إِنِّي وَإِنْ كُنْتُ في الأَقْوَالِ مُحْتَكِماً - ابن حيوس

إِنِّي وَإِنْ كُنْتُ في الأَقْوَالِ مُحْتَكِماً
لاَ أَدَّعِي شَرْحَ مَا يَسْتَغْرِقُ الْكَلِما

لكنْ أقولُ على مقدارِ مقدرتي
فلستُ أظهرُ إلاَّ بعضَ ما اكتتما

أبعدتَ مسراكَ منْ مغداكَ مرتقياً
إلى المعالي فضلَّ الفكرُ بينهما

وَلَسْتُ أُعْطِي مُلُوكَ الأَرْضِ سُؤْلَهُمُ
بِأَنْ أَقُولَ هُمُ أَرْضٌ وَأَنْتَ سَما

لَقَدْ غَدَا بِكَ هذَا الدَّهْرُ مُحْتَلِياً
فعادَ بعدَ علوِّ السِّنِّ محتلما

وَلَمْ نَخَلْ أَنَّنَا فِيما نَعِيشُ نَرى
قَبْلَ الْحِمامِ دَوَاءً يُذْهِبُ الْهَرَما

رَأْيٌ وَعَزْمٌ مَضى حَدَّاهُمَا فَنَبَا
حدُّ الخطوبِ الَّتي قارعتها بهما

أَنْتَ الْحُسَامُ الَّذِي مَا سُلَّ يَوْمَ وَغى ً
إلاَّ أتاحَ حماماً أوْ أباحَ حما

وما تميَّزَ مذْ أصبحتَ تكلؤنا
مَنْ يَسْكُنُ الشَّامَ مِمَّنْ يَسْكُنُ الْحَرَما

وهلْ ترى غيرَ الأيَّامِ عادية ً
وقدْ رأتكَ منَ العادينَ منتقما

أَمْ هَلْ يُرَوَّعُ بِالإِرْجَافِ مَنْ جَمَعَتْ
جُيُوشُهُ الْعَرَبَ الْعَرْبَاءَ وَالعَجَما

وَكَيْفَ تَطْمَحُ أَبْصَارٌ مُذَلِّلُها
وافٍ إذا قالَ منصورٌ إذا عزما

أمْ كيفَ يخشى جموعَ المفسدينَ وقدْ
فلَّ الصَّوارمَ سيفٌ قطُّ ما كهما

رَأَوْا لَيالِيَهُمْ لَمَّا عَفا زُهُراً
ولوْ سطا لرأوا أيَّامهمْ سحما

كَذَّبْتَ آمالَهُمْ عِزّاً أَوَانَ عَتَوْا
فَمُذْ عَنَوْا طاعَة ً صَدَّقْتَها كَرَما

مَوَاهِبٌ صَوْبُها يُحْيِي الْعُفاة َ وَفِي
أَثْنائِها سَطَوَاتٌ تَقْتُلُ الْبُهَما

وَمُقْرَباتٌ إِذَا أَمَّتْ دِيارَ عِدى ً
جَعَلْنَ كُلَّ بَعِيدٍ نازِحٍ أَمَما

تخافُ وهيَ على الآريِّ صافنة ٌ
فَما يَظُنُّونَ إِنْ أَعْضَضْتَها اللُّجُما

يَجْنِي قَناكَ وَلَمْ يَبْرَحْ مَرَاكِزَهُ
على الطُّغاة ِ كما يجني إذا انحطما

وكمْ أصبتَ بسهمٍ في كنانتهِ
قلبَ العدوِّ الَّذي أخطاكَ حينَ رما

وَمُذْ فَشَا خَبَرُ التَّبرِيزِ ما اجْتَمَعُوا
فَهَلْ ضَرَبْتَ طُلى ً بِالقاعِ أَوْ خِيَما

ولوْ رموا بكَ في الهيجاءِ لمْ يجدوا
إلاَّ إلى ظلِّكَ الممدودِ منهزما

إذا أذمُّوا لمنْ تخشى بوائقهُ
حكمتَ مقتدراً أنْ يخفروا الذِّمما

وَمَنْ نَبَذْتَ إِلَيْهِ ذِكْرَ مَوْجِدَة ٍ
فَقَدْ جَعَلْتَ إِلَيْهِ لِلرَّدى لَقَما

ومن بسطت عليه للوعيد يداً
كمن سللت عليه صارماً خذ ما

هذَا هُوَ العِزُّ مَرْئِياً وَمُخْتَبَراً
لاَ ما يخبِّرُ عنهُ زعمُ منْ زعما

وَقَدْ غَمَرْتَ ابْنَ حَسَّانٍ بِفَيْضِ نَدى ً
ما شَكَّ فِي الْفَوْزِ رَاجِيهِ وَلاَ وَهِما

أجابَ منْ قبلِ أنْ يدعى بتلبية ٍ
ولوْ سواكَ دعاهُ أظهرَ الصَّمما

ولاَ اعتدادَ بهذا طالما خطمتْ
لكَ المهابة ُ أنفاً قطُّ ما خطما

وكمْ خلفتَ الحيا أوقاتَ غيبتهِ
عَنْ ذِي البِلاَدِ وَلَمْ يَخْلُفْكَ حِينَ هَما

أمَّنتَ قطَّانها لاَ زلتَ مؤمنهمْ
مِنْ أَنْ يُعاوِدَهُمْ دَاءٌ بِكَ انْحَسَما

وأمحلوا فأماتَ المحلَ صوبُ يدٍ
أنشأتَ في الأرضِ منْ آلائها ديما

فَكُلُّ سَيْفٍ تُزِيلُ الْخَوْفَ شَفْرَتُهُ
فداءُ سيفٍ يزيلُ الخوفَ والعدما

إذا رأى مذهباً للهِ فيهِ رضى ً
ودونهُ النَّارُ أوْ حدُّ الظُّبى اقتحما

وكمْ تعرَّضَ في أبهى ملابسهِ
لِعَينِهِ آلإِثْمُ مُخْتَالاً فَمَا أثِمَا

لَمْ كُنْتَ تُجْزِى بِأَدْنَى مَا مَنَنْتَ بِهِ
لأَوْطَأُوا خَيْلَكَ الأَبْصَارَ والقِمَما

وقبَّلوا كلَّ نهجٍ ظلتَ تسلكهُ
حَتّى يَصِيرَ ثَرَاهُ فِي الشِّفَاهِ لَما

يَابْنَ الْخَضَارِمِ أَمَّا سَيْلُهُمْ فَطَفَا
على الكرامِ وأمَّا بحرهمْ فطما

طالوا وصالوا بأيدٍ تستهلُّ ندى ً
عَلى الْوَرى وَسُيُوفٍ تَسْتَهِلُّ دَما

فتاهمُ بالتُّقى والحلمِ مدرِّعٌ
وشيخهمْ منْ لبانِ الحربِ ما فُطما

أبوا فما نزلوا عنْ منزلٍ نزلوا
خَوْفاً وَلاَ طعَنُوا فِي الرَّوْعِ مُنْهَزِما

وإنْ كفتكَ صفاتُ الذَّاهبينَ على ً
أَغْنَاكَ حَادِثُها عَنْ ذِكْرِ مَا قَدُما

لستَ المحيلَ إذا ما طلتَ مفتخراً
عَلى فَضَائِلِ قَوْمٍ أَصْبَحُوا رِمَما

بلْ أنتَ أوفرُ منْ تمشي الجيادُ بهِ
قِسْماً إِذَا ظَلَّ حُسْنُ الذِّكْرِ مُنْقَسِما

وَهِيَ الْمَحامِدُ أَبْقَتْ خامِلاً أَبَداً
منْ لمْ تسمْ وسما ملكٌ بها وسما

لقدْ حملتَ منَ الأعباءِ مضطَّلعاً
ما لَوْ أَلَمَّ بِطَوْدٍ شامِخٍ أَلِما

حتّى علوتَ بأفعالٍ أمنتَ بها
منْ أَنْ يَقُولَ حَسُودٌ حافَ مَنْ قَسَما

يا ناصِرَ الدَّوْلَة ِ الْمُنْسِي بِسِيرَتِهِ
مَنْ عَزَّ فِي الزَّمَنِ الْخَالِي وَمَنْ كَرُما

أَوْدَعْتَ غابِرَ هذَا الدَّهْرِ فَابْقَ لَهُ
مِنَ الْمَحاسِنِ ما لَمْ يُودِعِ القُدَما

مناقبٌ لمْ يفزْ غيرُ الحسينِ بها
حتّى لخلناكَ قدْ ساهمتهُ الشِّيما

تشابهتْ فهلِ الرُّوحانِ واحدة ٌ
في حوزِ ذا الفضلِ أمْ أعديتهُ همما

إنَّ الإمامَ الَّذي أقوالهُ جمعتْ
فصلَ الخطابِ وعنها تأخذُ الحكما

أَبْدَتْ عِبارَتُهُ مَعْنى إِرَادَتِهِ
وَفِي إِشَارَتِهِ مَعْنى ً لِمَنْ فَهِما

لوْ لمْ يطلْ شرفاً أبناءَ دولتهِ
لما دعاهُ لها منْ دونهمْ علما

غيرانُ ما جارهُ الأقصى بمهتضَمٍ
يَوْماً وَلَوْ أَنَّ جَارَ الْفَرْقَدِ اهْتُضِما

يعطي الألوفَ ويلقى مثلَ عدَّتها
منَ الفوارسِ في الهيجاءِ مبتسما

كَمْ قَالَ رَائِيهِ فِي حَرْبٍ وَبَذْلِ لُهى ً
لنْ تنبتَ الذُّلَّ أرضٌ تنبتُ الكرما

إنْ حلَّ بالوهدِ كانَ الأفعوانَ وإنْ
طَلَّ الرَّبِيئَة َ كَانَ الأَجْدَلَ القَطِما

وَلِلْثَّنَا نَغَماتٌ فِي مَسَامِعِهِ
لِأَجْلِهَا هَجَرَ الأَوْتَارَ وَالنَّغَما

كَفَاكَ كُلَّ مُلِمٍّ فِيكَ نَحْذَرُهُ
ربٌّ جلا بكَ عنْ ذا العالمِ الغمما

واللهُ يحرسُ نجميْ سؤددٍ طلعا
فينا فطبَّقَ أفقَ المجدِ نورُهما

أَمَّا مَدَاكَ فَمَا حَازَا وَلاَ عَدَلاَ
وأشبهاكَ فما جارا ولا ظلما

وَكُلُّ عَصْرِكَ أَعْيَادٌ مُجَدَّدَة ٌ
فَمَا نُبَالِي مضى ذَا العِيدُ أَمْ قَدِما

فَلاَ خَبَا ضَوءُ نَارٍ يَسْتَضِيءُ بِهَا
مَنِ اسْتَجَارَ وَيَصْلاَهَا مَنِ اجْتَرَما

ولاَ أديلتْ صروفُ الدَّهرِ منْ ملكٍ
نظنُّ يقظتنا في ظلِّهِ حلما