هاجَ المَنازِلُ رِحلة َ المُشتاقِ - سلامة بن جندل

هاجَ المَنازِلُ رِحلة َ المُشتاقِ
دِمَنٌ وآياتٌ لَبِثْنَ بَواقي

لَبِسَ الروامسُ والجديدُ بِلاهما
فتركنَ مثلَ المهرقِ الأخلاقِ

للحارثيَّة ِ ، قَبلَ أن تَنأى النَّوى
بِهِمِ ، وإِذ هيَ لا تُريدُ فِراقي

ومَجَرُّ سارِية ٍ تَجُرُّ ذُيولَها
نوسَ النعامِ، تناطُ بالأعناقِ

مِصرِيَّة ٍ ، نَكباءَ أعرَضَ شَيمُها
بأشابة ٍ، فزرودَ، فالأفلاقِ

هَتكَتْ على عُوذِ النِّعَاجِ بُيوتَها
فيقمعنَ للركباتِ، والأوراقِ

فتَرَى مَذانِبَ كُلِّ مَدفَعِ تَلْعة ٍ
عجلتْ سواقها من الإتآقِ

فكأَنَّ مَدفَعَ سَيل كُلِّ دَميثة ٍ
يعطى بذي هدبٍ، من الأعلاقِ

منْ نسجِ بصرى والمدائن. نشرتْ
للبيع يوم تحضُّرِ الأسواقِ

فوقفتُ فيها ناقتي، فتحنَّنتْ
لِهَوَى الرَّواحِ ، تَتُوقُ كُلَّ مَتاقِ

حتّى إِذا هيَ لم تُبِنْ لِمُسائلٍ

أَرسَلتُ هَوجاءَ النَّجاءِ ، كأنَّها
إذْ همَّ أسفلُ حشوها بنفاقِ

متخرّفٌ، سلبَ الربيعُ رداءهُ
صخبُ الظلامِ، يجيبُ كلَّ نهاقِ

منْ أخدِ ريَّاتِ الدَّنا، التفعتْ لهُ
بُهْمَى النِّقاعِ ، وَلَجَّ في إِحناقِ

صخبُ الشواربِ والوتينِ، كأنَّه
مما يُغَرِّدُ مَوهِنا بِخِناقِ

في عانة ٍ شُسُبٍ ، أَشَدَّ جِحاشَها ،
شُزُبٍ ، كأَقواسِ السَّراءِ ، دِقاقِ

وكأنَّ ريقتها، إذا نبَّتها،
كأسٌ ، يُصَفِّقُها لِشُربٍ ساقي

صِرْفٌ ، تَرَى قَعرَ الإِناءِ وَرَاءَهَا
تودي بعقلِ المرءِ قبلَ فواقِ

ينسى للذَّتها أصالة َ حلمهِ
فيَظَلُّ بَينَ النَّومِ والإِطراقِ

فتَرَى النِّعاجَ بِها ، تَمشَّى خِلْفة ً
مشي العباديّينَ في الأمواقِ

يسمرنَ وحفاً، فوقه ماءُ النَّدى ،
والنَّبتَ، كلَّ علاقة ٍ ونطاقِ

ولقد هبطتُ الغيثَ، حلَّ به النَّدى
يرففنَ فاضلهُ على الأشداقِ

أَهدِي بهِ سَلَفا ، يَكونُ حَدِيثُهُمْ
خَطَرا ، وذِكرَ تَقَامِرٍ وسِباقِ

حتى إذا جاءَ المثوبُ، قدْ رأى
أسداً، وطالَ نواجذُ المفراقِ

لَبِسوا ، مِنَ الماذِيِّ ، كُلَّ مُفاضة ٍ
كالنّهِي ، يَومَ رياحِهِ ، الرَّقراقِ

منْ نسجِ دوادٍ، وآلِ محرقٍ
غالٍ غَرائبُهُنَّ في الاڑفاقِ

ومنَحتُهُم نَفسي ، وآمِنة َ الشَّظَى
جَرداءَ ، ذاتَ كَرِيهة ٍ ونِزاقِ

كالصَّعدة ِ الجرداءِ، آمنَ خوفها
لطفُ الدَّواءِ، وأكرمُ الأعراقِ

تشأى الجيادَ، فيعترينَ لشأوها
وإِذا شأَوا لحِقَتْ بحُسنِ لَحاقِ

وأَصَمَّ صَدقا ، مِن رِماحِ رُدَينة ٍ
بيدي غلامِ كريهة ٍ، مخراقِ

شاكٍ، يشدُّ على المضافِ، ويدَّعي
إذْ لاتوافقُ شعبتا الإيفاقِ

إني امرؤ، من عصبة ٍ سعديَّة ٍ
ذر بى الأسنَّة ِ كلَّ يومِ تلاقي

لا يَنظُرونَ إِذا الكَتِيبة ُ أَحجَمَتْ
نظرَ الجمالِ، كربنَ بالأوساقِ

يكفونَ غاسبهمْ، ويقضى أمرهمْ
في غيرِ نقصٍ منهمُ، وشقاقِ

والخَيلُ تَعلمُ مَن يَبُلُّ نُحورَها
بدَمٍ ، كماءِ العَنْدَمِ المُهرَاقِ