خَيْرُ الأنَامِ لِشَرِّهِمْ إِحْكاما - ابن حيوس

خَيْرُ الأنَامِ لِشَرِّهِمْ إِحْكاما
مَنْ بِالسُّيُوفِ يُنَفِّذُ الْأَحْكاما

غيرُ المظفَّرِ منْ ينامُ على قذى ً
وسواهُ يوسعُ منْ ألامَ ملاما

جعلَ الكتابَ إلى العدوِّ كتائباً
أَبْدَتْ لَهُمْ عِوَضَ الْكَلاَمِ كلاَما

واستنطقَ الأسيافَ علماً أنَّها
تغنيهِ أنْ يستنطقَ الأقلاما

يُرْجى وَيُخْشَى رَغْبَة ً وَمَخافَة ً
مَنْ يُجْزِلُ الإِنْعامَ وَالإِرْغاما

يا قامعَ العدوى بنفسٍ مرَّة ٍ
تأبى الظَّلامَ وتكشفُ الإظلاما

سَلَبَتْ مَخافَتُكَ اللَّيالِيَ جَوْرَها
وَاسْتَعْبَدَتْ آلآؤُكَ الأَيَّاما

وَلَرُبَّ مَمْلَكَة ٍ عَصَتْكَ رِجالُها
حيناً فغادرتَ النِّساءَ أياما

زلزلتَ أرضَ الرُّومِ بالفتنِ الَّتي
ظَلُّوا يَرَوْنَ اليَوْمَ مِنْها عاما

جحدوكَ ما أوليتهمْ ومعرَّضٌ
لِلْهُونِ مَنْ لَمْ يَحْمَدِ الإِكْرَاما

وَلَطالَما كَفَرَ الْمُعافى صِحَّة ً
فأحالها كفرانها أسقاما

غشَّيتهمْ مستيقظينَ مخاوفاً
غشيتهمُ فيما مضى أحلاما

ما صادَفُوا بَرْقَ التَّهَدُّدِ خُلَّباً
كلاَّ ولاَ غيمَ الوعيدِ جهاما

أمَّنتهمْ عنْ قدرة ٍ وأخفتهمْ
كَيْ يَخْبُرُوكَ سَكِينَة ً وَعُرَاما

إنْ كانَ أكثرهمْ طعاماً فالظُّبى
تفني الخبارَ ولاَ تعافَ طعاما

بِطَلاَئِعٍ نُكِبُوا فَكَيْفَ بِهِمْ غَداً
إنْ زارَ أرضهمُ الخميسُ لهاما

فِي فِتْيَة ٍ تُصْلِيهِمُ نارَ الْوَغى
أبداً وإنْ كانوا عليكَ كراما

لاَ يَسْلُبُونَ سِوى النُّفُوسِ كَفَتْهُمُ
نعمٌ جنوها منْ يديكَ جساما

تَهْذِيبُ مُلْكِكَ إِنَّهُ الْمُلْكُ الَّذِي
يُسْنِي اللُّهى وَيُعلِّمُ الإِقْدَاما

خِلْطانِ مِنْ حَضَرٍ وَبَدْوٍ طالَما
لاَقَوْا إِلى مَجْنُوبِكَ الآلاما

ما غضَّ فيهمْ والقلوبُ قريبة ُ الأ
هْوَاءِ أَنْ يَتَباعَدُوا أَرْحاما

خَيْلٌ سَبَقْنَ الْمُنْذِرِينَ بَعَثْنَها
عَزَماتُ أَرْوَعَ تَسْبِقُ الأَوْهاما

كستِ البسيطة َ بالحديدِ إضاءة ً
وَالجَوَّ مِنْ قَسْطالِها إِدْهاما

في يومِ أرتاحٍ غداة َ سقتهمُ
موتاً تحكَّمَ في النُّفوسِ زؤاما

أسرتْ زعيمهمُ هناكَ وغادرتْ
عُظَماءَهُمْ غِبَّ الْمُغارِ عِظاما

نَبَذُوا القِسِيَّ وَأَسْلَمُوهُ لأَنَّها
طاشَتْ وَقَدْ حَمِيَ الْوَطِيسُ سِهاما

ومبطرقُ البطريقِ يأبى مثلهُ
إِنْ أَنْتَ لَمْ تُعْطِ الرَّسُولَ ذِماما

وَبَنُو عَدِيٍّ يَوْمَ لاَقَوْا جَمْعَهُمْ
تَرَكُوا الْقَنَا لاَ تَشْتَكِينَ أُوَاما

صَدَرَتْ تَرَنَّحُ في الأَكُفِّ كَأَنَّما
سقِّينَ منْ تلكَ الدِّماءِ مداما

لَمَّا رَأَوْا خَطَّ الظُّبى مُسْتَعْجِماً
جَعَلُوا لَهُ وَخْزَ الْقَنَا إِعْجَاما

وَأَبُو الْفَوَارِسِ شَلَّهَا بِمَخَاضَة ِ الْ
بُرْجِيِّ شَلَّ الْفَيْلَقِ الأَنْعَاما

زأرتْ زئيرَ الأسدِ إلاَّ أنَّهمْ
صَارُوا وَقَدْ جَدَّ العِرَاكُ نَعَاما

فأتتْ رؤوسُ رؤوسهمْ محمولة ً
ظلموا فلمْ يكنِ الرَّدى ظلاَّما

بَثَّتْ سَرَايَاكَ الْحُتُوفَ وَأَكْثَرَتْ
في أَرْضِ أَنْطَاكِيَّة َ الأَيْتَاما

وَمَضَتْ مُصَمِّمَة ً وَإِنْ لَمْ تَثْنِها
ضربتْ على شاطي الخليجِ خياما

وَلْيَلْزَمِ الْحِصْنَ الدُّمُسْتُقُ مُحْجِماً
عنْ حربها فسيحمدُ الإحجاما

لَوْ فَارَقَ الْجُدْرَانَ أَصْبَحَ جَمعُهُ
مَا بَيْنَ مُنْحَطِمِ الْوَشِيجِ حُطاما

وَدَرى هُنَالِكَ مَنْ أَشَدُّ شَكِيمَة ً
عِنْدَ اللِّقَاءِ وَمَنْ أَلَدُّ خِصَاما

ما نكبة ُ الزِّروارِ منهُ بعيدة ٌ
إنْ رامَ منْ حسمِ الأذى ما راما

دَوَّخْتَ مُلْكَ الْعُرْبِ في سُلْطَانِها
والرُّومُ أيسرُ إنْ أردتَ مراما

أنّى تمانعكَ الوعولُ وقدْ رأتْ
أسدَ الشَّرى لا تمنعُ الآجاما

وَلَوِ الْتَمَسْتَ حُضُورَ مَلْكِهِمُ غَداً
لأَتَاكَ إِسلاَماً أَوِ اسْتِسْلاَما

فليستجيبوا بالخضوعِ فمَنْ سوى
شرفِ المعالي يغفرُ الإجراما

عَمْرِي لَقَدْ سَبَرُوا رِضَاهُ وَسُخْطَهُ
فَرَأَوْا حَيَاة ً حُلْوَة ً وَحِمَاما

وَسَقَاهُمُ مَاءَ الْحَيَاة ِ وَقَدْ عَنَوا
حتّى إذا عندوا استحالَ سماما

قدْ ضلَّ منْ ظنَّ المجرَّة َ روضة ً
تُرْعى وَزَاهِرَة َ النُّجُومِ سَوَاما

يَهْنِي العَوَاصِمَ أَنَّهَا مَعْصُومَة ٌ
بأعزِّ منْ منعَ الذِّمارَ وحاما

إِنْ شَبَّتِ الأَعْدَاءُ نَاراً رَدَّهَا
برداً على سكَّانها وسلاما

بمضائهِ وقضائهِ ونوالهِ
عَدِمُوا الرَّدى وَالْجَوْرَ وَالإِعْدَاما

أمنتْ بذكركَ في المغيبِ وطالما
غَابَ الهِزَبْرُ وَغابُهُ مُتَحَاما

أَمْناً أَنَامَ السَّاهِرِينَ وَقَبْلَهُ
خَوْفٌ لَعَمْرُكَ أَسْهَرَ النُّوَّاما

فَأَقِمْ وَأَمْرُكَ نَافِذٌ فَقَدْ اسْتَوى
منْ كانَ مثلكَ رحلة ً ومقاما

ولتدرِ أملاكُ البلادِ بأنَّها
كلٌّ على ملكٍ يحلُّ الشَّاما

إِنْ جَارَ خَطْبٌ كَانَ حَسَّاماً لَهُ
أَوْ قَارَعَ الأَبْطَالَ كانَ حُساما

يُضْحِي الْحَيا الْهَامِي حَصِيراً إِنْ سَخَا
فإذا نحا عزّاً أطارَ الهاما

خَصَّتْكَ بِالخَطَرِ العَظِيمِ مَنَاقِبٌ
تَسْتَغْرِقُ الإِجْلاَلَ وَالإِعْظَاما

ما زلتَ همَّاماً بكلِّ عظيمة ٍ
فِي الْمَجْدِ حَتّى مَا تَرَكْتَ هُمَاما

أَخَذَ الْفَضَائِلَ آخِرٌ عَنْ أَوَّلٍ
وأبيتَ ذاكَ فحزتها إلهاما

خلَّفتهمْ خلفاً وأنتَ تظنُّهمْ
سبقوا فدهركَ تطلبُ القدَّاما

وَالْجُودُ وَالإِقْدَامُ يَا حَاوِيهِما
قدْ أخَّرا عنْ نهجكَ الأقداما

لحملتَ عنْ قلبش الخلافة ِ سيفها
ثِقْلاً يَؤُودُ مُتَالِعاً وَشَماما

وَمَتى تَبَرَّمُ بِالحَوَادِثِ دَوْلَة ٌ
جَعَلَتْ إِلَيْكَ النَّقْضَ وَالإِبْرَاما

فَلْيَشْكُرَنَّكَ مَنْ تَعِبْتَ مُشَمِّراً
حتّى استراحَ ومنْ سهرتَ وناما

مَا أَحْسَنَ الدُّنْيَا وَعِزُّكَ قَاهِرٌ
ونداكَ منهمرٌ فدمتَ وداما

ولقدْ غمرتَ المذنبينَ صنائعاً
عَلَتِ الثَّنَاءَ وَجَازَتِ الإِنْعاما

فلوَ أنَّهمْ قاموا بأدنى فرضها
قَطَعُوا زَمَاناً أَنْتَ فِيهِ صِياما

فاسلمْ فكمْ لكَ وقفة ٌ مشهورة ٌ
أَرْضَيْتَ فِيهَا اللَّهَ وَالإِسْلاَما

لمَ لاَ تميلُ إلى بقائكَ أنفسٌ
لولاكَ لمْ تستوطنِ الأجساما

بَلْ كَيْفَ لاَ تُثْنِي عَلَيْكَ خَوَاطِرٌ
أنتَ الَّذي أوسعتها إفهاما

فاقَ الملوكَ حميَّة ً وتقيَّة ً
ملكٌ سرتْ عزماتهُ وأقاما

أَمَرَ الكَتَائِبَ بِالجِهَادِ وَجَدَّ فِي
تسهيلِ سبلِ الحجِّ ثمَّتَ صاما

فَلْيَهْنِكَ الشَّهْرُ الَّذِي يُثْنِي بما
صَيَّرْتَهُ خَلْفاً لَهُ وَأَماما

شهرٌ جعلتَ الغزوَ فاتحة ً لهُ
ورعاً وتسييرَ الحجيجِ ختاما

قَدْ مَحَّصَتْ عَنْ أُمَّة ٍ أَغْنَيْتَهَا
وَحَمَيْتَها حَسَنَاتُكَ الآثَاما

حَسَّنْتَ دُنْيَاها وَأُخْرَاهَا فَعِشْ
تفني الشُّهورَ وتنفدُ الأعواما