أأرقتَ بعدَ رقادكَ الأوَّابِ - بشار بن برد

أأرقتَ بعدَ رقادكَ الأوَّابِ
بَهَوَاكَ أمْ بِخَيَالِهِ الْمُنْتَابِ

نَعَقَ الْغُرَابُ فَخَنَّقَتْنِي عَبْرَة ٌ
وبكيتُ من جزعٍ على الأحبابِ

يَا رُبَّ قَائِلَة ٍ ـ وغُيِّبَ عِلْمُهَا ـ:
ماذا يهيجكَ من نعيقِ غرابِ

كاتمتها أمري وما شعرتْ بهِ
وَكَذَاكَ قَدْ كَاتَمْتُهُ أصْحَابِي

ودواءُ عيني - قد علمتُ - وداؤها
رَيَّا الْبَنَانِ كَدُمْيَة ِ الْمِحْرَابِ

في نأيها وصبٌ عليَّ مبرِّحٌ
ودُنُوُّها شافٍ مِن الأَوصابِ

تمْشِي إِذَا خَرَجَتْ إِلَى جاراتها
مشيَ الحبابِ معرضاً لحبابِ

خَوْدٌ إِذَا انْتَقَبَتْ سَبَتْك بِنَظْرة ٍ
وأغرَّ أبلجَ غيرَ ذاتِ نقابِ

تعْتلُّ إِنْ شَهِدَ الأَمِيرُ بِقُرْبِهِ
وإذا نأى وجلتْ من الحجَّابِ

وعتابِ يومٍ لو أجبتك طائعاً
قَصُرَ الْوِصالُ بِهِ وطالَ عِتَابِي

لكنْ رأيتُ من السُّكوتِ يديهة ً
فشَددْتُ وصْلَكُمُ بِترْكِ جَوَابِي

إِنِّي علَى خُلْفِ الْمَواعِدِ مِنْكُمُ
صابٍ إِليْك ولسْتُ بالْمُتَصَابِي