أقلا فشأنكما غيرُ شانى - الشريف المرتضى

أقلا فشأنكما غيرُ شانى
ولستُ بطوعكما فاتركانى

ولا تجْشَما عَذْلَ مَن لا يُصيخُ
فما تُعدِلاني بأنْ تَعذُلاني

غرامي بغيرِ ذواتِ الخدودِ
ووجدى بغير وصالِ الغوانى

ولي شُغُلٌ عن هوى الغانياتِ
وما الحبُّ إلاّ فراغُ الجنانِ

ومن أجلِ وَسْواسِ هذا الغرامِ
أقامَ العزيزُ بدارِ الهَوانِ

ولولا الهوى ما رأيتَ الشُّجاعَ
يَقنِصُ في حَومة ٍ للجبانِ

ولي عِوَضٌ بوجوهِ الصَّوابِ
مشرقة ً عن وجوه الحسانِ

فأغنى من البيضِ بيضُ الضّراب
وأغنى من السّمرِ سمرُ الطّعانِ

دعانى إليهِ فلبّيتهُ
مليكُ الورى والعلا والزّمانِ

دعانى ولولا ولائى الصّريح
لدولتهِ وجدها ما دعانى

أتتهُ ولم يأتها ريبة ً
يَغارُ على مِثلها الفَرقدانِ

وكنتُ أراها له بالظُّنونِ
فقد صرتُ أُبصرها بالعِيانِ

فدونَكَها دولة ً لاتَبيدُ
كما لا يبيدُ لنا النّيّرانِ

بناها لك اللهُ فى شامخٍ
بعيدِ الرِّعانِ رفيعِ القِنانِ

فقد علمَ المُلكُ ثمَّ الملوكُ
أنّك أولاهمُ بالرّهانِ

وأنَّك أضرَبُهُمْ بالحُسامِ
وأنَّكَ أطعنُهمْ بالسِّنانِ

وأنّكَ أبذَلهمْ للبدُورِ
وأملاهُمُ في قِرى ً للجِفانِ

وأنّك سلماً وحرباً أحقُّ
بظهر السَّريرِ وظهرِ الحِصانِ

وأنّك فى خشناتِ الخطوبِ
أبعدُهُمْ عن محلِّ اللِّيانِ

فللّهِ دَرُّك يومَ التَوَتْ
عليك الخطوبُ التواءَ المثانى

وقد ذهبوا عن طريق الصّوابِ
وأنتَ عليه وما ثمَّ ثانِ

دعوك إليها دعاءَ الرّكوبِ
سُرَى اللّيل للقمر الأَضْحَيانِ

وقالوا هلمَّ إلى خطّرٍ
تُقَعْقِعُ بالشَّرِّ لا بالشِّنانِ

عشيّة َ لاكوا ثمارَ النّكولِ
وذاقوا جنى عجزهمْ والتّوانى

ولاحتْ شواهدُ مشنوءة ٍ
ودلّ على النّارِ لونُ الدّخانِ

وأشعرنا الحزمُ قبلَ اللّقاءِ
بيومٍ يسيلُ ردى ً أرْدَنانِ

وأنتَ على ظهر مجدولة ٍ
منَ الشَّدِّ والطَّرْدِ جَدْلَ العِنانِ

كأنّ الذى فوقها راكبٌ
قرا يذبلٍ أوْ سراتى ْ أبانِ

إلى أن جذبتَ صِعابَ الرِّقابِ
وشُمَّ المخاطمِ جَذْبَ العِرانِ

وغيرُك يندمُ في فائتٍ
وليس له غيرُ عضِّ البنانِ

وغرَّهمُ منك طولُ الأناة ِ
وكم غُرَّ في السَّرْعِ من بُعْدِ دانِ

فلا تَسْتغرّوا بإطراقة ٍ
تهابُ كإطراقة ِ الأفعوانِ

ولا تحسبوا حلمهُ ديدناً
فكم نزعَ الحِلْمَ إصرارُ جانِ

وإنّك فى معشرٍ شأنهمْ
إذا شَهدوا معركاً خيرُ شانِ

لهمْ رممٌ كلّما رجّلتْ
فبالسّائل العَصْبِ لا بالدِّهانِ

وأيمانهمْ خلقتْ فى الهياجِ
لضربٍ يقطٌّ الطّلى أو طعانِ

يحلّون فى كلّ مرهوبة ٍ
محلَّ الغرارِ الحسامِ اليمانى

وإنْ أنتَ طاعنتَ أغنوك فى الـ
ـقناة ِ، وقد حضروا، عن سِنانِ

فيا رُكنَ أدياننا والجمال
لمِلَّتنا في نأى ً أو تَدانِ

أبوك الذي سامني مدحَه
ومازلتُ عنه طويلَ الحِرانِ

إلى أنْ ثناني إليه الوِدا
دُ منه وكرَّمني فاشتراني

وما زال يجذبنى باليدين
حتّى عطفتُ إليه عنانى

ولمَّا رَقاني ولم أعْيِهِ
وأعييتُ من قبله منْ رقانى

فسيَّرتُ فيه منَ الصّائباتِ
دراكاً نحورَ العدا والمعانى

وأطربتهُ بغناءِ المديحِ
فأغنيتهُ عن غناءٍ القيانِ

فخذ منّى اليومَ ما شئتَ منْ
صنيعِ الضّمير ونسجِ اللّسانِ

كلاماً يغور إليه البليدُ
وينقلُهُ مُسرعاً كلُّ وانِ

شموساً يبرّحُ بالهاتفين
ولمّا هَتَفْتُ به ماعصاني

غنيّاً بصنعته لم يطفْ
بلفظِ فلانٍ ومعنى فلانِ

فلو رامه الأفقُ ما ناله
ولولاكَ كُفْواً لهُ ما عَداني

ولي خدمة ٌ سَلفتْ في الزَّمانِ
صدعتُ بها غرّة ً فى زمانى

ولمّا رأتْنِيَ منكَ اللِّحاظُ
حمتنى هنالك منك اليدانِ

وأسكنتُ عندك ظلاًّ أقول :
كفانيَ مانلتُ منه كفاني

وما زلتُ مذْ ذاك تحنو على
ودادك فى الصّدرِ منّى الحوانى

يَهابُ مراسِيَ مَن رامني
ويُخطئني خِيفة ً مَن رماني

ولولا دفاعك عنّى لما
تغيّبَ عن ريبِ دهرى مكانى

ولا كنتُ ممّنْ يَرى سيِّئاً
بغير ومقلتُهُ لاتَراني

ولمْ لا أتِيهُ وأنتَ الذي
تَنَخَّلَني خِبرة ً واصطفاني؟

ولمّا انتسبتُ إلى عزّهِ
حميتُ الذى كان قدماً حمانى

فلا زلتَ من تبعاتِ الخطوب
ومن كلّ طارقة ٍ فى أمانِ

وأصبحتَ مُصًطبحاً ماتَبيتَ
تُرامقُهُ من مُنى ً أو تراني

ولا فارقتكَ ضروبُ السّرورِ
ولا صارمتك فنونُ التّهانى