إذَا حدتِ الريحُ عيسَ الحيَا - عبد الله الخفاجي

إذَا حدتِ الريحُ عيسَ الحيَا
وهتكَ بالبرقِ سترَ الدجَا

وظلَّ يفوقُ جوَّ الرياضِ
ويصقلهَا بنسيمِ الصبَا

فَمَنْطَقَ مِنْهَا خُصُورَ الوهِادِ
وتوجَ منهَا رؤسَ الربَا

وقبلَ فيهَا ثغورَ الأقاح
مُدَاعَبَة ً لِخُدُودِ المَهَا

فجلَّى الغويرَ بأوضاحهِ
وَنَجَدَهُ بَرقُهُ المُنْتَضَى

وزارَ عذيبة َ زورَ الخيَا
يُعِثُر بَيْنَ فُرُوجِ الكَرَى

فَرَاحَ عَلَى تُرْبِهَا بَاكِيَا
بِجَفْنِ الرِّيَاضِ وَدَمْعَ النَّدَى

وأصبحَ رائدنَا بعدهُ
يقبلُ أجراعهَا والثرَى

كأنَّ ابنَ نصرٍ همَى كفهُ
عليهَا فأخجلَ صوبَ الحيَا

فتًى جادَ بالمالِ قبلَ السؤالِ
وعاجلَ بالبشرِ قبلَ المنَى

وَقَادَتْ مَوَاهِبُهُ الطَالِبِيْنَ
فَأَنْضَى المَطِيِّ وَسَدَّ الفَلا

كَأَنَ لَهُ غَفَلاتُ الزَّمَانِ
يَجُودُ بِهِنَّ وَعَصْرُ الصِّبَا

إذَا ما ذكرناهُ خلنَا المطيَّ
عَرَفْنَ مَكَارِمَهُ وَالعُلا

فَهُنَّ صَوَادٍ إلى قُرْبِهِ
تسابقُ انساعَها والبُرَى

مِنَ القَومِ إنْ خَطَرُوا لِلنَوالِ
رأيتَ الردَى في نحورِ الثرَى

تَدُلُّ صَوَارِمُهُمْ فِي الصَّبَاحِ
علَى نارِ ليلهمُ للقرَى

لهمْ كلُّ أجردَ ملء العنانِ
رَحِيْبُ اللَّبَانِ سَلِيْمُ الشَّظَا

تَمِيْلُ بِأعْطَافِهِ هِزَّة ٌ
تُعَرِضُ بِالبَرْقِ لَمَّا جَرَى

وَنَازَعَهُ اللَّيْلُ أوضَاحَهُ
فَقَبَّلَهُ الصُّبْحُ لَمَّا نَجَا

ويأنفُ منْ عزهِ أنْ يذلَّ
بِغَيْرِ وجُوهِهِمُ فِي السُرَى

فَيَا عِزَّ دَولَتِهِمْ قُدْهُمُ
فَإنَّ الأبَاطِحَ دُونَ الذُّرَى

يَشْكُو إلى رَاحَتَيْكَ الصَّدَى
وثلمَ بالضربِ بيضَ الظبَا

وَنِلْ بِالمُعِزِّ عَلَيِّ الأمُورَ
كمَا تبعَ البدوَ شمسَ الضحَى

فَلَوْ هَرَبَ البَدْرُ مِنْ خَوْفِهِ
وَمَالَ عَلَى صَوْبِهِ مَا اهْتَدَى

ألَيْسَ أبُوكَ أبَا كَامِلٍ
فهلْ فوقهُ للعُلاَ منتهَى

فتًى وجدَ العزَّ حيثُ الحمامُ
وَمِنْ دَوْحَة ِ المَجْدِ يَجْنِي الرَّدَى

وجاودهُ الغيثُ جهلاً بهِ
فلمَّا رأى جودهُ ما همَى

سَقَاهُ نَدَاكَ إذَا مَا العُفَاة ُ
ملأنَ إليكَ فروجَ الملاَ

فَكَمْ مَوْقِفٍ مِثْلِ حَدِّ الحُسَامِ
يغضُّ بهِ الجوُّ سمرَ القنَا

تَلقَى السِّنَانُ بِهِ خَاسِراً
كَأنَّ عَلَيْهِ قُلُوبُ العِدَى

وَقَدْ غَنَّتِ البِيْضُ في نَقْعَة ُ
فمَا شربَ الرمحُ حتَّى انتشَى

مَدَحْتُكَ أخْطُبُ مِنْكَ الوِدَادَ
إذَا حَاوَلَ القَوْمُ مِنْكَ الغِنَى

وَلِي فِي فَخَارِكُمُ شُعْبَة
وفي الأفقِ بدرُ الدجَا والسهَا

إذَا عَامِرٌ فَرَعَتْ فِي العُلا
ولمْ يبقَ منْ فوقهَا مرتقَى

علقتَ بأطرافِ ذاكَ النجارِ
وحلتْ بعادي ذاكَ الينَا

وقُورٌ إذَا طَرَقَتْنِي الخُطُوبُ
وحلَّ منَ الخوفِ عقدَ النهَى

بِعِشْرِيْنَ أَنْفَقتُهَا فِي الصُّدُودِ
وجدتُ بهَا في زمانِ النوَى

وَإنِّي عَلَى شَغَفِي بِالقَرِيْضِ
لأذخُرُهُ عَنْ جَمِيْعِ الوَرَى

ولكنَّ حبكَ نادَى بهِ
وَلَمْ يَزَلِ المَرْءُ طَوْعَ الهَوَى

وقدْ جلَّ قدركَ عنْ نظمهِ
ولكنهَا سنة تقتفَى