استغفرُ اللهَ سرِِّي في الهوَى علنُ - عبد الله الخفاجي

استغفرُ اللهَ سرِِّي في الهوَى علنُ
وقدْ قنعتُ فقلتْ عنديَ المننُ

عرفتُ دهري فلمْ أحفلْ بحادثة ٍ
فِيْهِ فَلا فَرَحٌ عِنْدِي وَلا حَزْنُ

فنٌّ منَ العيشِ لا تُخشى عواقبهُ
وَلا تُثَارُ بِهِ الأحْقَادُ والاحَنُ

ضلَّ الذينَ رأوْا في النسلِ فائدة
وَلَو أَصَابُوا لمَاَ رَبُّوا وَلا حَضَنُوا

وقدْ تصافى رجالٌ لوْ كشفتَ لهمْ
سجية َ الناسِ خافُوا كلَّ منْ أمنُوا

يجري القضاء بمَا تعيَا العقولُ بهِ
وينصرُ الجهلُ حتَّى يعبدَ الوثنُ

والظلمُ طبعٌ ولولا الشرُّ ما حمدتْ
فِي صَنْعة ِ البِيْضِ لا هِنْدٌ ولا يَمَنُ

ذَمَمْتَ دَهْرَكَ إذْ نَابَتْكَ نَائِبَة ٌ
بِمِثْلِ مَا تَشْتَكِيْهِ يَعْرِفُ الزَّمَنُ

خفضْ عليكَ فإنَّ العمرَ مخترمٌ
والموتُ منتظرٌ والحرُّ ممتحنُ

ولا يغركَ خلقٌ راقَ ظاهرهُ
فليسَ تصندق لا عينٌ ولا أذنُ

صحبتُ قوماً يعدُّ الشرُّ عندهمُ
حزماً تشيرُ بهِ الآراءُ والفطنُ

عمُوا عنِ الرشدِ واعتادتْ نفوسهمُ
فِعْلُ القَبِيْحِ فَظَنُّوا أنَّهُ حَسَنُ

وَقَدْ تَوَالَتْ عَلَى قَصْدِي سِهَامُهُم
وَلِي مِنَ الزُّهْدِ فِي أوطَانِهِم جَنَنُ

رضيتُ عيشي فلا حرص ولا طمعٌ
وَصُنْتُ عَرْضِي فَلا عَارٌ وَلا دَرَنُ

إذَا سَغِبتُ فَجِسْمٌ لا حَيَاة َ بِهِ
وإنْ ظمئتُ فماء مَا لهُ ثمنُ

خيرُ المَشارِبِ مَا تَبقَى الحَيَاة ُ بهِ
في فطرة ِ الخلقِ لا ماء ولا لبنُ

وأفضلُ القوتِ ما جادتْ لطالبهِ
يَدُ الثَّرَى وَقَرَاهُ العَارِضُ الهَتْنُ

لا أطْلُبُ الرِّزْقَ مِنْ سَيْفٍ وَلا قَلَمٍ
وَلا يُمَارِسُ فِي مَا أكْسِبُ المِهَنُ

ورثتُ مالَ أناس طالَ عهدهمُ
غَنيتُ مِنْهُم ومَا خَبِرْتُ كَيْفَ غَنُوا

وَأفْسَدُوا بِجِوَارِ الرُّومِ عِيْشَهُم
إنْ حَارَبُوا أسَرُوا أو سَالَمُوا دَهَنُوا

فمَا تخلفَ عنهمْ غيرُ حادثة ٍ
تلُوكُهَا هَذِهِ الأحْدَاثُ وَالفِتَنُ

هيَ العواصمُ مرمَى كلِّ فاقرة ِ
فليسَ تسكنُ لولا أنهَا وطنُ

وقدْ تقدمَ فيهَا معشرٌ دفنوا
حتَّى يحورُوا وعندي أنهمْ دفنُوا

أهونْ عليَّ بدنياهمْ وإنْ كثرتْ
عَلَى مَحَبَّتِهَا الأظْعَانُ وَالإحَنُ

يَا دِمْنَة َ الشَرِّ لا جَادَتْكِ سَارِيَة ٌ
فَطَالَمَا دَرَست مِنْ جُودِكَ الدِّمْنُ

يمضي الزمانُ وتعفُو كلُّ حادثة ٍ
فِيْهِ وَقَدْ ثَبَتَتْ مِنْ ظِلْمِكَ السُّنَنُ

ألِفتُ شَرَّكِ حَتَّى مَا أرَاعَ بِهِ
وَكَيِفَ تَفُرقُ سَيْفَكَ البَارِقُ المُزْنُ

وأضحكتني حقودٌ منكَ بادية ٌ
وَهَلْ يَضِيْقُ بِرَسْمِ دَارِسٍ عَطِنُ

تَبَارَكَ الله مَا في الخَلْقِ مُشْكِلَة ٌ
وَلَيْسَ يَطْمَعُ فِي إدْرَاكِهِ المنَنُ

ولا تهبُّ منَ الأحلامِ راقدة
إلاَّ ويغبرُ في أجفانهَا الوسنُ

يا عالمَ المصرِ هل أضمرتَ خافية ً
عَن البَصَائِر فِي ايْضَاحِهَا شَجَنُ

أمْ ليسَ عندكَ إلاَّ حيلة ً لفتى ً
تصيبهُ وحديث كلهُ طننُ

رَمَيْتَ خَصْمَكَ بِالتَقْلِيْدِ مُتْبَعا
فيهِ وأنتَ بمَا أنكرتهُ قمنُ

وَكَيْفَ تَصْدُقُ فِي الأخْبَارُ مُرْسَلَة ٌ
ومَا أراكَ معَ الإسنادِ مؤتمنُ

وكمْ تضمنَ قومٌ في جدالهمُ
أنْ يفهموكَ فمَا أوفُوا بمَا ضمنُوا

خَفْ مِنْ جَلِيْسِكَ وَاصْمِتْ إنْ بُلِيْتَ بِهِ
فالعيُّ أفضلُ ممَّا يجلبُ اللسنُ

ولا يغركَ قولٌ سارَ في مثلٍ
فَمَا ابْنُ سِيْرِيْنَ مَأمُونٌ وَلا الحَسَنُ

كلَّ الأنامِ لأم غيرِ منجبة ٍ
فما زكى فيهمُ عرق ولا غصنُ

وَلا تَقَدَّمَ مِنْهُمْ مَعْشَرٌ خَمِدُوا
فلا تغركَ أخبارُ الذينَ فنُوا