أرَبْعَ البـلى ! إنّ الخشـوعَ لَبـَـاد - أبو نواس
أرَبْعَ البـلى ! إنّ الخشـوعَ لَبـَـاد
عليكَ، وإنّي لم أخُنْكَ وِدَادي
رهينة أرْوَاحٍ، وصَوْبِ غوادي
و لا أدْرَأُ الضّـرّاءَ عـنْـكَ بـحِـيـلة ٍ
فما أنا منــها قَــائـلٌ لـسـُــعــادِ
و إن كنتَ مهجـورَ الفِـنا فَبمـا رمتْ
يدُ الدّهْرِ عن قوْسِ المنونِ فؤادي
و إن كنتَ قد بدّلْـتَ بؤسي بنعمــة ٍ ،
فقـد بُـدّلَتْ عيْــني قـذى ً بــرقـُــادِ
من الرَيح ما قامتْ، وإن هيَ أعصَفتْ
نهوُزٌ برأسٍ كالعَلاة ِ وهـادي
فكم حطَمَتْ من جَنْدلٍ بمفازَة ٍ،
وخاضَتْ كتيّارِ الفُراتِ بوَادِ
وما ذاكَ في جنبِ الأميرِ وزَوْرِهِ،
ليعْدلَ من عنْسي مدَبّ قُرادِ
رأيتُ لفضل في السماحـة ِ هِـمّـة ً ،
أطالتْ لعمـري غيظَ كـلّ جـوادِ
فتى ً لا تلوك الخمرُ شحمَة َ مالهِ،
و لـكـن أيـادٍ عُـوّدٌ وبــوادِ
تـرى الناس أفواجاً إلى بابِ دارهِ ،
كأنّهم رَجْـلاً دَبـى ً وجَــرادِ
فيومٌ لإلحاق الفقير بِذي الغِنى ،
ويـومُ رقـابٍ بوكِـرَتْ لـحَـصَـادِ
أظلّتْ عطاياهُ نِزاراً، وأشرفَتْ
على حِمْيَرٍ في دارِها ومُرَادِ
وكنّا، إذا ما الحائنُ الْجَدِّ غَرهُ
سَنى برق غـاوٍ ، أو ضجيـجُ رِعــادِ
تردّى له الفضلُ بن يحيَ بن خالدٍ
بماضي الظُّبى يزهاه طولُ نجادِ
أمامَ خميسٍ أُرْجُوانٍ كأنّهُ
فما هوَ إلاّ الدّهْـرُ يأتي بصرْفِـهِ ،
على كلّ مَنْ يَشْـقَـى بهِ ويُعـادي
سلامٌ على الدنْيـا ، إذا ما فُقِـدْتُمُ ،
بني برْمَـكٍ من رائـحـيـنَ وغـادِ
بفضلِ بن يحيَ أشرَقتْ سُبُلُ الهـدى
و أمّنَ ربّي خـوْفَ كـلّ بــلادِ
فدونكها يا فضلُ مني كريمة ً،
ثنَتْ لك عطفاً بعد عِزّ قيادِ
خليليَّـة ٌ فـي وزنـهـا قُـطُربــيّـة ٌ ،
نظائرُهَا عند الملوكِ عَتادي
وما ضَرّهَا أن لا تُعَدّ لِجرولٍ،
ولا الْمُزَني كعبٍ، ولا لزِيادِ