أمُذكّرِي عَهدَ الصِّبَا - بهاء الدين زهير

أمُذكّرِي عَهدَ الصِّبَا
بَعدَ الإنَابَة ِ وَالرّجوعِ

أذكرتني أشياءَ منْ
زَمَنٍ تَرَكتُ بها وَلوعي

أشياءَ ذُقتُ لفَقدِها
ألَمَ الفِطامِ على الرّضيعِ

نسجتْ عليها العنكبو
تُ وغودرتْ بينَ الضلوعِ

وإذا تقاضيتَ الجوا
بَ فخذ جوابك من دموعي

ذهبَ الجديدُ منَ الشبا
بِ فكَيفَ ظَنُّكَ بالخَليعِ

وودتُ لو دامَ الخليـ
ـعُ فَهَلْ إلَيْهِ مِنْ شَفيعِ

ولكمْ طربتُ إلى الربيـ
ـعِ بفتية ٍ مثلِ الربيعِ

وَفَضَحْتُ أزْهارَ الرّيا
ضِ بحُسنِ أزْهارِ البَديعِ

وَسَهِرْتُ في لَيلِ الصبَا
سَهَراً ألَذّ منَ الهِجوعِ

وطرقتُ خدرَ الكاعبِ الـ
ـحسناءِ والخودِ الشموعِ

وَسَفَرْتُ للمَلِكِ العَظيـ
ـمِ الشأنِ والقدرِ الرفيعِ

وشَرِكْتُهُ في الأمْرِ يَنْـ
ـفُذ في الشّرِيفِ وَفي الوَضيعِ

وَبَلَغَتُ ذاكَ وَلم أكنْ
فيهِ لحَق بالمُضيعِ

ثمّ ارعويتُ وصرتُ في
حدّ السكينة ِ والخشوعِ

فَزَهِدْتُ في هَذا وَذا
فقلِ السلامُ على الجميعِ

فإليكَ عني يا نديـ
ـمُ فَما صَنيعُكَ من صَنيعي

ما أنتَ منْ ذاكَ الطرا
زِ وَلا منَ البَزّ الرّفيعِ

أتُرِيدُ بَعدَ الشّيبِ مِـ
ـني صَبوَة َ النّاشِي الخَليعِ

لا لا وَحَق الله مَا
أنا بالسميعِ ولا المطيعِ

إن كنتَ ترجعُ أنتَ بعـْ
ـدَ الشيبِ فايأس من رجوعي

كيفَ الرّجوعُ وَقد رَأيْـ
ـتُ الرّيحَ تَلعبُ بالزّرُوعِ

عارٌ رجوعكَ بعدَ ما
عايَنتَ حيطانَ الرّبُوعِ

وَحَلَلْتَ في ظِلّ الجَنَا
بِ الرحبِ والحرزِ المنيعِ

واعلمْ أخيّ بأنهُ
لا بالسّجودِ وَلا الرّكوعِ

فهُناكَ كَمْ كَرَمٍ وكَمْ
لطفٍ وكم برَ مريعِ

إحسِبْ حِسابَكَ في الذي
تنويهِ منْ قبلِ الشروعِ

واجعلْ حديثكَ في النزو
ل مقدماً قبلَ الطلوعِ