَيكِ دُؤوبُ اللَيلِ وَالسَهَدُ

حَتّى تَزوري بَني بَدرٍ فَإِنَّهُمُ
شُمُّ العَرانينِ لا سودٌ وَلا جُعُدُ

لَو يوزَنونَ كِيالاً أَو مُعايَرَةً
مالوا بِرَضوى وَلَم يَعدِلهُمُ أُحُدُ

القاعِدينَ إِذا ما الجَهلُ قيمَ بِهِ
وَالثاقِبينَ إِذا ما مَعشَرٌ خَمِدوا

لا جارُهُم يَرهَبُ الأَحداثَ وَسطَهُمُ
وَلا طَريدُهُمُ ناجٍ إِذا طَرَدوا

وَما حَسَدتُ بَني بَدرٍ نَصيبَهُمُ
في الخَيرِ دامَ لَهُم مِن غَيرِيَ الحَسَدُ