أسيلة خدٍّ دونهُ الأسلُ السمرُ - علي بن محمد التهامي

أسيلة خدٍّ دونهُ الأسلُ السمرُ
ودون ارتشاف الرّيق من ثغرها ثغرُ

أناة ٌ براها الله اكمل صورة
فأردفت الأرداف واختصر الخصر

ويقصر ليلي ماألمت لأنها
صباح وهل يبقى الدجى وهي الفجر

مرى البين جفنيها على الخدِّ فالتقى
بأدمعها والمبسم الدرُّ والدَّرُ

وقالوا تسلوا عن لذيذ رضابها
فقلتُ وهل حلت لشاربها الخمرُ

ألم تعلمي أنّ العناء هو الغنى
وأن ابتذال التِّبر في حقها بتر

إذا كان ترحالي بنية ِ آيبٍ
فباطنهُ وصلٌ وظاهره هجر

ذريني أهب للمجد شرخ شبيبتي
فإن لم أبادرها استبدَّ بها العمر

فلم أرَ هذا العمر إلا مسافة ً
إذا مرّ يومٌ مرّ من ذرعها فترُ

فسلنيَ بالدنيا فقلبي صحيفة ٌ
على ظهرها من كلِّ نائبة ٍ سطرُ

أوسّع صدري كلَّ يوم بزفرة ٍ
على أنه وسعٌيضيق لهُ الصدر

أكلف أقلامي تبلّغني المنى
وقد عجزت عنها الردينية ُ السُّمر

وإن لم تنل بالبيض تخضبُها الدما
فأهون بأقلامٍ يخضِّبها الحبرُ

إذا فات من أربى على العشر رمحه
لقاها فقد فاتت فتى ً رمحهُ شبر

سأنفي الأذى عني وشيكاً بفتية ٍ
طعانهمُ نظمٌ وضربهم نثر

وبيداء لولا أنها هي مجهل
لشبهتها في الوسع صدرك يا بشرُ

قطعتُ بملء الغرضتين وصارمٍ
كعزمك من ماء الفرند به أثر

لقد جمع الرحمنُ فيك محاسناً
بأيسرها يُستعبدُ العبد والحرُّ

يكفِّرُني قومٌ بشكري صنيعة
إليّ وكفر المنعمين هو الفقرُ

ينوطُ نجادي رأيه وحسامهِ
بصدر كمثل البرّ أو دونهُ البر

ويحلمُ عن ذي الجهل حتى كأنه
وحاشاه من فرط الوقارِ به وقرُ

ومن يعتصم منه بعصمة ٍ خدمة ٍ
يحد عنه شيئان المذلَّة ُ والفقرُ

وما تنجحُ الأقلامُ إلا بكفِّه
ومخلبُ غير الليث في كفّه ظفر

سهامٌ إذا ما راشها ببنانهِ
أصيب بها قلبُ البلاغة والنحرُ

وإن سحبَ القرطاس من وقعها به
تجلت وجوه الخطب والخطب الغر

تخبر عما في القلوبِ كأنما
سوادُ سويداوائهن لها حبر

ويا عجباً للدّست كيف جفافهُ
وفي كلِّ عقدٍ من أنامله نهر

ولا عجبٌ أن يلفظ الدرَّ قائلاً
وهل عجب أن يلفظ الدُّرر البحر

ويغشى ولا يُغشى بنور جبينهِ
عجيبٌ وهل يُغشى بأنواره البدر

رعاك الذي استرعاك أمرَ عباده
وحيّاك من أحياك يا أيها الحَبر

فداؤك مقبوض اليدين عن الندى
إذا جادَ كان الديكَ بيضتهُ وترُ

إذا كان أولادُ الزّمان بوجههم
عبوس فبشر في أسرَّتهِ بشرُ