أَمَّا الزَّمَانُ فَقَدْ أَلْزَمْتَهُ الْجَدَدا - ابن حيوس

أَمَّا الزَّمَانُ فَقَدْ أَلْزَمْتَهُ الْجَدَدا
وَالمكرماتُ فقدْ أنشأتها جددا

فعاودَ الخوفُ أمناً وَالمباحُ حمى ً
وَالْجَدْبُ فِي الأْرْضِ خِصْباً وَالضَّلاَلُ هُدا

وِزَارَة ٌ لَوَتِ الأْعْنَاقَ خَاضِعَة ً
لعزها وَعهدنا ليها صيدا

فَارَقْتَها لاَ كَغَيْثٍ صَدَّ عَنْ بَلَدٍ
يَشْكُو الظَّمَابَلْ كَرُوحٍ فَارَقَتْ جَسَدا

وَعدتَ وَالنومُ قدْ ألوتْ بهِ فتنٌ
لِأَجْلِهَا ذُمَّ عَيْشٌ طَالَمَا حُمِدا

فقمتَ في كفَّ كفَّ الخطبِ حينَ سطا
وَ نبتَ في صرفِ الدهرِ حينَ عدا

وَهَلْ نَذُمُّ زَمَاناً مَا أَسَاءَ بِنَا
إِلاَّ لِيُحْسِنَ فِي إِنْجَازِ مَا وَعَدا

يثني عليهِ وَإنْ أضحى يعنفهُ
مَنْ لَيْسَ يَعْرِفُ مَعْنَاهُ الَّذِي قَصَدا

فكمْ لهُ عندنا منْ منة ٍ عظمتْ
وَنعمة ٍ لا يؤدى شكرها أبدا

خُطُوبُهُ لَكَ بِالإعْجَابِ خَاطِبَة ٌ
وَجورهُ لكَ بالإعجازِ قدْ شهدا

إنَّ الإمامَ حمى الملكَ الأعزَّ بمنْ
لاَتَسْتَطِيعُ الَّليَالِي حَلَّ مَا عَقَدا

تَصَفَّحَ النَّاسَ ثُمَّ اخْتَارَ أَحْسَنَهُمْ
فِيهِ وَفِي بَيْتِهِ رَأْياً وَمُعْتَقَدا

أعدَّ للبعثِ ذخراً منْ ولائهمُ
يَبْقى إِذَا كُلُّ ذُخْرٍ صَالِحٍ نَفِدا

وَلَمْ تَزَلْ فِي اجْتِيَاحِ الإْفْكِ مُنْصَلِتاً
وَفِي جِهَادِ عُدَاة ِ الدِّينِ مُجْتَهِدا

مُعَظَّماً قَبْلَ تَعْظِيمِ الإِمَامِ لَهُ
وَالسَّيْفُ يُخْشى وَيُرْجى سُلَّ أَوْ غُمِدا

مَتى تزُرْهُ لِعِلْمٍ وَاكْتِسَابِ غِنى ً
فاضَ النديُّ بياناً وَالبنانُ ندا

يبخلُ الديمة َ الوطفاءَ مختصراً
وَيسبقُ الحرجفَ النكباءَ متئدا

وَماجدٌ لسوى العلياءِ ما خلقتْ
أخلاقهُ وَلغيرِ الفضلِ ما ولدا

وَلاَ نَبَذْتَ حَدِيثاً فِيهِ قَدْ وَردَا
بعزمهِ وَسألناهُ فما اقتصدا

فَلَيْسَ يَلْقاكَ مَأْمُورٌ بِمَعْصِيَة ٍ
عَلَى الْمَكِينِ الْحَفِيظِ الأَوْحَدِ اعْتَمَدا

وَكيفَ يعدوكَ وَالأيامُ عادية ٌ
مَنْ رَامَ مِثْلَكَ فِي الدُّنْيا فَما وَجَدا

إِنَّ السَّعادَة َ عَمَّتْ مُذْ خُصِصْتَ بِها
فاسلمْ على رغمِ حسادٍ وَكبتِ عدا

أخفوا ضباباً كداها في صدورهمُ
وَهُمْ ضِبابٌ لَها فَرْطُ الْخُضُوعِ كدا

فَلاَ تَرُعْهُمْ وَكُنْ مِنْهُمْ عَلَى ثِقَة ٍ
أنَّ الحمامَ إليهمْ يسبقُ الكمدا

وَجلة ُ القومِ فقاتلهمْ بسعيهمُ
فيما تحبُّ وَلاَ تستصغرِ النقدا

ما حِدْتَ عَنْ آيَة ٍ فِي الْعَفْوِ مُنْزَلَة ٍ
وَرُبَّما عَزَّهُ أَنْ يَقْلَعَ الْوَتِدا

وَذا مقالٌ غنيٌّ عنْ هدايتهِ
مَنْ مُذْ تَنَبَّهَ لِلْعَلْياءِ ما رَقَدا

إني بذا النصحِ لما عنَّ في خلدي
كالْخُلْدِ دَلَّ عَلَى حِيسِ الْفَلاَ الأَسَدا

رقتَ الإمامة َ في قولٍ وَفي عملٍ
فَبُلِّغَتْ بِكَ هذَا الْمُرْتَقى الصُّعُدا

فَکشْكُرْ خَلِيلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لِمَنْ
أعطاكَ منزلة ً لمْ يعطها أحدا

وَاحكمْ على كلَّ منْ رامَ العنادَ لهُ
بِحُكْمِ جَدِّكِ فِي النُّعْمانِ إِذْ عَنَدَا

كَذَّبْتَ بِالْعَدْلِ إِذْ أَصْبَحْتَ باسِطَهُ
مَنْ قالَ كِسْرى أَنُوِشرْوَانُ قَدْ فُقِدَا

وَأوردتكَ سجاياكَ التي شرفتْ
مِنَ النَّباهَة ِ بَحْراً قَطُّ ما وُرِدَا

وَهيَ الفضائلُ منْ أعلينَ رتيتهُ
طالَ الأَنامَ وَمَنْ أَفْرَدْنَهُ انْفَرَدَا

آزَرْتَ أَرْبابَ هذَا الأَمْرِ آوِنَة ً
عزّاً لمنْ ذلَّ نهاضاً لمنْ قعدا

هَلْ كُنْتَ فِي الْقَوْمِ إِلاَّ بانِياً شَرَفاً
وَمُصْلِحاً فاسِداً أَوْ مُوْضِحاً رَشَدَا

وَما أَتى مِنْكَ فِعْلٌ أَوْ أَمَرْتَ بِهِ
فِيهِ الْكَلاَمَ وَما مَثَّلْتهُ اعْتُمِدَا

ضافَرْتَ أَرْبَعَة ً مِنْهُمْ سَلَكْتَ بِهِمْ
طَرَائِقاً ضَلَّ عَنْها مَنْ تَرَكْتَ سُدَا

يسومها معوزٌ مما ينالُ بهِ
وَشأنُ مينِ الفتى تقريبُ ما بعدا

كَقائِلٍ بِلِسانٍ لَمْ يَحُطْهُ فَمٌ
بدَّدْتَ وَفْرَكَ فِي فَرْضٍ وَنافِلَة ٍ

أَوْعَاشِقٍ وَصَلَ کلْمَعْشُوقُ هِجْرَتَهْ
مستيقظاً وَهوَ وصالٌ إذا هجدا

فليخلُ ذو الأملِ الطماحِ منْ تعبٍ
يُضيِعُهُ وَلْيُخَلِّ کلْحَاسِدُ کلحَسَدا

إِني وَجَدْتُ لِطَرْفِ کلْعَيْنِ مِنْكَ عُلى ً
سما لها وَلطرفِ المدحِ مطردا

فَحَازَ نَيْلاً لِرَاويهِ وَقَائِلِهِ
وَحَافِظِيهِ وَمَنْ غَنّى بِهِ وَشَدا

إلى کلمَوَاطِنِ سَيّارٌ وَإِنْ بَعُدَتْ
وَفي الحيازمِ معقولٌ وَإنْ شردا

بقيتَ ما دامتِ الأعيادُ عائدة ً