أحياه بعد الله إذ حياه - علي بن محمد التهامي

أحياه بعد الله إذ حياه
طيف يسري الهم عنه سراه

أهدى السلامَ على تنائي أرضه
يا حبذا المهدى ومن أهداه

أهداه أحورُ من ظباءتهامة
كالظبي ألحاظ الظباء ظباه

كلت لواحظ مقلتيه وإنما
لحظ العيون أكله أمضاه

يعدي ولا يعديه سقم جفونه
والسيف ليس يضره حداه

ما العيش غير جواره في روضة ٍ
ينضاف رياها إلى رياه

يثني النسيم الأقحوان بمثله
فيها كما تتلاثم الأفواه

نفسي الفداء له على هجرانه
أبداً ومن لي أن أكون فداه

أستودع الله الحجاز وأهله
وسقاهم سيل الحيا وسقاه

أهوى الحجاز وطلحهُ وسيالهُ
وأراكه وبشامهُ وعضاه

فسقى الإله سهوله وحزونه
ومروجه ووهاده ورباه

غيثاً يطبّق بالفلاة ِ فيستوي
بالروض منظرُ أرضه وسماه

كيمين عباس أبي الحسن الذي
بهر الأنام سناؤه وسناه

ملك يُقرّ بفضله وببذله
وبعدله أصحابهُ وعداه

جبل الأنام على الخلاف ولا أرى
رجلين يختلفان في علياه

قد صاغه الرحمنُ من كرمٍ فلو
لمستهُ راحة ُ باخلٍ أعداه

اليُمن في يمناه كيف تصرفت
أحوالهُ واليسر في يسراه

يجلو جبيناً للعفاة ترقرقت
وتدفقت للبشر فيه مياه

ويبشِّر العافين بشرُ جبينه
بالنُّجح قبل تنالهم جدواه

ولجوده من نفسه داعٍ إذا
ناداه حيّ على الندى لبّاه

يدري الجوادُ إذا استوى في متنه
أن الفقير إلى الحِزام سواه

فكأنه لثباته في طرفه
عضوٌ تمكن في سواءِ قراه

لا يقتني العلياءَ إلا بالظُّبي
قدماً إذا قصُرت صدورُ قناه

والبيضُ ألسنة نواطقُ ما لها
إلا الجماجم والرقاب شفاه

ماضي العزائم لو أناب عزيمة ً
عن حدّ كل مهنّد أغناه

يا من يفنّده على إعطائه
لوم السحائب أن تسُجّ سفاه

أتلومه في الجود وهو رضاعهُ
قدماً ومن بعد الرضاع غذاه

فإذا نهاه عاذلٌ عن جوده
لم يُثنه وكأنهُ أغراه

لا يُستطاع لفضله وصفٌ ولو
أنّ العباد بأسرهم أفواه

فقد اغتدى في كلّ شيء كاملاً
فوقاه من عين الكمال الله

إقدام حيدرة ٍ وبأس محمدٍ
فيه ولا يعدوهما أبواه

نسباً ترى عنوانهُ في وجهه
فلو أنّ أميّاً يراه قراه

أشبهتَ في العلياء جدَّك أحمداً
إن الأكارم في العُلى أشباه

قسم الندى فحوى الأنام بأسرهم
منه اسمهُ وحويتمُ معناه

فمن ادعى بعد النبي وآله
معنى الفضائل كُذّبت دعواه

لو ينسلُ المعروفُ كنت ابناً لهُ
أو كان مولوداً لكنت أباه

من كان نحو ابن الإمامة سيرهُ
فالنُّجح والتوفيق مكتنفاه

ما قال لا مذ كان إلا قوله
عند الشّهادة لا إله سواه

وقد اعتزمت على الرحيل فإن رأى
إمضاءَ أمر وليّه أمضاه

ولقد علمت بأن موتي عنده
عزّاً يفوق العيش عند سواه

لكنه هجم الشتاء وعنده
ممن تكون تهامة مثواه

يا أيها الملك الذي لم اغترب
عن أرض قومي خطوة ً لولاه

أيجوز أن أشكوك ضيقة عيشة ٍ
والمال عندك راهن والجاه