بقيتَ وَلا عزتْ عليكَ المطالبُ - ابن حيوس

بقيتَ وَلا عزتْ عليكَ المطالبُ
فَإِنّا بِخَيْرٍ ما عَدَتْكَ النَّوائِبُ

لقدْ كذبتْ مذْ ذدتَ عنا ظنونها
فَلا صَدَقَتْ تِلْكَ الظُّنُونُ الْكَواذِبُ

وَلا برحتْ تثني على الدهرِ أمة ٌ
نفوسهمُ منْ بعضِ ما أنتَ واهبُ

وَهَبْتَ لَها الأرْواحَ فيما وَهَبْتَهُ
فجاوزتَ منْ أثنتْ عليهِ الحقائبُ

وَهلْ ضمنتْ تلكَ الحقائبُ آنفاً
ألوفاً بها لاتستقلُّ الركائبُ

حَبَوْتَ بِها مَنْ أَمَّ مُلْكَكَ عائِلاً
وَعاوَدَ يُرْجى جُودُهُ وَهو آيِبُ

وَلَمْ تَزَلِ الْغُدْرانُ تُرْوي مِياهُها
وَتذهبُ بالذكرِ الجميلِ السحائبُ

وَأتبعتها كومَ القلاصِ جميعها
عِرابُ الْمَتالي وَالْفُحُولُ الْمَصاعِبُ

أَعَدْتَ ابْنَ سَلْمانٍ كَأَنْ لَمْ تُنِخْ بِهِ
خُطُوبٌ وَلَمْ يَغْصِبْهُ ماحازَ غاصِبُ

عَطايا كَريمٍ لا يُحيطُ بِوَصْفِها
مَقالٌ وَلايُحصي لَها الْعَدَّ حاسِبُ

وَأروعَ للعافينَ في حجراتهِ
مَواهِبُ تَتْلُوها وَتَتْرى مَواهِبُ

يَفيضُ وَأَفواهُ الشِّعابِ إِلى الْحَيا
ظماءٌ وَأمواهُ العيونِ نواضبُ

صفوحٌ عنِ الأجرامِ أما انتقامهُ
فغبٌّ وَأما عفوهُ فهوَ دائبُ

قديرٌ على الإيجازِ وَهوَ مخاطرٌ
مُبينٌ عَنِ الإعْجازِ وَهْوُ مُخاطِبُ

معاديهِ في قيدٍ منَ العجزِ راسفٌ
وَخاشيهِ في يَمِّ مِنَ الْهَمِّ راسِبُ

فَما تَرْتَقي الأمْلاكُ في دَرَجاتِهِ
وَلا تَلْتَقي أَفْعالُهُ وَالْمَعايِبُ

ضرائبُ فيها العلمُ وَالحلمُ وَالحجى
أَحاديثُها في الْخافِقْينِ ضَوارِبُ

وَما ذكرتْ إلاّ وَماتَ بدائهِ
حسودٌ حقودٌ أوْ كنودٌ موارب

تَفَرَّدْتَ في كَسْبِ الْمَعالِي وَحَوْزِها
وَغَيْرُ فَريدٍ مَنْ لَهُ الْعَزْمُ صاحِبُ

وَما رَبُّها مَنْ رَبَّها نابِيَ الشَّبا
وَمنْ خطوهُ في طرقها متقاربُ

ذرِ الهمَّ للمرتادِ ما لا ينالهُ
وَمنْ لم تنكبهُ الخطوبُ النواكبُ

وَذللْ عصيَّ النومِ بالسطوة ِ التي
أرحتَ بها نومَ الورى وَهوَ عازبُ

وَطيبِ ثَناءٍ طَبَّقَ الأرْضَ فَاكْتَسَتْ
مشارقها منْ عرفهِ وَالمغاربُ

وَمَمْلَكَة ٍ نَصْرِيَّة ٍ صالِحِيَّة ٍ
حمتها العوالي وَالرهافُ القواضبُ

أَبَتْ حَوْزَها أَيْدي الأباعِدِ هِمَّة ٌ
خحفظتَ بها ما ضيعتهُ الأقاربُ

وَكنتَ شجى ً للآخذيها تعدياً
وَلَوْلا الشَّجى ماغَصَّ بِالْماءِ شارِبُ

أَضَفْتَ إِلى التَّكْديرِ خَوْفاً وَقَدْ صَفَتْ
مَشارِبُ فيها وَاطْمَأَنَّتْ مَسارِبُ

وَوَاصَلْتَها وَصْلَ الْغَريمِ غَريمَهُ
تُطاعِنُ حَتَّى حُزْتَها وَتُضارِبُ

وَألهمكَ البأسُ الهجومَ على الردى
فلمْ تهبِ الهولَ الذي أنتَ راكبُ

أبَتْ لَكَ أَنْ تَرْضى بِضَيْمٍ وَقائِعٌ
تُعِلُّ الْقَنا فيها فَتَعْلُو الْمَراتِبُ

مَواقِفُكُمْ كَذَّبْنَ ماادَّعَتِ الْعِدى
وَمَنْ قالَ قِدْماً أَيْنَ بِالسَّيْفِ ضارِبُ

وَأنيَّ وَقدْ سطرتَ في كلَّ مأزقٍ
صَحائِفَ تُتْلى وَالسُّطُورُ الْكَتائِبُ

صَحائِفُ مَفْرُوضٌ عَلَى الدَّهْرِ حِفْظُها
لَها الْعَزْمُ مُمْلٍ وَالْمُهَنَّدُ كاتِبُ

وَظافَرَ ذاكَ الْعَزْمَ وَالْحَزَمَ فِكْرَة ٌ
تحدثُ عما أضمرتهُ العواقبُ

وَأَظْهَرْتَ لِلأيّامِ لِيناً وَقَسْوَة ً
تُسالِمُها طَوْراً وَطَوْراً تُحارِبُ

تمرُّ وَ تحلولي على أنْ غلبتها
برأيكَ وَالإقدامِ وَهيَ غوالبُ

وَأَوْضَحْتَ في تِلْكَ الْمَساعي تَبايُناً
بهِ تمَّ هذا السؤددُ المتناسبُ

وَطاعَ لكَ المقدارُ حتى كأنهُ
بِأَمْرِكَ جارٍ أَوْ لِبَطْشِكَ هائِبُ

أَلَسْتَ مِنَ الْقَوْمِ الألى كَفَلَتْ لَهُمْ
بِإِذْلالِ مَنْ عادَوْا عِتاقٌ سَلاهِبُ

إذا قدحتْ في الليلِ لمْ يدجُ غاسقٌ
وَإِنْ ضَبَحَتْ في الصُّبْحِ لَمْ يَنْجُ هارِبُ

وَهِنْدِيَّة ٌ إِنْ جُرِّدَتْ لِكَريهَة ٍ
فأغمادها فيها الطلى وَالترائبُ

مواطنٍ إذا صلتْ وصلتْ لها العدى
سجوداً فآثارُ المذاكي محاربُ

وَحطية ٌ يلفى الردى تبعاً لها
إذا مرقتْ في الأسدِ منها الثعالبُ

أسافلها في أبحرٍ منْ أكفكمْ
طَمَتْ وَأَعالِيها نُجُومٌ ثَواقِبُ

تضيءُ مثارَ النقعِ وَهيَ طوالعٌ
وَتبني منارَ العزَّ وَهيَ غواربُ

عتادُ ملوكٍ لا يبالونَ في الندى
وَخَوْضِ الرَّدى الْمَكْرُوهِ ماالدَّهْرُ جالِبُ

تحبُّ من الإقدامِ ما أبغضَ الورى
وَتَسْلُو عَنِ الأرْواحِ وَهِيَ حَبائِبُ

نصية ُ شدادٍٍ وَفخرُ ربيعة ٍ
وَسادة ُ كعبٍ حينَ تحصى المناقبُ

تظلُّ المعالي في سواكمْ غرائباً
ذَواتِ نِفارٍ وَهْيَ فِيكُمْ رَبائِبُ

إذا عددتْ أفعالكمْ عندَ مفخرٍ
غَنِيتُمْ بِها عَنْ أَنْ تُعَدَّ الْمَناسِبُ

وَكلُّ حديثٍ سارَ لمْ يكُ فيكمُ
هَباءٌ أَثارَتْهُ صَباً وَجَنائِبُ

لقدْ بلغتْ أبناءُ صعصعة ٍ بكمْ
ذُرى شَرَفٍ لاتَدَّعِيهِ الْكَواكِبُ

وَلولا رسولُ اللهِ لمْ تلوِ بالعلى
لؤيٌّ وَلمْ تغلبْ على المجدِ غالبُ

وَإنكَ أوفى الناسِ بأساً وَنجدة ً
إذا أَقْبَلَتْ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ مَواكِبُ

وَأحضرهمْ في الخطبِ إنْ عزَّ خاطرٌ
إِذا شاعِرٌ أَكْدى وَأُفْحِمَ خاطِبُ

أرى إبلي ألفتْ مناخاً فأصبحتْ
مسالمة ً أقتابها وَ الغواربُ

وَأَسْعَفَها خَفْضُ الْمُقامِ وَخِصْبُهُ
بَأَضْعافِ مابَزَّ السُّرى وَالسَّباسِبُ

وَلَوْ تَرَكَتْ تَاجَ الْمُلوكِ وَراءَها
تعذرَ مطلوبٌ وَأخفقَ طالبُ

وَجَدْتُ الْغِنى وَالْعِزَّ وَالأمْنَ وَالْعُلى
فلا غروَ أنْ سدتْ عليَّ المذاهبُ

يُرِيدُ أُناسٌ بِذْلَتي وَضَراعَتي
وَلَيْسَ لِمنْ سَرْبَلْتَهُ الْعِزَّ سَالِبُ

أَيادِيكَ أَغْنَتْ عَنْ مَدائِحِ مَعْشَرٍ
مَدائِحُهُمْ لِلنَّاظِمِيها مَثالِبُ

إذا شبتِ النيرانُ للقرَّ وَالقرى
فَلا نارَ إِلاَّ مايُريهِ الْحُباحِبُ

فأضربتُ عمنْ لوْ وقفتُ ببابهِ
تَنَمَّرَ بَوَّابٌ وَأَعْرَضَ حَاجِبُ

وَمَنْ تَبْلُغُ الأعْداءُ فِيهِ مُرادَهَا
وَإنْ قصرتْ عجزاً وَراجيهِ خائبُ

فَيَحْيا وَمَاحَقُّ الْمُوالِيهِ واجِبٌ
عليهِ وَلا قلبُ المعاديهِ واجبُ

فيا شائبَ المعروفِ بالبشرِ منعماً
أَعَدْتَ الشَّبابَ الْغَضَّ والرَّأْسُ شائِبُ

وَلولا زمانٌ في ذراكَ قطعتهُ
لَما عادَ مِنْ شَرْخِ الشَّبِيبَة ِ ذَاهِبُ

نَحَتْكَ الْقَوافي وَهْيَ عُوُنٌ عَوانِسٌ
وَها هيَ أبكارٌ لديكَ كواعبُ

عقائلُ تأبى أنْ تزنَّ بريبة ٍ
وَعَهْدي بِها وَهْيَ الإماءُ الْحواطِبُ

وَذَنْبِيَ أَنْ زُفَّتْ إِلى غَيْرِ أَهلِها
ألاَ إنني منهُ إلى المجدِ تائبُ

قَبيحٌ ضَلالُ الْمَرْءِ بَعْدَ اهْتِدائِهِ
وَإبطالهُ ما خبرتهُ التجاربُ

وَعِنْدَكَ لاقَتْ يآبْنُ نَصْرِ بْنِ صالحٍ
رغائبَ في هذا الزمانِ غرائبُ

وَمنْ رهبة ِ التقصيرِ عاودتُ قائلاً
وَلَمْ تَحْوِ شَرْواها العُصُورُ الذَّواهِبُ

هلِ العيدُ إلاَّ بعضُ أيامكَ التي
تماثلهُ في حسنهِ وَتناسبُ

فَلا زِلْتَ تَكْسُوهُ الْمَحاسِنَ حاضِراً
وَتخلفهُ في أهلهِ وَهوَ غائبُ

مَنِيعَ الْحِمى تَضْفُو عَلَيْكَ مَلابِسٌ
لأذْيالِها فَوْقَ السَّماءِ مَساحِبُ

وَلا سلبتنيكَ الليالي فإنني
عنِ العيشِ إلاَّ في جنابكَ راغبُ