أظنُّ نسيمَ الريحِ منْ حيثُ أرسَلا - عبد الله الخفاجي

أظنُّ نسيمَ الريحِ منْ حيثُ أرسَلا
أَعَادَ عَلَى بَرقِ اللِّوَا مَا تَحَمَّلا

ومَا لاحَ مختالاً علينَا بعلمهِ
وَعَرَّضَ بالدَّهْنَاء إِلاَّ لِيُسْألا

رَوَى مُجْمَلاً وَالبَانُ يَتْلو حَدِيْثَهُ
فَفَسَّرَ مَا قَالَ النَّسِيْمُ وَفَصَّلا

وخيَّر بالمحلِ الركائبَ بعدَ ما
ضمنَّا لها خصبَ العذيبِ تعلُّلا

فمَا كانَ إلاَّ صادقاً غيرَ أنهُ
حَدِيثٌ هَوَيْنَا فِيْهِ أنْ يَتَأوَّلا

وهلْ علمَ البرقُ اليمانيُّ أننَا
طرفنَا بهِ طرفاً منَ الليلِ أكحَلا

وَمَا بَالَهُ خَصَّ الغَضَا بِابْتِسامَة ٍ
وَسَلَّ عَلَى رَمْلِ الشَّقِيقَة ِ مَنْصَلا

وفي الركبِ طاوٍ لوْ أتى الذئبَ ضافهُ
علَى الزادِ إمَّا غادة أو تفضَّلا

إذا خطرَتْ في جانبِ البشرِ نفحة ٌ
ترنحَ في أعطافهِ وتملمَلا

يَعُدُّ أناتي لِلعدوِّ قَساوة
وطوعَ قِيَادِي للصديقِ تَدَلُلا

يلومُ علَى عيشٍ تبرضتُ عفوهُ
وأيُّ حسامٍ لمْ يصادِف مفصَلا

إلَيْكَ فإنِّي قَدْ عَقَلْتُ رَكَائِبِي
فلمْ أرَ عاراً مثلَ أنْ أترحَّلا

رَمَى البُخْلَ طُلاَّبَ الغِنَى في سُؤالِهِ
وكنتُ علَى وجهي أضنُّ وأبخَلا

وَأَثْقَلُ رِفْدٍ مَا امْتَطَى المَنُّ ظَهْرَهُ
وشرُّ ثراءٍ ما أتاكَ تطوُّلا

لأخلفَ غيثٌ بالسؤالِ انتجاعهُ
وَأَجْذِبَ روضٌ بِالمَذَلَّة ِ يُجْتَلَى

عَذِيري مِنَ الأيَّامِ تُلْقَى بثابتٍ
من البِشرِ رَوْضَا أوْ مِنَ الجُودِ جَدْوَلا

كَرِيْمٌ إِذَا ضَنَّ الغَمَامُ فَكَفُّهُ
كَفِيْلٌ بِطَردِ العَام أغيَرَ مُمْحِلا

يغيرُ علَى جنحِ الظلامِ بغرة ٍ
تعلمُ وجهَ البدرِ أنْ يتهلَّلا

دعتهُ إلى بذلِ الندَى أريحية ٌ
تعودَ منهَا أنْ يقولَ ويفعَلا

نوالٌ يعمُّ الأرضَ حتَّى كأنهُ
تَضَمَّنَ أرْزَاقَ الوَرَى وَتَكَفَّلا

إذَا استحدثَ المجدَ الطريفَ أبتْ لهُ
مناصبهُ إلاَّ القديمَ المؤثَّلا

عُلاً وجدتْ والدهرُ في حجرِ أمهِ
وخيرُ خليليكَ الذي كانتَ أوَّلا

مِنَ القَومِ حَلُّوا فِي السَّمَاءِ فَمِنْهُمُ
السحائبُ تمري والأهلة ُ تجتلَى

أقمتَ عزيزَ الدولة ِ الجودَ واصفاً
لَمَّا غَابَ مِنْ أفْعَالِهِمْ ومُمَثِّلا

خلقتَ ودينُ البخلِ عالٍ منارهُ
فَكُنْتَ نَبِيْهاً بِالسَّمَاحَة ِ مُرْسَلا

وَلامُوكَ فِي إتلافِ مَالِكَ بِالنَّدَى
وحاشاكَ أنْ تغنَى وأنْ تتموَّلا

عمرتَ منَ الإحسانِ مَا كانَ دارساً
وَأَوْضَحْتَ فِي المَعْرُوفِ مَا كَانَ مُشَكِلا

فإنْ كنتَ فذَّاً في الزمانِ فإنَّما
سَلَكْتَ سَبِيْلا كَانَ قَبْلَكَ مُهْمَلا

فداؤكَ مثرٍ ما أعدَّ سوامهُ
وَنِيرَانُهُ إلاَّ لِتُرْعَى وتُصْطَلى

أَذُمُّ لَهَا مِنْ نَحْرِهَا بُخْلَ كَفِّهِ
فهلْ أمنتْ منْ ذلة ٍ أنْ تذلَّلا

أَبُوكَ الَّذِي عَمَّ الأنَامَ نَوَالُهُ
فلمْ يبقَ جيداً منْ نداهُ معطَّلا

وَكَمْ قَصَدَ الدَّهْرَ الكِرَامُ بِجُورِهِ
فَمَا وَجَدُوا إلاَّ عَلَيْهِ المُعَوَّلا

وَمَنْ لِبُدُورِ الأُفْقِ وَالمُزْنِ أنْ تَرَى
بنانكَ مبسوطاً ووجهكَ مقبلا

وَمَا جَاءَكَ التَّشْرِيْفُ إلاَّ دَلالَة ً
عَلَيْكَ وَرَأياً فِيْكَ أنْ يَتَبَدَّلا

بأبْيِضَ مَاضِي الشَّفْرَتَيْنِ تَضَمَّنَتْ
يَمِيْنُكَ عَنْهُ أنْ يَعُودَ مُفَلَّلا

وَأَجْرَدَ نَهْدِ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ ظِلِّهِ
رسيلاً ولمْ يملكْ منَ الأرضِ منزلا

يفوتُ مجالَ الطرفِ حتَّى تخالهُ
منَ البرقِ لولا أنهُ كانَ أعجلا

وهيفاء طوعُ الريحِ قدْ خلعَ الدجَا
عَلَيْهَا هِلالاً بِالنُّجُومِ مُكَلَّلا

لَهَا مِنْ خِلالِ المَشْرِفِيِّ صِقَالَهُ
ومنْ شيمِ الخطيِّ أنْ يتميَّلا

وصافية ٍ مثلِ الرياضِ تزورها الـ
الجَنَائِبُ نَشْوَى وَالسَّحَائِبُ حُفَّلا

لأحسنَ منهَا ما تزف غرائبي
إِلَيْكَ وَتَكْسُوكَ الثَّنَاءَ المُبَجَّلا

شَوَارِدُ كَانَتْ فِي القِيَادِ أَبِيَّة ً
فمَا قرعتْ باباً منَ القومِ مقفَلا

أَغَارَ عَلَيْهَا أَنْ يُرَاضَ جُمُوحُهَا
لِغَيْرَكَ أَوْ تَرْجُو سِوَاكَ مُؤمَّلا

وَلَو رَامَهَا دَاعِي النَّوَالِ تَقَاصَرَتْ
خطاهَا وأكدَى الفكرُ فيها وأجبَلا

وَلَكِنَّهُ وُدٌّ صَرِيْحٌ وَذِمَّة ٌ
بعيدٌ علَى أمراسهَا أنْ تحلَّلا