ترى علمتْ عبيلة ُ ما ألاقي - عنترة بن شداد

ترى علمتْ عبيلة ُ ما ألاقي
من الأَهوال في أرضِ العراقِ

طغاني بالرَّيا والمكرعمّي
وجارَ عليَّ في طلب الصداق

فخضتُ بمهجتي بحر المنايا
وسرتُ إلى العراق بلاَ رفاق

وسُقْتُ النُّوقَ والرُّعْيانَ وحدي
وعُدْتُ أجدُّ منْ نار اشْتياقي

وما أبعدتُ حتى ثار خلفي
غبارُ سنابكِ الخيلِ العتاقِ

وطبقَ كلّ ناحية ٍ غبارٌ
وأشعلَ بالمهندة ِ الرفاق

وضَجَّتْ تَحتهُ الفُرسانُ حتى
حسبتُ الرعدَ محلولَ النطاق

فعُدْتُ وقد عَلِمْتُ بأَنَّ عمّي
طغاني بالمحال وبالنفاق

وبادرت الفوارسُ وهي تجري
بطعنٍ في النحور وفي التراقي

وما قَصَّرتُ حتى كَلَّ مُهري
وقَصَّرَ في السِّباق وفي اللّحاق

وسُقْتُ النُّوقَ والرُّعْيانَ وحدي
بسيفي مثل سوقي للنياق

وفي باقي النهار ضعفت حتى
أسرتُ وقد عيي عضدي وساقي

وفاضَ عليَّ بحرٌ من رجالٍ
بأَمواجٍ من السُّمْر الدّقاق

وقادُوني إلى ملكٍ كريمٍ
رفيعٌ قدرهُ في العزَّ راقي

قَدْ لاَقَيْتُ بينَ يديهِ ليثاً
كريهَ المُلْتقى مُرَّ المذَاق

بوجْهٍ مثْلِ ظهر التُّرس فيهِ
لهيب النار يلمع فى المآقى

قطعت وريده بالسيف جذرا
وعدتُّ اليهِ أححلُ في وثاقي

عَساهُ يجودُ لي بمُرادِ عَمِيّ
وينعمُ بالجمالِ وبالنياق