أَمَّا الزَّمَانُ فَفِي يَدَيْكَ عِنَانُهُ - ابن حيوس

أَمَّا الزَّمَانُ فَفِي يَدَيْكَ عِنَانُهُ
يا أيُّها الملكُ المعظَّمُ شانُهُ

ذَلَّلْتَ جَامِحَهُ فَصَارَ كَمَا تَرى
لاَ جَوْرُهُ يُخْشَى وَلاَ عُدْوَانُهُ

وَأَرَيْتَهُ السُّنَنَ الْحَمِيدَة َ رَادِعاً
عَنْ ضِدِّهَا فَتَقلَّبَتْ أَعْيَانُهُ

إِنْ ذَمَّ سَائِرَ مَنْ يَرَاهُ فَإِنَّهُ
يُثني عليكَ ولاَ يكلُّ لسانُهُ

لاَ غاضَ ذا الملكُ العقيمُ فإنَّهُ
بَحْرٌ وَأَمْلاَكُ الدُّنَا خُلْجَانُهُ

طلهمْ فإنَّكَ معدنُ الشَّرفِ الَّذي
أخبارهُ عجبٌ فكيفَ عيانُهُ

أوتيتَ في أفقِ العلاءِ محلَّة ً
لاَ يَدَّعِي إِدْرَاكَهَا كِيوَانُهُ

فَاسْلَمْ لِمُلْكٍ صِدْقُ عَزْمِكَ حِصْنُهُ
وعلى سيوفكَ لا نبتْ إحصانُهُ

وَرَعِيَّة ٍ أَنْسَيْتَها مُذْ حُطْتَها
زمناً تشيبُ لهولهِ ولدانُهُ

فَمَقِيلُهُمْ بِفِنَاءِ دَوْحٍ لَمْ يَزَلْ
عذباً جناهُ ظليلة ً أفنانُهُ

وعشيرة ٍ ظنُّوا خلافكَ فرصة ً
طَوْعَ الهَوى فَأَضَلَّهُمْ شَيْطَانُهُ

ودواؤهمْ ما شاهدوهُ وداؤهمْ
إنكارُ حقٍّ واجبٍ عرفانُهُ

فلقدْ أطاعكَ منْ أحبَّ حياتهُ
فَنَجَا وَأَرْدى حَائِناً عِصْيَانُهُ

وَلَوْ انَّهُمْ ذَلُّوا لِعِزِّ مَلِيكِهِمْ
لاَ زَالَ يَقْهَرُ مَنْ بَغى سُلْطَانُهُ

لَمَحَا ذُنُوبَهُمُ وَجَمَّعَ شَمْلَهُمْ
بعدَ الشَّتاتِ حنوُّهُ وحنانُهُ

لاَ يَطْمَعَنْ فِي حُسْنِ عَفْوِكَ طَامِعٌ
حَتّى يُمَاثِلَ سِرَّهُ إِعْلانُهُ

وليسلهُ منْ لاَ يفارقُ غلَّهُ
حتّى يُفارقُ روحهُ جثمانهُ

وَلْيَتْبَعَنَّ رِضَاكَ غَيْرَ مُوَارِبٍ
منْ في يمينكَ خوفهُ وأمانهُ

فلأنتَ منْ يأبى النِّفاقَ فلمْ يعشْ
في ظلِّهِ منْ لمْ تمُتْ أضغانهُ

وغناءُ منْ أصبحتَ عنهُ معرضاً
كغناءِ رُمحٍ بانَ عنهُ سنانهُ

فَلْيُصْحِبُوا لَكَ رَغْبَة ً أَوْ رَهْبَة ً
فلطالما ضرَّ الجوادَ حرانهُ

لَوْ أَنَّ غَيْرَكَ رَامَهُمْ لَتَصَعْصَعَتْ
أَعْوَانُهُ وَتَضَعْضَعَتْ أَرْكَانُهُ

وَهُمُ الأُلى مَا أَشْرَعُوا صُمَّ الْقَنَا
في مأزقٍ إلاَّ وهمْ فرسانهُ

أبطالُ صعصعة ٍ حُماة ُ ربيعة ٍ
فِي حَيْثُ يُزْرِي بِالجَبانِ جَنانُهُ

مِنْ كُلِّ مُخْتَبَرِ الْمَضَاء مُجَرَّبٍ
يَحْمِي حِمَاهُ ضِرَابُهُ وَطِعَانُهُ

مَنْ يَنثَنِي وَمِنَ النَّجِيعِ مُدَامُه
طرباً وما طبعَ القيونُ قيانُهُ

ليثٌ وفي خللَ الوشيجِ عرينهِ
وفنيقُ حربٍ والمكرُّ عِرانُهُ

مَا أَمَّ قَفْراً لَمْ تَجَفَّلْ أُسْدُهُ
فَرَقاً كَمَا جَفَلَتْ بِهِ ظِلْمَانُهُ

غرُّوا بأنْ عقُّوا سواكَ وأسرفوا
وعقوقُ مثلكَ معوزٌ إمكانُهُ

فأتتْ عزائمُ لوْ قرعنَ متالعاً
لَتَهَافَتَتْ هَضَبَاتُهُ وَرِعَانُهُ

لمؤيَّدِ الإقدامِ بالرَّأيِ الَّذي
لَمْ يَأْتِهِ عَمْروٌ وَلاَ وَرْدَانُهُ

ونصيَّة ِ البيتِ الَّذي طالَ السُّهى
وعلاَ الثُّريَّا صاعداً بُنيانُهُ

أَوْتَادُهُ بِيضُ الظُّبَا وَعِمَادُهُ
بَعْضُ الرِّماحِ وَبَعْضُهَا أَشْطَانُهُ

مِنْ مَعْشِرٍ لَمْ يُطْوَ مُهْرَقُ سُؤْدُدٍ
إلاَّ وطيِّبُ ذكرهمْ عنوانهُ

وَإِذَا انْتَهى دَهْرٌ فَهُمْ أَعْيَانُهُ
وَإِذَا أَتى خَيْرٌ فَهُمْ أَعْوَانُهُ

وَإِذَا أَتَوْا بَلَداً جَدِيباً أَخْصَبَتْ
فيهِ رُباهُ وأتئقتْ غدرانُهُ

لَوْ لَمْ تَفُزْ بِهِمُ الْعُفَاة ُ لَمَا دَرى
متطلِّبُ المعروفِ أينَ مكانهُ

لَمْ يَجْحَدِ الأَعْدَاءُ وَاضِحَ مَجْدِهِمْ
كَيْفَ الْجُحُودُ وَسَابِقٌ بُرْهَانُهُ

مَنْ خُصَّ بِالشَّرَفِ الَّذِي ظَنَّتْ بِهِ
زُهْرُ الْكَوَاكِبِ أَنَّها جِيرَانُهُ

مَمْنُوعَة ٌ أَحْوَالُهُ مَتْبُوعَة ٌ
أَقْوَالُهُ مُتَتَابِعٌ إِحْسَانُهُ

مَا إِنْ يُغَادِي الْعِلْمَ أَوْ يَحْوِي الغِنى
حتّى يفيضَ بيانُهُ وبنانُهُ

لاَ خَابَ آمِلُهُ وَلاَ خَبَّ الرَّدى
يَوْماً إِلَيْهِ وَلاَ خَبَتْ نِيرَانُهُ

يَا عَوْنَ مَنْ غَدَرَتْ بِهِ أَيَّامُهُ
وَمُعِينَ مَنْ تَنْبُو بِهِ أَوْطَانُهُ

أغنيتَ عنْ مرِّ السُّؤالِ وحلوهِ
بندى ً يزيدُ على الحيا تهتانُهُ

هُوَ كَالغَوَادِي لاَ تَمُنُّ إِذَا هَمَتْ
لاَ كالغمامِ تباعدتْ أحيانُهُ

لم لاَ أبالغُ في مديحكَ مطنباً
وَالشِّعْرُ طِرْفٌ خَاطِرِي مِيْدَانُهُ

أُثني عليكَ بما أنالتني يدٌ
بكرُ الغنى منْ سيبها وعوانُهُ

فَلْيَعْذِرِ الْمَوْلى الَّذِي خَالَفْتُهُ
فَأَذَعْتُ جُوداً رَأْيُهُ كِتْمانُهُ