تَمَنِّي الْعُلى سَهْلٌ وَمَنْهَجُها وَعْرُ - ابن حيوس

تَمَنِّي الْعُلى سَهْلٌ وَمَنْهَجُها وَعْرُ
وَشِيمَتُها إِلاَّ سُمْتَها الْغَدْرُ

أَبَتْ كُلَّ مَنْ أَنْضى إِلَيْها رِكابَهُ
فَلاَ حازِمٌ أَفْضى إِلَيْها وَلاَ غَمْرُ

وَأغليتَ بالإقدامِ وَالجودِ مهرها
فأحجمتِ الخطابُ لما غلاَ المهرُ

فَمُذْ سُدْتَ لِمْ تَطْمَحْ بِذِي هِمَّة ٍ مُنى ً
وَمُذْ جُدْتَ لَمْ يَسْنَحْ لِذِي مِنَّة ٍ ذِكْرُ

فَضَحْتَ الأُلى حَنَّتْ إِلَيْها قُلُوبُهُمْ
فَما لَهُمُ فِيها قَلُوصٌ وَلاَ بَكْرُ

همُ اعتذروا قدماً بإشكالِ طرقها
عليهمْ فمذْ أوضحتها لمْ يضحْ عذرُ

عَلَوْتَ بِحُكْمٍ لاَ يُقارِنُهُ هَوى ً
وَمَحْضِ وَفاءٍ لاَ يُقارِبُهُ خَتْرُ

وَعَدْلٍ سَوَاءٌ فِيهِ سُخْطُكَ والرِّضى
وَدِينٍ سَوَاءٌ فِيهِ سِرُّكَ وَالْجَهْرُ

وَطبقتِ الآفاقَ أخباركَ التي
إِذَا نُشِرَتْ فِي بَلْدَة ٍ كَسَدَ الْعِطْرُ

فَهَلْ وُلِّيَتْ رِيحُ ابْنِ دَاوُدَ حَمْلَها
فغدوتها شهرٌ وَروحتها شهرُ

أَحَلَّكَ فَوْقَ الْخَلْقِ قَدْراً وَرُتْبَة ً
وَدِيناً وَدُنْيا مَنْ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ

وَمنذُ أخفتَ الدهرَ لمْ يعدُ حادثٌ
وَلمْ يدمَ للأيامِ نابٌ وَلاَ ظفرُ

وَمنكَ استفادتْ كلَّ أمرٍ يزينها
فَلاَ عَجَبٌ أَنْ طاوَعَتْكَ وَلاَ نُكْرُ

وَما زَالَ لِلرّاجِي لُهى كَفِّكَ الْغِنى
وَما زَالَ لِلْجانِي التَّجاوُزُ وَالْغَفْرُ

وَيارُبَّ جَبَّارٍ أَرَدْتَ اجْتِياحَهُ
فلمْ ينجهِ برٌّ وَلمْ ينجهِ بحرُ

وَأيُّ خلالِ المجدِ ما ملكتكهُ
وَإِنْ رَغِمَ الْحُسَّادُ هِمَّتُكَ الْبِكْرُ

تَباعَدَ عَنْ إِنْعامِكَ الْمَنُّ وَالأَذى
وَلمْ تنفصلْ عنهُ الطلاقة ُ وَالبشرُ

فداؤكَ أملاكٌ ثوابُ عفاتها
لديها العبوسُ الجمُّ وَالنظرُ الشزرُ

إِذَا ما رُقُوا بِالْحَمْدِ لَمْ تَنْفَعِ الرُّقى
وَإنْ سحروا بالمدحِ لمْ ينفذِ السحرُ

ذَوُو عَزَماتٍ لاَيُفَلُّ بِها عِدى ً
وَأَرْبابُ وَفْرٍ لاَ يُفَكُّ لَهُ أَسْرُ

وَعزمكَ يأبى أنْ تقومَ مقامهُ
مهندة ٌ بيضٌ وَخطية ٌ سمرُ

وَلوْ أنَّ أسدَ الغابِ ريعتْ بحدهِ
عَلَى عِزِّها لَمْ يَخْشَها الْغِفْرُ وَالْغُفْرُ

أما قومكَ القومُ الذينَ إذا جنوا
أَبى عِزُّهُمْ أَنْ يُقْتَضى عِنْدَهُمْ وِتْرُ

حمية ُ بأسٍ قدْ تلتهُ تقية ٌ
فَطالُوا وَهُمْ بَدْوٌ وَطابُوا وَهُمْ حَضْرُ

أسودٌ على أسدِ الكرائهِ قد ضروا
إِذَا حُوسِنُوا سَرُّوا وَإِنْ خُوشِنُوا ضَرُّوا

يَطُولُ إِلى أَنْ لاَ يماثِلَهُ عُمْرُ
وَحوشوا وَ أنى تهبطُ الأنجمُ الزهرُ

لَبَلَّغْتَهُمْ ما لَمْ تَنَلْهُ بِكَعْبِها
إيادٌ وَلمْ تبلغْ بخالدها قسرُ

فضلتمْ كرامَ الناسِ في كلَّ سؤددٍ
وَلاَ عَجَبٌ أَنْ يَفْضُلَ الْيَرْمَعَ الدُّرُّ

إِذَا فاخَرَتْ بِالْجُودِ عُرْبٌ سِوَاكُمُ
فَفَخْرُهُمُ ما تَمْنَحُ الْجَفْنَة َ الْقِدْرُ

وَعِنْدَكُمْ خَيْرُ الْقِرى وَوَرَاءَهُ
وَلوْ قصرا الإمكانُ جودُكمُ الغمرُ

فإنْ نعمٌ بالشلَّ بادتْ فلمْ يبدْ
عُرُوجَكُمُ إِلاَّ الْمَوَاهِبُ وَالْعَقْرُ

وَقدْ أيدَ الإسلامُ منكَ بأسرة ٍ
فَكانَ لَها الإِيوَاءُ مِنْ قَبْلِ وَالنَّصْرُ

بِكُلِّ مَنِيعِ الْجارِ ما سَلَّ سَيْفَهُ
وَلَمْ يَكُ مِنْ أَضْيافِهِ الذِّئْبُ وَالنَّسْرُ

إذا طلبَ الغاياتِ لمْ يهنهِ الكرى
وَإِنْ قارَعَ الأَعْدَاءَ لَمْ يَنْهَهُ الزَّجْرُ

تَفَرَّدَ تاجُ الأَصْفِياءِ بِحَوْزِها
مَكارِمُ جَمُّ الْوَصْفِ فِي جَنْبِها نَزْرُ

تلاَ رهطهُ في كلَّ فخرٍ سموالهُ
فأربى كما أربى على الأنجمِ البدرُ

وَلَمْ يَكُ مِثْلَ الصُّبْحِ يَقْدُمُهُ الدُّجى
وَلكنها شمسٌ تقدمها فجرُ

هُمامٌ يُغِصُّ الحاسِدِيهِ بِبابِهِ
بِما لَمْ يَغُصْ يَوْماً عَلَى مِثْلِهِ الْفِكْرُ

وَيحكمُ في أهلِ النفاقِ وَعيدهُ
بِأَضْعافِ ما يَقْضِي بِهِ الْعَسْكَرُ الْمَجْرُ

وَمَلْكٌ تَوَالى ذَبُّهُ وَعَطاؤُهُ
فَما خافَ مُغْتَرٌّ وَلاَ خابَ مُعْتَرُّ

وضإنْ ظلَّ يهمي قيلَ بالدهرِ مغترُّ

وَما هِيَ إِلاَّ غِرَّة ٌ سَنَّها النَّدى
على غارة ٍ في مالهِ شنها الشعرُ

وَنَشْوَانُ مِنْ خَمْرِ الْمَكارِمِ لَمْ يُفِقْ
فُوَاقاً وَلَوْلاَهُنَّ لَمْ يَدْرِ ما السُّكْرُ

فلاَ يطمعِ العذالُ منهُ بسلوة ٍ
لِغَيْرِ النَّدى مِنْهُ الْقَطِيعَة ُ وَالْهَجْرُ

وَكَمْ قَدْ نَهاهُ النَّاصِحُونَ بِزَعْمِهِمْ
فَمَرَّ كَأَنَّ النَّهْيَ فِي سَمْعِهِ أَمْرُ

فكلُّ حياً يحيا الترابُ بمائهِ
فداءُ غمامٍ منْ مواطرهِ التبرُ

يُحَجَّبُ إِعْظاماً وَما دُونَ عَدْلِهِ
وَفائِضِ جَدْوَاهُ حِجابٌ وَلاَ سِتْرُ

وَيطفو على ماءِ الجمالِ بوجههِ
حياءٌ تظنى جاهلٌ أنهُ كبرُ

وَما ثَبَتَتْ إِلاَّ لَهُ حُجَجُ الْعُلى
وَلاَ أقلعتْ إلاَّ بهِ الحججُ الغبرُ

وَلاَ هُوَ عِنْدَ الْفَخْرِ ذُو السُّؤْدُدِ الَّذِي
يقرُّ بهِ زيدٌ وَيجحدهُ عمرو

خَلِيلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِكَ أنْجَلَتْ
حَنادِسُ لاَ شَمْسٌ جَلَتْها وَلاَ بَدْرُ

وَأَمَّنْتَنا كَيْدَ الْخُطُوبِ الَّتي عَرَتْ
فَهانَتْ عَلَيْنا كُلُّ حادِثَة ٍ تَعْرُو

مِنَ اللّهِ نَسْتَهْدِي لَكَ الْعُمُرَ الَّذِي

وَنَسْأَلُهُ إِيزَاعَنا شُكْرَهُ الّذي
توخيهِ إيمانٌ وَإلغاؤهُ كفرُ

فَجاحِدُ ما تُولِي عَلَى اللّهِ مُفْتَرٍ
وَكاتمهُ عنْ ناجذِ الكفرِ مفترُّ

لَقَدْ أَشْكَلَتْ أَعْيادُنا مُنْذُ أَصْبَحَتْ
تُشاكِلُها فِي الحُسْنِ أَيَّامُكَ الْغُرُّ

فلولاَ مواقيتٌ تعالمها الورى
لَما عُرِفَ الأَضْحى لَدَيْنا وَلاَالْفِطْرُ

كَفاكَ الرَّدى مَنْ أَنْتَ ناصِرُ دِينِهِ
فَلَمْ يَفْتَخِرْ إِلاَّ بِأَفْعالِكَ الدَّهْرُ

وَلاَ غاضَ مِنْ بَحْرِ الأَجَلَّيْنِ زاخِرٌ
عَلاَ طامِياً آذِيُّهُ وَنَأَى الْقَعْرُ

فَقَدْ حازَ هذَا الْعَصْرُ مِنْكَ وَمِنْهُما
فضائلَ لمْ يظفرْ بأيسرها عصرُ

وَكمْ منة ٍ أسديتها وَشكرتها
فَأَسْدَيْتَ أُخْرى لاَيَقُومُ بِها شُكْرُ

وَإِنْ طالَما أَرْسلْتُ غَيْرَ مُدَافَع
وَإِنْ جَلَّ عَنْ قَوْلٍ يُمَاثِلُهُ قَدْرُ

وَأَهْدَتْ إِلى مِصْرٍ دِمَشْقُ عَلَى النَّوى
نَظَائِرَ مَا تُهْدِيهِ دَارِينُ وَالشِّحْرُ

قريضاً كأحوى الروضِ صافحهُ الندى
نَدى اللَّيْلِ لَمْ يُقْلِعْ وَصَابَحَهُ الْقَطْرُ

يخفُّ على الأفواهِ في الأرضِ كلها
فَيَشْدُو بِهِ شَرْبٌ وَيَحْدُو بِهِ سَفْرُ

وَيُعْرِبُ عَنْهُ حِينَ يُنْشَدُ نَشْرُهُ
وَما طيبُ مسكٍ لاَ يضوعُ لهُ نشرُ

وَيقبحُ إدلالي بنظمِ مدائحٍ
لمجدكَ أدنى قلها وَليَ الكثيرُ

فَحَظُّكَ مِنْها مَا يُغَاظُ بِهِ الُعِدى
وَحَظِّي الْغِنى وَالْعِزُّ وَالْجاهُ وَالْفَخْرُ

تناءتْ على الوصافِ أوصافكَ التي

وَليسَ لقولي عندما أنتَ فاعلٌ

وَلكنَّ شعري لارتياحكَ عاشقٌ
وَما بعدتْ يوماً على عاشقٍ مصرُ