أَرِقْتُ للَمْعِ برقٍ حاجِرِيِّ - سبط ابن التعاويذي

أَرِقْتُ للَمْعِ برقٍ حاجِرِيِّ
تألَّقَ كاليَمانِي المَشْرَفيِّ

أَضَاءَ لَنَا الأَجَارِعَ مُسْبَطِرًّا
إلَيْهِ بِكُلِّ شَيْطَانٍ غَوِيِّ

كَأَنَّ وَمِيضَهُ لَمْعُ الثَّنَايَا
إذا ابتسمَتْ وإشراقُ الحَلِيِّ

فأَذكَرَني وجوهَ الغِيدِ بِيضاً
سَوالِفُها ولمْ أكُ بالنَّسِيِّ

ولَيلى بعدُ ما مطلَتْ ديوني
ولا حالَتْ عنِ العهدِ الوفِيِّ

مُنعَّمة ٌ شَقِيتُ بها ولولا الهوى ما كنتُ ذا بالٍ شَقيِّ
مِلْتُمْ عَلَى ذِي الْـ

ـقَرَابَة ِ لِلبَعِيدِ الأَجْنَبِيِّ
إذا نظَرَتْ بطَرفٍ بابِليِّ

أَتِيهُ صَبَابَة ً وَتَتِيهُ حُسْناً
فوَيلٌ للشجِيِّ من الخَلِيِّ

إذا اسْتشفَيْتُها وَجدي رمَتْني

ولولا حُبُّها لم يُصْبِ قلبي
سَنا برقٍ تألَّقَ في حَبِيِّ

أَجَابَ وَقَدْ دَعَانِي الشَّوْقُ دَمْعِي
وقِدْماً كنتُ ذا دمعٍ عَيِيِّ

وقفتُ على الديارِ فما أَصاخَتْ
مَعالمُها لمُحترِقٍ بَكِيِّ

أُرَوِّي تُربَها الصادي كأنّي
نَزَحْتُ الدَّمْعَ فِيهَا مِنْ رَكِيِّ

ولو أكرَمْتِ دمعَكِ يا شؤوني
بكَيتِ على الإمامِ الفاطِميِّ

عَلَى الْمَقْتُولِ ظَمْآناً فَجُودِي
على الظمآنِ بالجَفنِ الرَّوِيِّ

فَمَا عَطَفَ الْبُغَاة ُ عَلَى الْفَتَاة ِ الْـ
حِمى الإسلامِ والبطلِ الكَمِيِّ

على الباعِ الرَّحيبِ إذا ألمَّتْ
بهِ الأزَماتُ والكفِّ السخِيِّ

على أَندى الأنامِ يداً ووجهاً
وأرجَحِهِمْ وَقاراً في الندِيِّ

وخيرِ العالَمينَ أباً وأُمّاً
وأطهرِهمْ ثَرى عِرْقٍ زَكِيِّ

فما دفَعوهُ عن حسَبٍ كريمٍ
وَلاَ ذَادُوهُ عَنْ خُلْقٍ رَضِيِّ

لَقَدْ قَصَمُوا عُرَى الإسْلاَمِ عَوْداً
وبَدءاً في الحُسَيْنِ وفي عَلِيِّ

وَيَوْمُ الطَّفِّ قَامَ لِيَوْمِ بَدْرٍ
بأخذِ الثأرِ من آلِ النبيِّ

فثَنَّوْا بالإمامِ أمَا كَفاهُمْ
ضلالاً ما جنَوْهُ على الوَصِيِّ

وأَسْرى عن قلوبٍ قاسِياتٍ
بِأَطْرَافِ الأَسِنَّة ِ وَالْقِسِيِّ

يَبِيعُونَ الدِّمَاءَ عَلَى کنْتِهَاكِ
الْمَحَارِمِ جِدَّ مِقْدَامٍ جَرِيِّ

أَطَافُوا مُحْدِقِينَ بِهِ وَعَاجُوا
عليهِ بكلِّ طِرْفٍ أَعْوَجِيِّ

بِكُلِّ مُثَقَّفٍ لَدْنٍ وَعَضْبٍ
سُرَيْجِيٍّ ودِرعٍ سابُرِيِّ

فَأَنْحْوْا بِالصَّوَارِمِ مُسْرِعَاتٍ
على البَرِّ النقيِّ ابنِ النقِيِّ

وُجُوهُ النَّارِ مُظْلِمَة ً أَكَبَّتْ
عَلَى الْوَجْهِ الْهِلاَلِيِّ الْوَضِيِّ

فيا لكَ من إمامٍ ضَرَّجُوهُ
من القاني بخِرْصانِ القُنِيِّ

بَكَتْهُ الأَرْضُ إجْلاَلاً وَحُزْناً
لِمَصْرَعِهِ وَأَمْلاَكُ السُّمِيِّ

وَغُودِرَتِ الْخِيَامُ بِغَيْرِ حَامٍ
يُناضلُ دُونَهُنَّ ولا وَلِيِّ

ولا بذلوا لخائفة ٍ أماناً
ولا سمُحُوا لظمآنٍ بَرِيِّ

ولا سَفَروا لِثاماً عن حياءٍ
ولا كرَمٍ ولا أنْفٍ حَمِيِّ

وساقُوا ذَوْدَ أهلِ الحقِّ ظُلماً
وَعُدْوَاناً إلَى الْوِرْدِ الْوَبِيِّ

وساروا بالكرائمِ من قُريشٍ
سبايا فوقَ أكوارِ المَطِيِّ

فَيَاللَّهِ يَوْمَ نَعَوْهُ مَاذَا
وَعَا سَمْعُ الرَّسُولِ مِنَ النَّعِيِّ

وَلَوْ رَامَ الْحَيَاة َ نَجَا إلَيْهَا
بعَزمَتِهِ نَجاءَ المَضْرَحِيِّ

فَيَا عُصَبَ الضَّلاَلَة ِ كَيْفَ جُزْتُمْ
عِناداً عن صِراطِكُمُ السَّوِيِّ

فألقَيتُمْ وعهدُكمُ قريبٌ
وراءَ ظهورِكُمْ عهدَ النبيِّ

وأخفَيتُمْ نِفاقَكُمُ إلى أنْ
وَثَبْتُمْ وَثْبَة َ الذِّئْبِ الضَّرِيِّ

وأبدَيتُمْ حقودَكُمُ وعُدتُمْ
إلَى الدِّينِ الْقَدِيمِ الْجَاهِلِيِّ

وبَيعُكُمُ لأُخراكُمْ سِفاهاً
بمَنزورٍ من الدنيا بَلِيِّ

وَحَسْبُكُمُ غَداً بِأَبِيهِ خَصْماً
إذا عُرفَ السَّقيمُ من البَرِيِّ

صَلَيْتُمُ حِزبَهُ بَغياً وأنتمْ
لِنَارِ اللَّهِ أَوْلَى بِالصَّلِيِّ

وَحَرَّمْتُمْ عَلَيْهِ الْمَاءَ لُؤْماً
وإشفاقاً إلى الخلْقِ الدَّنِيِّ

وَفِي صِفِّينَ عَانَدْتُمْ أَبَاهُ
وأعرضْتُمْ عنِ الحقِّ الجَلِيِّ

وَخَادَعْتُمْ إمَامَكُمُ خِدَاعاً
أتَيْتُمْ فيهِ بالأمرِ الفَرِيِّ

إمَاماً كَانَ يُنْصِفُ فِي الْقَضَايَا
وَيَأْخُذُ لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ

فأنكرْتُمْ حديثَ الشمسِ رُدَّتْ
لهُ وطَوَيْتُمُ خبَرَ الطَّوِيِّ

فَجُوزِيتُمْ لِبُغْضِكُمُ عَلِيًّا
عَذَابَ الْخُلْدِ فِي الدَّرَكِ الْقَصِيِّ

سأُهدي للأئمّة ِ من سَلامي
وَغُرِّ مَدَائِحِي أَزْكَى هَدِيِّ

سَلاَماً أُتْبِعُ الْوَسْمِيَّ مِنْهُ
عَلَى تِلْكَ الْمَشَاهِدِ بِالْوَلِيِّ

وَأَكْسُو عَاتِقَ الأَيَّامِ مِنْهُ
حَبائرَ كالرِّداءِ العَبقرِيِّ

حِسَاناً لاَ أُرِيدُ بِهِنَّ إلاَّ
مَسَاءَة َ كُلِّ بَاغٍ خَارِجِيِّ

يَضِيعُ لَهَا إذَا نُشِرَتْ أَرِيجٌ
كَنَشْرِ لَطَائِمِ الْمِسْكِ الذَّكِيِّ

كأنفاسِ النسيمِ سَرى بلَيلٍ
يَهُزُّ ذَوائبَ الوَردِ الجَنِيِّ

وَزَوْرَاءِ الْعِرَاقِ وَأَرْضِ طُوسٍ
سَقَاهَا الْغَيْثُ مِنْ بَلَدٍ قَصِيِّ

وَأَسْبَلَ صَوْبَ رَحْمَتِهِ دِرَاكاً
عَلَيْهَا بِالْغُدُوِّ وَبالْعَشِيِّ

فذُخْري للمَعادِ ولاءُ قَومٍ
بهمْ عُرِفَ السعيدُ من الشقِيِّ

كَفاني عِلمُهمْ أنّي مُعادٍ
عَدوَّهُمُ مُوالٍ للوَلِيِّ