عَلَى الأَوْلِيَا أَلْقَيْتُ سِرِّي وَبُرْهَانِي - عبد القادر الجيلاني

عَلَى الأَوْلِيَا أَلْقَيْتُ سِرِّي وَبُرْهَانِي
فَهَامُوا بِهِ مِنَ سِرِّ سِرِّي وَإِعْلاَنِي

فَأَسْكَرَهُمْ كَأْسِي فَبَاتُوا بِخَمْرَتِي
سَكَارَى حَيَارَى مِنْ شُهُودِي وَعِرْفَانِي

أَنَأ كُنْتُ قَبْلَ القبْلِ قُطْباً مُبَجَّلاَ
تَطُوفُ بِي الأَكْوَانُ وَالرَّبُّ سَمَّانِي

خَرَقْتُ جَمِيعَ الْحُجْبِ حَتَّى وَصَلْتُهُ
مَقَاماً بِهِ قَدْ جِدَّى لَهُ دَانِي

وَقَدْ كَشَفَ الأَسْتَارَ عَنْ نُورِ وَجْهِهِ
وَمِنْ خَمْرَةِ التَّوْحِيدِ بِالْكَاسِ أَسْقَانِي

نَظَرْتُ إِلَى الْمَحْفُوظِ والْعَرْشِ نَظْرَةً
فَلاَحَتْ ليَ الأَنْوَارُ والرَّبُ أَعْطَانِي

أَنَا قُطْبُ أَقْطَابِ الْوُجُودِ بأَسْرِهِ
أَنَا بَازُهُمْ وَالكُلُّ يُدْعَى بِغِلْمَانِي

فَلَوْ أَنَّنِي أَلْقَيْتُ سِرِّي بِدَجْلَةٍ
لغَارَتْ وَرَاحَ الْمَاءُ مِنْ سِرِّ بُرْهَانِي

وَلَوْ أَنَّنِي أَلْقَيْتُ سِرِّي إِلَى لَظَىً
لأَخْمِدَتِ النِّيرانُ مِنْ عُظْمِ سُلْطَانِي

وَلَوْ أَنَّنِي أَلْقَيْتُ سِرِّي لِمَيِّتٍ
لقَامَ بإِذْنِ اللهِ حَيّاً وَنَادَانِي

سَلُوا عَنِّيَ السُّرَى سلُوا عَنِّيَ المُنَى
سَلُوا عَنِّيَ القَاصِي سَلُوا عَنِّيَ الدَّانِي

سَلُوا عَنِّيَ العَليَا سَلُوا عَنَّيَ الثَرَّى
وَمَا كَأنَ تَحْتَ التَحْتِ وَالإِنْسِ وَالجَانِ

فَيَا مَعْشَرَ الأَقْطَابِ لُمُّوا بِحَضْرَتِي
وَطُوفُوا بِحَانَاتِي وَاسْعُوا لأَرْكَانِي

وَغُوصُوا بِحَارِي تَظْفَرُوا بِجَوَاهِرِي
وَتِبْرِي وَيَاقُوتِي وَدُرِّي وَمُرْجَانِي

وَقَفْتُ عَلَى الإِنْجِيلِ حَتَّى شَرَحْتُهُ
وَفَكَّكْتُ في التَّوْرَاةِ رَمْزَةَ عِبْرانَيِ

وَحَلَّلتُ رَمْزاً كَانَ عِيسَى يَحُلُّهُ
بِهِ كَانَ يُحْيِي الْمَوْتَا وَالرَّمْزُ سُرْيَانِي

وَخُضْتُ بِحَارَ الْعِلْمِ مِنْ قَبْلِ نَشْأَتِي
أَخِي وَرفَيقِي كَانَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانِ

فَمَنْ فِي رِجَالِ اللهِ نَالَ مَكَانَتِي
وَجَدِّي رَسُولُ اللَّهِ فِي الأَصْلِ رَبَّانِي

أَنَا قَادِرِيُّ الْوَقْتِ عَبْدٌ لِقَادِرٍ
أُكَنَّى بِمُحْيِي الدِّينِ وَالأَصْلُ جِيلاَنِي