أَصوت مناد من رميلة تسمع - بشرُ بنُ أَبي خازِم

أَصَوتَ مُنادٍ مِن رُمَيلَةَ تَسمَعُ
بِغَولٍ وَدوني بَطنُ فَلجٍ فَلَعلَعُ

أَمِ اِستَحقَبَ الشَوقَ الفَؤادُ فَإِنَّني
وَجَدِّكَ مَشعوفٌ بِرَملَةَ موجَعُ

يَظَلُّ إِذا حَلَّت بِأَكنافِ بيشَةٍ
يَهيمُ بِها بَعدَ الكَرى وَيُفَزَّعُ

إِذا اِختَلَجَت عَيني أَقولُ لَعَلَّها
فَتاةُ بَني عَمرٍو بِها العَينُ تَلمَعُ

وَعِشتُ وَقَد أُفني طَريفي وَتالِدي
قَتيلَ ثَلاثٍ بَينَهُنَّ أُضَرَّعُ

فَإِنَّ سِقاطَ الخَمرِ كانَت خَبالَهُ
قَديماً فَلوموا شارِبَ الخَمرِ أَو دَعوا

وَحُبُّ القِداحِ لا يَزالُ مُنادِياً
إِلَيها وَإِن كانَت بِلَيلٍ تَقَعقَعُ

نِغاءُ الحِسانِ المُرشِقاتِ كَأَنَّها
جَآذِرُ مِن بَينِ الخُدورُ تَطَلَّعُ

فَكَلَّفتُ ما عِندي وَإِن كُنتُ عامِداً
مِنَ الوَجدِ كَالثَكلانِ بَل أَنا أَوجَعُ

أَموناً كَدُكّانِ العِبادِيِّ فَوقَها
سَنامٌ كَجُثمانِ البَلِيَّةِ أَتلَعُ

تَراها إِذا ما الآلُ خَبَّ كَأَنَّها
فَريدٌ بِذي بُركانَ طاوٍ مُلَمَّعُ

لَهُ كُلَّ يَومٍ نَبأَةٌ مِن مُكَلِّبٍ
تُريهِ حِياضَ المَوتِ ثُمَّتَ تُقلَعُ

فَفاجَأَهُ مِن أَوَّلِ الرَأيِ غُدوَةً
وَلَمّا يُسَكِّنهُ إِلى الأَرضِ مَرتَعُ

فَجالَ عَلى نَفرٍ تَعَرُّضَ كَوكَبٍ
وَقالَ دونَ النَقعِ وَالنَقعُ يَسطَعُ

بِأَكلِبَةٍ زُرقٍ ضَوارٍ كَأَنَّها
خَطاطيفُ مِن حَولِ الطَريدَةِ تَلمَعُ

إِذا قُلتَ قَد أَدرَكنَهُ كَرَّ خَلفَها
بِنافِذَةٍ كُلّاً تُفيتُ وَتَصرَعُ

يَخُشُّ بِمِدراهُ القُلوبَ كَأَنَّها
بِهِ ظَمَأٌ مِن داخِلِ الجَوفِ يُنقَعُ

بِأَسحَمَ لَأمٍ زانَهُ فَوقَ رَأسِهِ
كَما نَفَذَت هِندِيَّةٌ لا تَصَدَّعُ