أَمَا وَمَناقِبٍ عَزَّتْ مَرَاما - ابن حيوس

أَمَا وَمَناقِبٍ عَزَّتْ مَرَاما
ومجدٍ شامخٍ أعيا الأناما

لَقَدْ هَمَّتْ نُفُوسٌ بِالمَعَالِي
فمنذُ هممتَ لمْ تتركْ هماما

وكلٌّ ضاربٌ فيها بسهمٍ
وَلكِنْ فَازَ مَنْ جَمَعَ السِّهَاما

خُصِصْتَ بِرُتْبَة ٍ عَلَتِ الثُّرَيَّا
وَخَلَّتْ لِلْمُحَاوِلِها الرَّغَاما

عَلَتْ وَغَلَتْ عَلَى مُتَطَلِّبِيها
لتأمنَ أنْ تسامى أوْ تُساما

فَمَا أَبْدَتْ لِمُسْتَامٍ خِدَاما
ولاَ فضَّ الزَّمانُ لها ختاما

وَكَيْفَ يَرُومُ شَأْوَكَ رَبُّ عَزْمٍ
إذا ما باشرَ الهيجاءَ خاما

يرى طلبَ المعاشِ أجلَّ غنمٍ
فَقَدْ أَفْنى الْحَيَاة َ بِهِ اهْتِماما

وَرَائِدُ بِرِّهِ يُعْصى وَيُقْصى
وَوَارِدُ بَحْرِهِ يَشْكُو الأُوَاما

ويرضى منسمَ العلياءِ تاجاً
إذا لمْ ترضَ أخمصكَ السَّناما

أرى الملكَ العقيمَ حمى حِماهُ
بأروعَ يحسمُ الدَّاءَ العقاما

ثَنى الأَزَمَاتِ بِالعَزَمَاتِ عَنَّا
وَكَفَّ بِحَدِّها الْكُرَبَ العِظَاما

فَلاَ زَالَتْ لِجَاحِمِها خُمُوداً
ولاَ برحتْ لجامحها لجاما

مَنِيعٌ جَارُهُ إِنْ حَلَّ أَرْضاً
جَلاَ الإِظْلاَمَ عَنْها وَالظَّلاما

فَقَدْ وَدَّ الْمُلُوكُ عَلى التَّنَائِي
لوِ اسطاعوا لراحتهِ التثاما

سَخَوْا لَمَّا انْتَشَوْا وَهَمى نَدَاهُ
وما عرفَ النِّدامَ ولاَ المُداما

يَعُمُّ بِهِ الأَدَانِيَ وَالأَقَاصِي
إِذَا لَمْ يَعْدُ رِفْدُهُمُ النَّدَاما

وَإِنْ قَرَنُوا بِبُخْلِهِمُ عُبُوساً
قرنتَ بجودكَ السَّجمِ ابتساما

يمينٌ برَّحتْ بالمالِ حتّى
حَسِبْنَا وَفْرَكَ اقْتَرَفَ اجْتِرَاما

وَتَأْبَى أَنْ يُجَاوِرَهَا فُوَاقاً
لعلمكَ أنَّ جاركَ لنْ يُضاما

وَكَانَ الدِّينُ مُعْتَصِماً وَلكِنْ
بِنَصْرِكَ زَادَهُ اللَّهُ اعْتِصَاما

عَزَائِمُ أَخْفَرَتْ ذِمَمَ الأَعَادِي
وَلَمْ يَخْفِرْ لَهَا أَحَدٌ ذِمَاما

وكمْ منْ غارة ٍ أرسلتَ فيها
إِلى طُرَدَائِكَ الْمَوْتَ الزُّؤَاما

ببيضٍ ما شحذتَ لها غراراً
وَخَيْلٍ مَا شَدَدْتَ لَهَا حِزَاما

وكمْ أغنى وعيدكَ في عدوٍّ
غَنَاءً يُعْجِزُ الْجَيْشَ اللُّهَاما

تَوَلَّجَ فِي مَسَامِعِهِمْ كلاَماً
وَصَارَ إِلى قُلُوبِهِمُ كِلاَما

لغرُّوا بالسَّكينة ِ منكَ جهلاً
ورُبَّ سكينة ٍ جرَّتْ عراما

نَسَخْتَ تَلِيدَ عِزِّهِمُ بِذُلٍّ
أَوَانَ مَسَخْتَ أُسْدَهُمُ نَعاما

فظنَّ القومُ محياهمْ مماتاً
وَنَحْنُ نَظُنُّ يَقْظَتَنا مَناما

وَقَدْ مَرَنَتْ عَلى قَذْعٍ وَجَدْعٍ
موارنُ قطُّ ما عرفتْ خطاما

وناديتَ الممالكَ فاستجابتْ
لِطَاعَتِكَ اعْتِياماً وَاغْتِناما

تيقَّنُ أنَّ أخذكها صلاحٌ
كفاها أنْ تحيطَ بها اصطلاما

فَأَلْحِقْ شَرْقَهَا بِالغَرْبِ قَسْراً
كَحَوْزِكَ قِبْلَة ً مِنْهَا وشَاما

غياثَ المسلمينَ كففتَ عنهمْ
عَظَائِمَ تَسْلُبُ اللَّحْمَ العِظاما

يَهُونُ عَلَيْكَ إِحْيَاءُ اللَّيالِي
وَإِنْ طَالَتْ إِذَا بَاتُوا نِياما

سَهِرْتَ لِكَيْ تُنِيمَهُمُ وَقِدْماً
تولّى الأمرَ منْ سهروا وناما

وَمَا سَلَّ الْكَهَامَ عَلى عِدَاهُ
غَدَاة َ الرَّوْعِ مَنْ وَجَدَ الْحُسَاما

لَقَدْ وَطَّدْتَ بِالآرَاءِ أَمْراً
لِغَيْرِكَ مَا اسْتَقَادَ وَلاَ اسْتَقَاما

عُقُودٌ بِالتُّقى وَالْعَدْلِ شُدَّتْ
أَطَعْتَ اللَّهَ فِيهَا والإِمَاما

فما يخشى الوليُّ لها انفصالاً
وَلاَ يَرْجُو العَدُوُّ لَهَا انْفِصَاما

دعتْ لكَ بالبقاءِ وقدْ أجيبتْ
حَزَائِقُ أَمَّتِ الْبَيْتَ الْحَرَاما

بجمعٍ تلبسُ الخضراءُ منهُ
ترحَّلَ أوْ ثوى غيماً ركاما

إِذَا مَا حَلَّ ظَلَّلَها دُخَاناً
وَإِنْ هُوَ سَارَ طَبَّقَها قَتَاما

وَيَمْنَعُ مَنْ تَحَدَّاهُ حُدُوداً
بعزِّ المشرفيَّة ِ أنْ تُقاما

حَمَيْتَهُمُ مِنَ النَّكَبَاتِ طُرّاً
وَمِثْلُكَ عَنْ وُفُودِ اللّهِ حَاما

يقرُّ بذاكَ منْ صلّى وضحّى
ويشهدُ كلُّ منْ شهدَ المقاما

مَوَاقِفُ يَسْأَلُونَ اللّهَ فِيها
لدولتكَ الحراسة َ والدَّواما

لقدْ حليتْ بسؤددكَ المساعي
فَلاَ حَلَّ الزَّمَانُ لَها نِظَاما

حَيِيتَ حَيَاتَهُ الطُّولى تَقَضّى
كذا أعوامهُ عاماً فعاما

موقَّى ً في الخطيرِ وذي المعالي
نوائبَ ما تركتَ لها احتكاما

قرينا سؤددٍ بلغا مداهُ
وجاراهُ وما بلغا الفطاما

لقدْ نهضا بعبئكَ فاستقلاَّ
وقدْ عرفا سبيلكَ فاستقاما

وَعَمَّا الأَرْضَ إِحْسَاناً وَعَدْلاً
فَدُمْتَ لِأَهْلِها أَبَداً وَدَاما

إذا الشُّعراءُ بالتَّشبيبِ فاهوا
فلستُ بغيرِ مدحكَ مستهاما

وما ذكري هوى ً لمْ أجنِ منهُ
وإنْ أحببتهُ إلاَّ غراما

نسبتُ بصبوة ٍ لا لومَ فيها
تذكِّرهث صبوة ً جلبتْ ملاما

نَمَتْ حَالِي وَعَزَّ صَلاَحُ جِسْمِي
بأرضٍ لا أطيقُ بها مقاما

ولولاَ ما نهى القرآنُ عنهُ
إِذاً لاَخْتَرْتُ قُرْبَكَ وَالسَّقَاما

سأكرهُ في رحيلي عنكَ عزماً
إِلَيْكَ سَرى يُجَاذِبُنِي کلزِّمَامَا

فَزَارَكَ مِنْ بَدِيعِ الشِّعْرِ زَوْرٌ
عَدِمْتُ الزَّورَ فِيهِ وَالأَثَاما

مقيمٌ في جنابكَ لمْ يرمهُ
وإنْ غدتِ البلادُ بهِ تراما

عَلاَ قِمَمِ النَّعَائِمِ مُسْتَطِيلاً
وَسَارَ وَمِنْ قَلاَئِصِهِ النُّعَاما

قوافٍ في الفيافي آنستنا
وَأَنْسَتْنَا بِذِكْرَاكَ الْكِرَاما

وَلاَ عَجَبٌ إِذَا شُغِلَتْ أُنُوفٌ
بعرفِ المسكِ عنْ نشرِ الخزاما

وَأَفْخَرُ مَا تَسَرْبَلَهُ كَرِيمٌ
ثناءٌ سارَ عنْ مجدٍ أقاما

وَمَا نَقَصَتْ عَطَايَاكَ اللَّوَاتِي
عَلَتْ أَمَلِي فَأَسْأَلَكَ التَّماما

وَلكِنْ عَنَّ لِي غَرَضٌ فَطَرِّزْ
بِتَبْلِيغيهِ أَنْعُمَكَ الجِسَاما

أماتَ الحاسديكَ اللهُ غيظاً
وَإِنْ كانَتْ حَيَاتُهُمُ حِمَاما

فَلَوْلاَ جَهْلُهُمْ بَرَدَتْ قُلُوبٌ
تَحَقَّقُ أَنَّ مَجْدَكَ لَنْ يُرَاما

قُلُوبٌ فَاضَ سَيْلُ الْيَأْسِ فِيها
وَتَأْبَى نَارُها إِلاَّ اضْطِّرَاما

فَلاَ نَقَعَ الْغَمامُ غَلِيلَ صَادٍ
رأى جدواكَ وانتجعَ الغماما