لمن الديار غشيتها بالأنعم - بشرُ بنُ أَبي خازِم

لَمِنَ الدِيارُ غَشيتُها بِالأَنعُمِ
تَبدو مَعارِفُها كَلَونِ الأَرقَمِ

لَعِبَت بِها ريحُ الصَبا فَتَنَكَّرَت
إِلّا بَقِيَّةَ نُؤيِها المُتَهَدِّمِ

دارٌ لِبَيضاءِ العَوارِضِ طَفلَةٍ
مَهضومَةِ الكَشحَينِ رَيّا المِعصَمِ

سَمِعَت بِنا قيلَ الوُشاةِ فَأَصبَحَت
صَرَمَت حِبالَكَ في الخَليطِ المُشئِمِ

فَظَلِلتَ مِن فَرطِ الصِبابَةِ وَالهَوى
طَرِفاً فُؤادُكَ مِثلَ فِعلِ الأَهيَمِ

لَولا تُسَلّي الهَمَّ عَنكَ بِجَسرَةٍ
عَيرانَةٍ مِثلِ الفَنيقِ المُكدَمِ

زَيّافَةٍ بِالرَحلِ صادِقَةِ السُرى
خَطّارَةٍ تَهِصُ الحَصا بِمُلَثَّمِ

سائِل تَميماً في الحُروبِ وَعامِراً
وَهَلِ المُجَرِّبُ مِثلُ مَن لا يَعلَمُ

غَضِبَت تَميمٌ أَن تُقَتَّلَ عامِرٌ
يَومَ النِسارِ فَأُعقِبوا بِالصَيلَمِ

كُنّا إِذا نَعَروا لِحَربٍ نَعرَةً
نَشفي صُداعَهُمُ بِرَأسٍ صِلدَمِ

نَعلو القَوانِسَ بِالسُيوفِ وَنَعتَزي
وَالخَيلُ مُشعَلَةُ النُحورِ مِنَ الدَمِ

يَخرُجنَ مِن خَلَلِ الغُبارِ عَوابِساً
خَبَبَ السِباعِ بِكُلِّ أَكلَفَ ضَيغَمِ

مِن كُلِّ مُستَرخي النِجادِ مُنازِلٍ
يَسمو إِلى الأَقرانِ غَيرَ مُقَلَّمِ

فَفَضَضنَ جَمعَهُمُ وَأَفلَتَ حاجِبٌ
تَحتَ العَجاجَةِ في الغُبارِ الأَقتَمِ

وَرَأَوا عُقابَهُمُ المُدِلَّةَ أَصبَحَت
نُبِذَت بِأَفضَحَ ذي مَخالِبَ جَهضَمِ

أَقصَدنَ حُجراً قَبلَ ذَلِكَ وَالقَنا
شُرُعٌ إِلَيهِ وَقَد أَكَبَّ عَلى الفَمِ

يَنوي مُحاوَلَةَ القِيامِ وَقَد مَضَت
فيهِ مَخارِصَ كُلِّ لَدنٍ لَهذَمِ

وَبَنو نُمَيرٍ قَد لَقينا مِنهُمُ
خَيلاً تَضِبُّ لِثاتُها لِلمَغنَمِ

فَدَهِمنَهُم دَهماً بِكُلِّ طِمِرَّةٍ
وَمُقَطِّعٍ حَلَقَ الرِحالَةِ مِرجَمِ

وَلَقَد خَبَطنَ بَني كِلابٍ خَبطَةً
أَلصَقنَهُم بِدَعائِمِ المُتَخَيِّمِ

وَصَلَقنَ كَعباً قَبلَ ذَلِكَ صَلقَةً
بِقَناً تَعاوَرُهُ الأَكُفُّ مُقَوَّمِ

حَتّى سَقَينا الناسَ كَأساً مُرَّةً
مَكروهَةً حُسُواتُها كَالعَلقَمِ