أَمَا وَمَسَاعٍ لاَ نُحِيطُ لَهَا عَدَّا - ابن حيوس

أَمَا وَمَسَاعٍ لاَ نُحِيطُ لَهَا عَدَّا
وَتَأْثِيرِ مَجْدٍ لاَ نَقِيسُ بِهِ مَجْداً

لَقَدْ قَصَّرَ المُثْنِي وَطَالِبُ ذَا المَدى
وَمَا مُنْعِمٌ إِلاَّ مَنِ اسْتَفْرغَ الجُهْدا

فَإِنْ شِئْتَ وَصْفاً بَالِغاً مَا بَلَغْتَهُ
فقفْ حيثُ فتَّ الوصلَ نجعلْ لهُ حدا

وَإِلاَّ فَلاَ لَوْمٌ عَلَى كُلِّ قَائِلٍ
نَحَاهُ فَأَخْفَى جَهْدُهُ فَوْقَ مَا أَبْدا

وَمَا كُنْتَ فَرْداً فِي ابْتِغَائِكَ غَايَة َ الْـ
ـكَمَالِ وَلَكِنْ كُنْتَ فِي حَوْزِهَا فَرْدا

وَناقضكَ الأملاكُ فيها فكلما
عَلاَ بِكَ فِعْلٌ هَضْبَة ً هَبَطُوا وَهْدا

لَئِنْ كُنْتَ فِي العَلْيَاءِ أَبْعَدَهُمْ مَدَى ً
فإنكَ بالإنعامِ أقربهمْ عهدا

وَإِنْ كَنْتَ أَسْلاَهُمْ عَنِ البِيضِ كَالدُّمى
فإنكَ بالتقوى أشدهمُ وجدا

وَإنْ كنتَ في الفحشاءِ أنباهمُ شباً
فإنكَ في الهيجاءِ أمضاهمُ حدا

وَأَنَّى يَرُومُونَ المَحَامِدَ ضِلَّة ً
وَمَا صَدَقُوا فِيها وَعِيداً وَلاَ وَعْدا

وَأَيْنَ هُمْ مِمَّنْ إِذَا غَدَرُوا وَفَى
وَإنْ منعوا اعطى وَإنْ هزلوا جدا

بقيتم بني حمدانَ ما بقيَ الورى
لِبَاغِي نَدَى ً يُحْيَا وَبَاغِي رَدَى ً يُرْدا

فما كانتِ الأقمارُ منْ قبلِ خلقكمُ
تخافَ وَلاَ زهرُ الكواكبِ تستجدا

سيوفكمُ تدمى بكلَّ كريهة ٍ
وَأيدكمُ في كلَّ مسألة ٍ تندا

إذا أضمرَ الأملاكُ حقداً لمنْ جنى
كَفَاكُمْ وَحِيُّ البَطْشِ أَنْ تُضْمِرُوا حِقْدا

لَطَبَّقَتِ الدُّنْيَا أَحَادِيثُ مَجْدِكُمُ
فَمَا تَرَكَتْ فِي الأَرْضِ غَوْراً وَلا نَجْدا

وَقبلكمُ ما أبصرَ الدهرُ مثلكمْ
فبادَ فلاَ يبصرْ لأيامكمْ بعدا

وَلَمْ تَقْتَدُوا فِي المَأْثُراتِ بِغَيْرِكُمْ
وَمنْ علمَ السبقَ المطهمة َ الجردا

بكمْ حصرٌ عندَ السبابِ فإنْ جرتْ
مُفَاخَرَة ُ الأَمْجَادِ أُلْفِيتُمُ لُدَّا

تهينونَ منْ ألغى فضائلَ نفسهِ
وَعدَّ تليدَ الفخرِ وَالحسبَ العدا

وَتُقْصُونَ مَنْ إِنْعَامُهُ يَغْمُرُ المُنى
إِذَا لَمْ يَكُنْ إِقْدَامُهُ يَقْهَرُ الأُسْدا

وَإِنَّكَ إِنْ عُدَّتْ فَضَائِلُ تَغْلِبٍ
لأعد لها حكماً وَأجزَ لها رفدا

علاَ بكَ بيتٌ أنتَ أعلى عمادهِ
وَكمْ ودَّ نجمٌ أنْ يكونَ لهُ ودا

وَلِلْدَولَة ِ المُسْتَنْصِرِيَّة ِ نَاصِرٌ
بِهِ أشْتَدَّ زَنْداً عِزُّهَا وَوَرَتْ زَنْدا

وَسَيْفٌ حَمى الآفَاقَ وَهْوَ بِغِمْدِهِ
فَكَيْفَ إِذَا صَارَ النَّجِيعُ لَهُ غِمْدا

وَأرسلها سومَ الجرادِ مغيرة ً
تخرُّ جبالُ الأرضِ منْ وقعها هدا

حُسَامٌ صُرُوفُ الدُّهْرِ مِنْ بَعْضِ مَا كَفَتْ
مَضَارِبُهُ وَالأَمْنُ مِنْ بَعْضِ مَا أَجْدا

قضى بكتابِ اللهِ فينا وَما اعتدى
وَوالتْ يداهُ المكرماتِ وَما اعتدا

فلاَ عدمتْ هذي النيابة َ دولة ٌ
جعلتَ لها أعداءها كلهمْ جندا

وَما خفتَ إلاَّ اللهَ فيما وليتهُ
وَلاَ خِفْتَ فِي الأَفْعَالِ سَهْواً وَلاَ عَمْدا

فعلتَ فعالَ الحرَّ نفساً وشيمة ً
وَإنْ كنتَ في محضِ الولاءِ لها العبدا

وَهلْ تردُ الأطماعُ ماعنهُ حلئتْ
وَهذا الهزبرُ الوردُ يمنعها الوردا

لقدْ منعوا بالبيضِ ما أخذوا بها
وَلوْ أمنوا عدواكَ ما بذلوا الودا

بَلَغْتَ بِحَدِّ الرُّأْيِ ما أَعْجَزَ الظُّبى
تَناوُلُهُ فِيما مَضى وَالقَنا المُلْدا

فلوْ سارَ ذو القرنينِ في ظلماتهِ
برأيٍ كذا لابيضَّ منها الذي اسودا

وَلوْ أنَّ يأجوجَ استعانوكَ مرشداً
وَحوسيتَ منْ إرشادهمْ حرقوا السدا

وَلوْ فرقتْ هذي العزائمُ في الورى
إِذاً عُطَّلُوا ما يَطْبَعُ الهِنْدُ وَالهِنْدا

وكَمْ جاهِلٍ أَغْرى بِمَجْدِكَ كَيْدُهُ
وَلكنهُ أودى وَما كانَ ماودا

تُقِرُّ لَكَ الأَعْدَاءُ بِالفَضْلِ عَنْوَة ً
وَما الفضلُ إلاَّ ما أقرتْ بهِ الأعدا

وَكَانَتْ دِمَشْقُ تُنْبِتُ الذَّمَّ بُرْهَة ً
وَأَنْتَ الَّذِي صَيَّرْتَها تُنْبِتُ الحَمْدا

قطعتَ الأذى عنها وَفضتَ مواهباً
وَما عرفتْ ذا الجزرَ قدماً وَلاَ المدا

فعشتَ بها خمسينَ عاماً وَمثلها
لعافٍ وَعانٍ ذا يفادُ وَذا يفدى

وَما إِنْ عَدَتْ هذِي الأَمَانِيُّ طَوْرَها
لأنكَ بالإنصافِ تستوجبُ الخلدا

وَهنيتَ أعيادَ الزمانِ وَلاَ انطوى
زمتنٌ جنينا العيشَ في ظلهِ رغدا

أَمَامَكَ فِي النُّهْجِ ما أَحَدٌ جَرى
وَلَوْلاَ بَنُوكَ قُلْتُ خَلْفَكَ قَدْ سُدّا

وَعنوانُ فضلِ الأصغرينَ فضائلٌ
مُؤَثَّلَة ٌ نالَ الكَبِيرُ بِها المَجْدا

لَئِنْ حازَ أَقْطَارَ الشَّجاعَة ِ أَمْرَداً
فمنْ معشرٍ يردونَ أسدا الوغى مردا

وَإنْ حازَ مقدارَ البلاغة ِ ناشئاً
فما جارَ عنْ مسعى أبيهِ وَلاَ صدا

وَمنْ عجبٍ أنْ أمَّ قصدكَ قافياً
خلاَ لكَ وَالأعلامُ تهدي وَلاَ تهدا

تفضُّ الحبا للطفلِ منكمْ وَما حبا
وَيَشْتَدُّ فِي كَسْبِ الثَّناءِ وَما أشْتَدّا

وَهَلْ فِيكُمُ مَنْ باشَرَ الذَّمَّ مُذْ نَشا
وَمَنْ فَارَقَ الإِحْسانَ مُذْ فارَقَ المَهْدَا

وَهلْ وخدتْ تلكَ الركابُ بمهمه
ٍ لتقطعهُ إلاَّ بمدحكمُ تحدا

أزرنكَ حاجاتي فلمْ أنزلِ المنى
بِمَنْ كُذِّبْتَ فِيهِ وَلَمْ أَعْدَمِ الرُّشْدا

وَأعطى قليلاً ثمَّ أكدى زماننا
فيممتُ منْ أعطى كثيراً وَما أكدا

مواهبُ يطويها جلالاً وَنخوة ً
وَلستُ أرى في الناسِ منْ نشرها بدا

بِمَدْحٍ إِذَا ما ضَاعَ فِي القَوْمِ نَشْرُهُ
فما الندُ أهلٌ أنْ يكونَ لهُ ندا

وَكمْ فيكَ لي عقدٌ يحوزُ جواهراً
تزينُ منها كلُّ جوهرة ٍ عقدا

مِنَ اللّهِ أَسْتَهْدِي بَقاءَكَ إِنَّهُ
قصية ُ ما أعطى وَنخبة ُ ما أهدا

فلاَ خلت الأيامُ منها محاسناً
أشدَّ على الأحداقِ منْ نومها فقدا