يا عَينُ جودي بِدَمعٍ مِنكِ مِدرارِ - صريع الغواني

يا عَينُ جودي بِدَمعٍ مِنكِ مِدرارِ
لا تُعذِري في البُكا لا حينَ إِعذارِ

أَبكانِيَ الدَهرُ مِمّا كانَ أَضحَكَني
وَالدَهرُ يَخلِطُ إِحلاءً بِإِمرارِ

إِقرا السَلامَ عَلى قَبرٍ تَضَمَّنَهُ
ماذا تَضَمَّنَ مِن جودٍ وَأَيسارِ

حُلوُ الشَمائِلِ مَأمورُ الغَوائِلِ مَأ
مُولُ النَوافِلِ مَحَضٌ زَندُهُ واري

اللَهُ أَلبَسَهُ في عودٍ مَغرِسِهِ
ثِيابَ حَمدٍ نَقِيّاتٍ مِنَ العارِ

دَفّاعُ مُعضِلَةٍ حَمّالُ مُثقِلَةٍ
دَرّاكُ وِترٍ وَدَفّاعٌ لِأَوتارِ

الجودُ شيمَتُهُ كَالبَدرِ سُنَّتُهُ
يَكادُ أَن يَهتَدي في نورِهِ الساري

جاءَ القَضاءُ بِمِقدارِ الحِمامِ لَهُ
فَحَلَّ قَعرَ ضَريحٍ بَينَ أَحجارِ

مُصيبَةٌ نَزَلَت كَأَنَّها قَذَفَت
لا بَل وَقَد فَعَلَت في القَلبِ بِالنارِ

أَفنى البُكاءُ دُموعَ العَينِ فَاِنهَمَلَت
عَلى أَخي بِدِماءٍ فَيضُها جارِ

كَم قائِلاً بَعدَهُ حُزناً وَقائِلَةً
يا ضَيعَنا بَعدَ حَمّادِ بنِ سَيّارِ

إِن يُنصِتِ القَومُ لا يَنطِق بِفاحِشَةٍ
أَو يَنطِقوا فَمُصيبٌ غَيرُ مِهذارِ

كانَ الرَبيعُ إِذا ضَنَّ السَحابُ لَهُم
وَفي اللَوازِبِ مُرتاداً لِمُمتارِ

يا حَسرَتا يا أَخي مَن ذا أُؤَمِّلُهُ
لِلدَهرِ بَعدَكَ في عُسري وَإِيساري

أَم مَن لَنا إِن مُلِمّاتٌ بِنا نَزَلَت
أَم مَن لِحاجَةِ ذي القُربى وَلِلجارِ

فَجَأتَني بِفِراقٍ لا لِقاءَ لهُ
وَكُنتُ أَبكيكَ في نَأيِي وَأَسفاري

فَالآنَ أَبكي بُكاءً لا اِنقِطاعَ لَهُ
بِدَمعِ عَينٍ غَزيرِ السَيبِ مِدرارِ

أَتى بِتَبلِ المَنايا يا أَخي قَدَرٌ
صَلّى عَلَيكَ الإِلَهُ الخالِقُ الباري

قَطَعتَني مِن رَجاءٍ كُنتُ آمُلُهُ
فَصِرتُ بَعدَكَ بَينَ البابِ وَالدارِ

ما لِلحَوادِثِ لا يُغبِبنَ بَعدَكَ إِن
يَهِضنَ عَظمي بِإِقبالٍ وَإِدبارِ