أعاذلَ قُومي فاعذلي الآنَ أوْ ذَري - لبيد بن ربيعة العامري

أعاذلَ قُومي فاعذلي الآنَ أوْ ذَري
فلستُ وإنْ أقصرتِ عنّي بمقصرِ

أعاذِلَ لا واللهِ ما منْ سلامة ٍ
وَلَوْ أشفقتْ نَفْسُ الشّحيحِ المُثمِّرِ

أقي العِرْضَ بالمَالِ التِّلادِ وأشْتَري
بهِ الحَمدَ إنَّ الطّالبَ الحمدَ مُشترِي

وكَمْ مُشترٍ من مالِهِ حُسنَ صِيِتهِ
لأيّامِهِ في كُلِّ مَبْدى ً ومَحْضَرِ

أُباهي بهِ الأكفاءَ في كلِّ مَوْطِنٍ
وأقضي فُرُوضَ الصَّالحينَ وَأقْتَرِي

فإمّا تريني اليومَ عندكِ سالِماً
فلستُ بأحْيا مِنْ كلابٍ وجعفرِ

وَلا منْ أبي جزءٍ وجاريْ حمومة ٍ
قَتيلِهِمَا والشّارِبِ المُتَقَطِّرِ

ولا الأحْوَصينِ في لَيالٍ تتابعَا
وَلا صاحبِ البَّراضِ غيرِ المغمَّرِ

وَلا مِنْ رَبيعِ المقترينَ رزئْتُهُ
بذي علقٍ فاقنيْ حياءَكِ واصْبرِي

وقيسِ بنِ جزءٍ يومَ نادى صحابهُ
فعاجُوا عليهِ من سواهمَ ضمَّرِ

طوتْهُ المَنَايَا فوقَ جرداءَ شطبة ٍ
تَدِفُّ دَفيفَ الرَّائحِ المُتَمَطِّرِ

فباتَ وَأسْرَى القَوْمُ آخِرَ لَيلِهِمْ
وما كانَ وقّافاً بدارِ معصّرِ

وبالفُورَة ِ الحَرَّابُ ذو الفَضْلِ عامِرٌ
فَنِعْمَ ضِياءُ الطّارِقِ المُتَنَوِّرِ

ونِعْمَ مُنَاخُ الجارِ حَلَّ بِبَيْتِهِ
إذا ما الكعابُ أصبحتْ لم تسترِ

ومَنْ كانَ أهلَ الجودِ والحزْمِ والندى
عُبَيْدَة ُ والحامي لَدَى كلِّ محْجَرِ

وَسَلْمَى ، وسَلمَى أهلُ جودٍ ونائلٍ
متى يدعُ مولاهُ إلى النصرِ ينصرِ

وبَيْتُ طُفَيْلٍ بالجُنَيْنَة ِ ثاوِياً
وبَيتُ سُهَيْلٍ قد علِمتِ بصَوْءَرِ

فلمْ أرَ يوْماً كانَ أكثرَ باكياً
وحسناءَ قامتْ عن طرافٍ مجوّرِ

تَبُلُّ خُمُوشَ الوَجهِ كلُّ كريمَة ٍ
عَوانٍ وبِكْرٍ تَحْتَ قَرٍّ مُخَدَّرِ

وبالجرِّ مِنْ شرقيِّ حرسٍ مُحاربٌ
شُجاعٌ وذو عَقْدٍ منَ القَوْمِ مُحتَرِ

شهابُ حُروُبٍ لا تَزالُ جِيادُهُ
عَصائبَ رهْواً كالقَطا المُتَبَكِّرِ

وصاحبُ ملحوبٍ فجعنَا بيومهِ
وعندَ الرّداعِ بيتُ آخرَ كوثرِ

أُولئِكَ فابكي لا أبَا لَكِ وانْدُبي
أبَا حازِمٍ في كُلِّ يَوْمٍ مُذَكَّرِ

فشَيَّعَهُمْ حَمْدٌ وزانَتْ قُبورَهُمْ
سرارة ُ ريحانٍ بقاعٍ منوّرِ

وشمطَ بني ماءِ السماءِ ومردَهُمْ
فهَل بَعْدَهُمْ مِنْ خالدٍ أوْ مُعَمَّرِ

وَمَنْ فادَ مِن إخوانِهِمْ وبَنيهِمِ
كهولٌ وشبّانٌ كجنّة ِ عبقرِ

مَضَوْا سَلَفاً قَصْدُ السّبيلِ عَلَيهِمِ
بهيٌّ منَ السّلاّفِ ليسَ بحيدرِ

فكائِنْ رَأيْتُ مِنْ بَهاءٍ ومَنْظَرٍ
ومفتحِ قيدٍ للأسيرِ المكفّرِ

وكائنْ رأيْتُ منْ ملوكٍ وسوقَة ٍ
وراحلة ٍ شدّتْ برحْلٍ محبّرِ

وأفنى بَناتُ الدّهرِ أرْبابَ ناعطٍ
بمُسْتَمَعٍ دونَ السّماء ومَنْظَرِ

وبالحارِثِ الحرابِ فجعنَ قومَهُ
ولَوْ هاجَهُمْ جاءُوا بنَصْرٍ مُؤزَّرِ

وأهلَكْنَ يوماً ربَّ كندَة َ وابنهُ
وربَّ مَعَدٍّ بينَ خَبْتٍ وعَرْعَرِ

وأعوَصْنَ بالدُّوميّ من رَأسِ حِصْنِهِ
وأنزلْنَ بالأسبابِ ربَّ المشقرِ

وأخلَفْنَ قُسّاً ليتني ولوَ أنّني
وأعْيا على لُقْمَانَ حُكْمُ التّدَبُّرِ

فإنْ تسألِينا فيمَ نحنُ فإنّنَا
عَصافيرُ مِنْ هذا الأنامِ المُسَحَّرِ

عَبيدٌ لحيّ حِمْيَرٍ إنْ تَمَلّكُوا
وتَظلِمُنا عُمّالُ كسْرَى وقَيصرِ

وَنَحْنُ وَهُمْ ملكٌ لحِميرَ عَنْوَة ً
وما إنْ لَنا مِنْ سادَة ٍ غير حِميرِ

تبَابِعَة سَبْعُونَ مِنْ قَبلِ تُبَّعٍ
تولّوا جميعاً أزهراً بعدَ أزهَرِ

نَحُلُّ بِلاداً كُلُّهَا حُلَّ قَبْلَنَا
ونَرْجُو الفَلاحَ بَعْدَ عَادٍ وحِمْيرِ

وإنّا وإخواناً لَنا قدْ تتابعُوا
لكالمغتدي والرّائحِ المتهجّرِ

هَلِ النّفْسُ إلاَّ مُتعَة ٌ مُستَعارة ٌ
تُعَارُ فَتأتي رَبَّها فَرْطَ أشهُرِ