أأحبابَنَا، خطبُ التَّفرِق شاغلُ - أسامة بن منقذ

أأحبابَنَا، خطبُ التَّفرِق شاغلُ
عن العتب لكن جاش بالكمد الصدر

لأسرع ما حلتم عن العهد بعدما
تصرم في حفظي ودادكم العمر

ولا عجبُ، أنتُم بنو الدَّهرِ، مثلُه:
عهودكم غدر وودكم ختر

كأنّكُم الدنيا: تمدُّ رجاءَنَا
بزُخْرُفها، والموتُ فيها لنَا قَصرُ

مللتم فملتم نحو داعية القلى
وخنتم فدنتم بالذي شرع الغدر

وأنساكم حفظ العهود ملالكم
”كَما قد تُنَسِّى لبَّ شَاربِها الخمرُ“

وإني لتثنيني إليكم حفيظتي
إذا ما ثناكم عن محافظتي الغمر

وأكذب رأي العين فيكم وإنكم
لتقضون في هجري بما خيل الفكر

أساهل فيما راب منكم ودون ما
أُؤَمِّل: من إنصافِكم مسلكٌ وَعرُ

لهِجتُم بهجرِي، والدَّيارُ قريبة ٌ
وما قرب دار حال من دونها الهجر

وأَغْضَى تَجنّيكُم جُفونِي على القَذى
إلى أن تقضَّى ذلك الزَّمنُ النَّضرُ

فلما تفرقنا أتتني قوارص
بها يُنفضُ الأحْلاَسَ في السَّفَرِ السَّفْرُ

أَسَرَّكُمُ أن خِلتُم الدَّهْرَ ساءَنا
وقَرَّتْ بنا، لاقَرِّت، الأعينُ الخُزرُ

وجاهر بالشحناء قوم عهدتم
يَسوءُهم، لَو لَم أغِبْ عنهمُ، الجَهرُ

وأصغيتم إذ لم تقولوا وطالما
تعرّضَ في الأَسماعِ من ذكرى َ الوَقْرُ