جازتْ ملماتُ الزَّمانِ حدودها - عنترة بن شداد

جازتْ ملماتُ الزَّمانِ حدودها
واسْتَفْرغَتْ أيَّامُها مجهُودَها

وقضت علينا بالمنونِ فعوَّضتْ
بالكرهِ منْ بيضِ الليالي سُودها

بالله ما بالُ الأَحبَّة ِ أعْرضَتْ
عنَّا ورامتْ بالفراقِ صُدودها

رضيتُ مصاحبة َ البلى واستوطنتْ
بَعْد البُيُوتِ قُبُورَها ولحُودها

حرصتْ على طولِ البقاءِ وإنما
مبدي النفوس أبادها ليعيدَها

عبثتْ بها الأيامُ حتى أوثقت
أيدي البِلى تحْتَ التُّرابِ قيودها

فكأنما تلكُ الجسومُ صوارمٌ
نحت الحمامِ من اللحودِ غمودها

نَسَجَتْ يَدُ الأَيّامِ منْ أكْفانَها
حللاً وألقتْ بينهنّ عقودها

وكسا الرّبيعُ رُبُوعَهَا أَنْوَارَهُ
لما سقتها الغادياتُ عهودها

وسرى بها نشرُ النسيم فعطرتْ
نفحاتُ أرواحِ الشَّمالِ صَعيدَها

هل عيشة ٌ طابَتْ لنا إلاّ وقد
أبْلى الزَّمانُ قديمَها وجديدَها

أو مقلة ٌ ذاقت كراها ليلة ً
إلاّ وأعقبتِ الخطوبُ هُجُودَها

أو بنية ٌ للمجدِ شيدَ أساسها
إلاّ وقد هَدَمَ القضاءُ وطيدَها

شقّتْ على العَليا وفاة ُ كريمة ٍ
شقّتْ عليها المكْرماتُ بُرُودها

وعزيزَة ٍ مفْقودة ٍ قد هوَّنتْ
مُهَجُ النّوافلِ بعدها مفقُودَها

ماتتْ ووُسِّدَتِ الفَلاَة َ قتيلة ً
يا لهْفَ نفسِي إذْ رأتْ توْسيدَها

يا قيْسُ إنّ صدُورَنا وَقَدتْ بها
نارٌ بأَضْلُعنا تَشُبُّ وقودَها

فانهضْ لأخذِ الثاّر غير مقصِّر
حتى تُبيد من العداة ِ عديدها