أبو الحسين معجب برائِهِ - ابن الرومي

أبو الحسين معجب برائِهِ
لايقبل الشورى من أصدقائه

فلعنة الله على إخائه
وأدخل الأجرد في وجْعائه

وأبى المخْضُ أنْ يُكَشِّفَ إلا
عن صريحٍ مهذَّبٍ أو غُثَاءِ

ليس للمُضْمَرِ الدخيل من الصَّا
حب غير التَّكشيف والجتلاءِ

وخَبيءُ الفؤاد يعلمه العا
قلُ قبلَ السماع بالإيماءِ

ولهذا اكتفى البليغُ من الإس
هاب فيما يريد بالإيحاء

وظنونُ الذكي أَنْفذ في الحقْ
قِ سهاماً من رؤية الأغبياء

وإذا كنت لا تُؤَثِّل إلا
درهماً جائزاً على البُصراء

وكذا لستَ تعرفُ الشيء إلا
بعد فحصٍ من أمره وابتلاء

وهما يُمْتعان وقتاً من الده
ر ويُفنيهما وشيكُ المَضاء

فالصديق المأمون للزمن الفا
دح والمرتجى لدى البُرَحاء

والذي أنت وهْو في جوهر النفْ
س جميعاً من تربة وهواء

وكماءٍ مزجتَه بمُدام
فاستقرا تَجَنُّساً في وعاء

لم يكن فيهما من الفضل إلا
فاصلاتُ الألقاب والأسماء

ثم شيءٌ عرفْتَهُ بالتَّجَاري
ب وأخلصتَه بكشف الغطاء

صرَّحتْ عن طَويّة الأصدقاءِ
واضحاتُ التجريب والابتلاءِ

يَفْجأ من لامسه حَتْفُهُ
بل حتفُه أَوْحَى من الفجءِ

السريع سِكِّينُنَا هذا له حِدَّة ٌ
تصلح للتقطيع والوجءِ

يسبح في الجهلوفي طخْيائه
وهو لدى الإخوان من جفائه

ومِنْ تَعَدِّيه ومن إلوائه
بالحق إذ جَارَ على أعدائه

قُمْرَتُه الفرخَ على ضُغائه
بما يفي وكِعْتُ عن دوائه

إنَّ البخيل ميت بدائه
وأمرُهُ كلُّ إلى ورائه

لكنني أفرِط في اقتضائه
وأستخير الله في أقصائه

زَلِقَتْ رجلُ شنطفٍ في خِرَاها
فاستغاثتْ بصفعة ٍ في قَفاها

ثَلَطَتْ في نديَّنَا فاستحقت
أن يُكَافَى بصفعة ٍ أَخدَعاها

قَحْبَة ٌ كلبة ٌ نَخُورٌ صبورٌ
حين تَلقى طعنَ الأُيور كُلاَهَا

سِقْطَة ٌ مِلْطَة ٌ شَرُوخٌ رَبُوخٌ
شُنْطُفٌ صُدِّقَ الذي سماها

عَذَرْنَا النَّخْلَ في إبداء شوكٍ
يذودُ به الأناملَ عن جناهُ

فما للعَوْسج الملعون أبدى
لنا شوكاً بلا ثمرٍ نراهُ

تُراه ظنَّ فيه جَنى ً كريماً
فأظهر عُدَّة ً تحمي حماه

فلا يتسلَّحن لدفع كفٍّ
كَفاه لُؤْمُ مَجناه كفاه

بوأخلصته بكشف الغطاء
إنما تبرز الجواهر مافي

ها إذا ما أمعتها بالصِّلاء
لايغرنَّك المماذق بالظا

هر في حال مدة الالتقاء
من كلام يوشى بمدح جميلٍ

وحديث كالقهوة الصهباء
ويمينٍ كعطك البرد لاتن

ظر في سقمها وفي الإبراء
عبد عين فإن تغيبت عنه

أكل اللحموارتعى في الدماء
وإذا ما أردته لقتيل

لحق الود منه بالعنقاء
ولقد قال سيد من أولي الفض

ل ومن سر صفوة الأصفياء
ليس أهل العراق لي بصاحب

إن هم جانبوا طريق الوفاء
إنما صاحبي المشارك في القلْ

ل وذو البذل والندى والحياء
إنما الصاحب الذي يحفظ الصا

حب في كل شدة ورخاء
لايلهيه عنه خفضولا ين

ساه عند المربدة الشوهاء
ماله كنزه إذا خفت الغي

ثوضاقت خلائق السمحاء
وانتفى الشيخ من بنيهولم تع

طف على بكرها أعف النساء
حكمة ما ورثتها عن حكيمٍ

فيلسوف من عترة الأنبياء
ليس شيء يفيده المرء في الده

ر على حين فقره والثراء
هو خير من صاحب ورفيق

مسعد في الجلية البهماء
ليس بين الصديق والنفس فرق

عندتحصيل قسمة الأشياء
يا سمي الوصيياشق نفسي

وأخي في الململة النكراء
ياأخا حل في المكارم والسؤ

دد على محل أهل السَّناء
لم يقصر به اعتيادولم يق

عد به مولد عن استعلاء
وله بعد من مآثره الزه

ر خلال تربى على الحصباء
عجم الدهر خلفتين وسوَّى

بين حالي رخائه والبلاء
كرم الخيم والنجاروتيكمْ

شيمة شارف من النبلاء
وبيان كأنه خرز النا

ظم في جيد طفلة غيداء
وطباع أرق من ظُبة السي

فوأمضى من ريقة الرقشاء
تتراءى له العيون فتلقا

ه نقابا بدائها والدواء
فيصل للأموريأتي المعالي

بارتقاء فيهاوحسن اهتداء
وغريم أمضى من الأجل الحت

معصيم بأربة بزلاء
وهو إلف الحجاوترب المساعي

وعقيد الندى وحلف البهاء
وهو بعل للمكرماتفما ين

فك بين العوان والعذراء
حافظ للصديق إن زلت النع

ل به أو هوى عن العلياء
وجواد عليه بالمال والنف

س وبذل العقيلة الوفراء
لايؤاتي على اقتسارولا ين

هض إلا بالعزة القعساء
غير أن الزمان أقصدني في

ه بسهمي تفرق وانتئاء
لاأراه إلا على شحط الدا

روإما عن مدة شقاء
فإذا ما رأيته فكأني

بين أثناء روضة مرجاء
يتجلى عن ناظري عشا الجه

ل بألفاظه العذاب الطراء
وأحاديث لو دعوت بها الأع

صم لبى من حسن ذاك الدعاء
طِبت خلاًّ فاسلم على نكد الده

روعش آمنا من الأسواء
لا رزئناك عاتبا طلب العت

بى بإعفا معاتب الأدباء
بكلام لو أن للدهر سمعا

مال من حسنة إلى الإصغاء
ولو أن البحار يقذف فيها

منه حرف ماأج طعم الماء
وهو أمضى من السيوف إذا هز

زتوأوحى من مبرمات القضاء
وهو يشفي الصدور من جنف الحق

دويغضي من مقلة زرقاء
يكتسي منشدوه منه رداء

ذا الجمالأكرم به من رداء
لاتعايى به الرواة ولم يس

لمه مسموعه إلى استثناء
ليس بالمعمل الهجين ولا الوح

شي ذي العنجهية العثواء
بل هو البارد الزلال إذا وا

فق من صائم حلول عشاء
تَخْلُقُ الأرضُ وهو غضٌّ جديد

فَلكيٌّ من عنصر الجوزاء
عَتْبُ إلفٍ أرقُّ من كَلِم ال

أُمِّ وإن كان من ذري خَلْقاء
إن يَكُنْ عنَّ من أخيك فَعَالٌ

جارَ فيه عن مذهب الأوفياء
جلَّ في مثله العتابُ وعَالَى

أن يُوَازَى بزَلَّة ِ العلماء
فبحق أقولعَمَّرَكَ اللَّ

ه طويلاً في رفعة ٍ وعلاء
ولكَ القولُ لالناولك التَّسْ

ليمُ منَّا لمذهب الحكماء
إن خيراً من التَّقصي على الخِلْ

لِ سَماحٌ في الأخذ والإعطاء
واغتِفارٌ لهفوة ٍ إن ألمَّت

واطَّرَاحُ التفسير والانتفاء
ليس في كل زلَّة ٍ يسع العذْ

رُ وفي ضيقهِ انتكَاسُ الإخاء
مارأيتُ المِراء يوجِبُ إلا

فُرقة ً ما اعتمدتَ طول المراء
وعَرُوسٍ قد جُهِّزتْ بطلاقٍ

عاتبتْ في وَليدَة ٍ شَنْئَاءِ
إن طول العتاب يَزْدرِعُ البغ

ضاءَ في قلب كَاره البَغْضاءِ
لم أقل ذا لأنْ عَتبْتُ ولكن

شجرُ العَتْبِ مُثْمٌر للجفاء
ليس كلُّ الإخوان يجمع مايُرْ

ضيكَ من كل خلَّة ٍ حسناء
فيه ما في الرجال من خلَّة تُحْ

مدُ يوماًوخَلَّة ٍ سَوآء
أي خلٍّ تراه كالذهب الأح

مر أو كالوذِيلة الزهراء
أين من يحفظ الصديقَ بظَهْر ال

غيب من سوء قِرفة الأعداء
فات هذا فلن تراه يد الدَه

رِ فَأَنْعِمْ في إثْره بالبكاءِ
مثلاً ماضَرْبتُه لك فاسمع

وتَثَبَّتْجُزيتَ خيرَ الجزاء
كلُّ شيء بالحس يُعرَف أو بالسْ

سَمع أو بالأَدلَّة الفُصحاء
فله موضعوفيه طَباخٌ

لبلاغٍ ذي مدة وانقضاء
ولكل من الأخلاء حالٌ

هوَ فيها كفء من الأكفاءِ
أي شيء أجلُّ قدراً من السي

فِ ليوم الكريهة العزَّاء
فأبِنْ لي هل يصلح السيفُ في العزْ

زَاءِ إلا للضربة ِ الرَّعلاء
والوَشيجُ الخَطِّيُّ وهو رِشاءُ ال

موتِ يومَ الزلزال والبأساء
هل تراه يُراد في حومة المأ

قِطِ إلاَّ للطعنة النجلاء
فكذاك الصديقُ يصلح للسا

عة دون الإصباح والإمساء
فتمسَّكْ بهولا تَدَعنه

فتراه خَصماً من الخُصماء
وهما يُذْخران للحال لا الإحْ

وال بين الفؤاد والأحشاء
وصغار الأمور رِدْفٌ لذي الرُّت

بة منها والفخرِوالكبرياء
وملوكُ الأنام قد أحوج اللَّ

هُ عُرا ملكها إلى الدَّهماء
ولو أن الملوكَ أفرادها اللَّ

هُ من التابعين والوُزَعاء
لَبدتْ خَلَّة ٌوثُلَّتْ عُروش

واستوت بالأخِسَّة الوُضعاءِ
ولَمَا كان بين أكمل خلق ال

لَّه فرقٌ وبين أهل الغباء
حَلق الدرعِ ليس يمسك منها

سَردها غيرُ شكة الحِرباءِ
ولهذا الإنسانِ قد سخَّر الرح

منُ ما بين أرضه والسماءِ
وبحَسب النعماء يُطلبُ الشك

رُ كِفاءً لواهب النعماء
ثم لم يُخْله من النقص والحا

جة والعجز قِسمة ً بالسَّواء
ليكونَ الإنسانُ في غاية التعْ

ديلِ بين السراء والضراء
فاصْطبرْ للصديق إن زلَّ أوجا

رَ برجلٍ عن الهُدى نَكباء
فهو كالماءهل رأيت معين ال

ماء يعفَى من نُطفة ٍ كَدْراءِ
وتَمتَّع بهففيه متاعٌ

وادِّخارٌ لساعة ٍ سَوْعاء
أيُّ جسم يَبقى على غير الده

ر خَلِيّاً من قاتل الأدواء
أيّما روضة ٍ رأيتَ يدَ الأي

ام في عبقرية ٍ خضراء
أو ما أبصرتْ لك الخير عينا

ك رُباها مصفرة َ الأرجاء
إنما هذه الحياة ُ غرورٌ

وشقاءٌ للمعشر الأشقياء
نحن فيها ركبٌ نؤمُّ بلاداً

فكأن قد ألنا إلى الانتهاء
ماعسى نَرتجي ونحن مع الأمْ

وات يُحْدَى بنا أَحَثَّ الحُداءِ
فإذا أعرض الصديقُ وولَّى

لِقِفار لاتُهْتَدى فَيْفَاءِ
ورمى بالإخاء من رأس علْيا

ءَ إلى مُدْلَهِمَّة ظلماء
لم يُراقب إلاَّولم يَرجُ أن يأ

تيَ يوماً يمشي على استحياء
فاتركَنْهُ لا يهتدي لمبيتٍ

بنُباحٍ ولا بطولِ عُواء
إنما تُرْتجى البقيّة ُ ممن

فيه بُقيا وموضعٌ للبقاء
واشدُدَنْ راحتيكَ بالصاحب المُس

عِدِ يومَ البَليسة الغماءِ
بالذي إن دُعي أجاب وإن كا

ن قِراعَ الفوارِس الشجعاء
كأبي القاسم الذي كلُّ مايمْ

لُكُ للمعتقينَ والخُلطاء
والذي إذا أردتَه لمَقامٍ

جاء سَبْقاً كاللِّقوة ِ الشَّغواء
وإذا ما أردتهُ لجِدالٍ

جاء كالمُصْمَئلَّة الدَّهياء
فإذا دَلَّ جاء بالحُجْ

جَة ِ الغرَّاء ذاتِ المعالم الغراء
مُنْجحُ القيل ما علمتُ وحاشا

لخليلي من تَرْحة ِ الإكداء
أرْيَحيٌّبمثلهِ يُبْتنى المج

دُ وتسمو به فروعُ البناء
باسطُ الوجهِضاحكُ السنبسَّا

مٌ على حين كُرْهِهِ والرِّضاء
وثبيتُ المقام في الموقف الدَّح

ض إذا ما أضاق رحبُ الفضاء
وله فكرة ٌ يعيد بها الأم

واتَ في مثل صورة الأحياء
فتراها تَفْرى الفَرِيَّوكانت

قَبله لاتُحيرُ رجعَ النداء
ليس يرضى لها التحرُّك أو يُب

رِزُها في زلازلِ الهيجاء
فترى بينها مُقارعة َ الأب

طالِ راحت من غارة ٍ شعواء
بتدابيرَ تَفلِقُ الحجرَ الصَّلْ

دوتَشفي من كل داء عياء
يَهزم الجيش ذكرُه فتراهم

جَزَرَ الهام عُرْضة َ الأصداء
يتلقاهُمُ بسيفٍ من الفك

رِورمح من صَنعة الآراء
وسيوفُ العقول أمضى من الصَّم

صام في كفِّ فارِس الغبراء
فترى القوم في قليبٍ من المو

تِ أسارى لدَلوه والرِّشاءِ
وله حَرْشَفٌ يُديرُ قُداما

هُ زحافاً كالفَيلَق الشهباءِ
والمغاويرُ بالياتٌ كما عا

يَنْتَ مَوْرَ الكتيبة الجأواء
وهي خُرْسُ البيان من جهة النُّط

قفصاحُ الآثار والأنباء
أيُّ شيءٍ يكونُ أحسنَ منه

فارساً ماشياً على العَفْراءِ
في حروب لاتُصطَلى لتراتٍ

وقتال بغير ما شَحْناءِ
وقتيلٍ بغير جُرمٍ جناه

وجريحٍ مُسَلَّم الأعضاء
وصريعٍ تحت السنابك ينجو

برِماقٍولات حين نجاء
وهو في ذاك ناعمُ البال لا ي

فصل بين القتيل والأُسَراء
وتراهُ يحثُّ كأسَ طِلاءٍ

باقتراحٍ لقُبْلة ٍ أو غناء
لايُدانيه في الشجاعة بِسطا

مُ بن قيسوفارسُ الضحياء
حلَّ من خُلَّتي محلَّ زُلالِ ال

ماء من ذاتِ غُلَّة ٍ صَدْياء
بودادٍ كأنه النرجسُ الغضْ

ضُ عليلاً بمِسكة ٍ ذَفْراء
راسياً ثابتاً وإن خَلَت الدا

رُ جنابا وامتد عهدُ اللقاء
لستُ أخشى منه الغيابَ ولا تخ

شاه في حال قربنا والعَداء
حبذا أنتُما خليلا صفاءٍ

لا يُدانيكما خليلا صفاءِ
لكما طوعُ خُلَّتي وقِيادي

ما تغنت خَطباءُ في شَجْراءِ
ذاك جُهدي إذا وَدِدتُ وإن أق

در أكافِئْكُما بخيرِ كِفاء
وحباءُ الوداد بالمنطق الغضْ

ضِ يُجازَى به أَجلُّ حِباء
ن