إذا كان أمرُ الله أمراً يُقَدّر - عنترة بن شداد

إذا كان أمرُ الله أمراً يُقَدّر
فكيفَ يفرُّ المرءُ منْه ويحذَرُ

ومن ذا يردُّ الموتَ أو يدفعُ القضا
وضرْبتُهُ محْتُومة ٌ ليس تعثرُ

لَقد هانَ عِنْدي الدَّهْرُ لمَّا عرفْتُهُ
وإني بما تأْتي المُلمَّاتُ أخبَرُ

وليس سباعُ البَرّ مثْلَ ضِباعِهِ
ولاَ كلُّ مَنْ خاض العَجاجة َ عَنْتَرُ

سلُوا صرْفَ هذَا الدَّهْر كمْ شَنَّ غارة ً
ففرَّجْتُها والمَوْتُ فيها مشَمِّرُ

بصارم عَزْمٍ لوْ ضرَبتُ بحَدِّهِ
دُجى اللَّيل ولَّى وهو بالنَّجْم يَعثُر

دعوني أجدُّ السَّعي في طلب العُلا
فأُدْرِكَ سُؤْلي أو أمُوتَ فأُعذَرُ

ولاَ تختشوا مما يقدرُ في غدٍ
فما جاءَنا منْ عالم الغيبِ مخبرُ

وكمْ منْ نَذِيرٍ قدْ أَتَانا محذِّراً
فكانَ رسولاً في السُّرور يبَشّر

قفي وانظري يا عبلَ فعلي وعايني
طِعاني إذَا ثَارَ العَجاجُ المكدّر

تري بطلاً يلقى الفوارسَ ضاحكاً
ويرجَعُ عنْهمْ وهو أشعثُ أَغْبَرُ

ولا ينثني حتى يخلى جماجماً
تَمرُّ بنها ريحُ الجَنوبِ فتَصْفر

وأجْسادَ قوْمٍ يَسكنُ الطَّيْرُ حَولَها
إلى أن يرى وحشَ الفلاة ِ فينفر