لم أر مثل الفتيان في غبن ال - عدي بن زيد

لَم أَرَ مِثلَ الفِتيانِ في غَبَنِ ال
أيّامِ يَنسونَ ما عَواقِبُها

يَنسونَ إِخوانَهُم وَمَصرَعَهُم
وَكَيفَ تَعتاقُهُم مَخالِبُها

ماذا تَرَجّي النُفوسُ مِن طَلَبِ الخَيْ
ر وَحُبُّ الحَياةِ كارِبُها

تَظُنُّ أَن لَن يُصيبَها عَنَتُ الدَه
ر وَرَيبُ المَنونِ صائِبُها

ما بَعدَ صَنعاءَ كانَ يَعمُرُها
وُلاةُ مُلكٍ جَزلٌ مَواهِبُها

رَفَّعَها مَن بَني لَدى قَزَعِ ال
مُزنِ وَتَندى مِسكاً مَحارِبُها

مَحفوفَةٌ بِالجِبالِ دونَ عُرى
الكائِدِ ما تُرتَقى غَوارِبُها

يَأنَسُ فيها صَوتُ النُهامِ إِذا
جاوَبَها بِالعَشِيِّ قاصِبُها

ساقَت إِلَيها الأَسبابُ جُندَ بَني الْ
أحرارِ فُرسانُها مَواكِبُها

وَفُوِّزَت بِالبِغالِ توسَقُ بِالْ
حتفِ وَتَسعى بِها تَوالِبُها

حَتّى رَآها الأقوال مِن طَرَفِ ال
مُنقَلِ مُخضَرَّةً كَتائِبُها

يَومَ يُنادونَ آلَ بَربَرَ وال
يَكسومُ لا يُفلِتَنَّ هارِبُها

فَكانَ يَومٌ باقي الحَديثِ وَزا
لَت أُمَّةٌ ثابِتٌ مَراتِبُها

وَبُدِّلَ الفَتحُ بِالزَرافَةِ وَالْ
أيَام جونٌ جَمٌّ عَجائِبُها

بَعدَ بَني تُبَّعٍ نَخاوِرَةً
قَدِ اِطمَأَنَّت بِها مَرازِبُها

وَالحَضرُ صابَت عَلَيهِ داهِيَةٌ
من فَوقِهِ أَيِّدٌ مَناكِبُها

رَبِيَّةٌ لَم تُوَقِّ وَالِدَها
يُحِبُّها إِذ أَضاعَ راقِبُها

إِذ غَبَقَتهُ صَهباءَ صافِيَةً
وَالخَمرُ وَهلٌ يَهيمُ شارِبُها

وَأَسلَمَت أَهلَها بِلَيأَتِها
تَظُنُّ أَنَّ الرَئيسَ خاطِبُها

في لَيلِةٍ لا يُرى بِها أَحَدٌ
يَحكي عَلَيها إِلّا كَواكِبُها

فَكانَ حَظُّ العَروسِ إِذ جَشَر الْ
صُبحُ دِماءً تَجري سَبائِبُها

وَخُرِّبَ الحَضرُ وَاِستُبيحَ وَقَد
أُحرِقَ في خِدرِها مَشاجِبُها