ألمت بنا بعد الهدوّ سعادُ - علي بن محمد التهامي

ألمت بنا بعد الهدوّ سعادُ
بليل لباس الجو منهُ حداد

ألمت وفي جفني وجفن مهنّدي
غراران ذا سيفٌ وذاك رُقاد

فما برحت حتى تجلّى لي الدجى
كما فارق العضبَ الحسام غماد

وحدَّق بالليل الصباحُ كأنه
بياضٌ بعين والظلامُ سواد

أناة ٌ كمثل الشمس نوراً وعادة ً
ففيها دنوٌّ مطمعٌ وبعاد

فإن ترني أخفي هواها تجلداً
فيا ربما أخفى الضّرامَ زنادُ

ولم أنسها والبينُ يجري دموعها
على مشرقٍ للعين فيه مرادُ

يروقُ بدمع اللّهو والحزن خدُّها
فماعنه طرفٌ إن رآه يحاد

وإن سفحت بالكحل دمعاً فخدُّها
من النور طرسٌ والدموعُ مداد

بها مرضٌ في لحظها وهو صحة ٌ
ولكن مريضُ اللحظ ليس يعاد

أليس عجيباً أن تصيدَ قلوبنا
مهاة ٌ وعهدي بالمهاة تصاد

سقاها إذا ما المزنُ أخلفَ أرضها
بنانٌ عليَّ إنها لعهاد

أغيثُ جداه الماء لا شيء غيره
كغيثٍ جداه طارفٌ وتلاد

بنانٌ على بذل المواهب سبطة ٌ
ولكن على قبض الرماح جعاد

يجول به في الحرب نهدٌ كأنهُ
عقاب ولكنّ الجناح بداد

وقد خضبت أسيافه فكأنها
من الدم جمرٌ والغبار رماد

لهُ كرمٌ كالبحر يزداد كلما
يرجّى فما يخشى عليه نفاد

عصيتُ إليه النفس حتى أتيتهُ
ففزتُ وعصيانُ النفوس رشاد

وأعلقت أسبابي بمختص دولة
غراس الأماني في ذراه حصاد

بأبلج سوقُ الحمد ينفقُ عنده
وفي سوقه إلا لديه كساد

تُهزُّ يمينُ الملك منه مثقفاً
يقيه لسانٌ كالسّنان حداد

لهُ حملاتٌ في المكارم مقدماً
إلى جوده والمكرمات طراد

لقد نشر الطيمومُ أموات طيّئٍ
بعليائه والمجد حيث يشاد

فإن لم يعد من مات منهم فذكره
وذكر الفتى قبل المعاد معاد

رأيت علياً في الفضائل كاسمه
علياً لهُ شمُّ الجبال وهادُ

فإن شاركوه باسمه فلربّما
يشارك باسمٍ ناطقٌ وجماد

بصيرٌ بترك الجود في مستحقه
وما كلّ من يُعطي الجزيل جواد

لقد زدتَ هذا الدهرَ حسناً وهيبة
كأنك في صدر الزمان نجاد

فلو صوّر الله البريّة واحداً
لصوَّرهم جسماً وأنت فؤاد

حملت العلى بالجود حتى اقتنصتها
وللمجد وحشٌ بالنوال يصاد

فقد سُدت طيَّاً وهي للناس سادة
وكلّ جوادٍ سيّد سيساد

وطيُّ عمادُ الناس في كلّ موطن
وأنت لها يا ابن الكرام عماد

تقودُ ذرى قحطان آل مفرّجٍ
ولو لم يكن آل المفرّج قادوا

إذا أسسوا شادوا وإن وعدوا وفوّا
وإن بدؤوا في المكرمات أعادوا

أفادوا مديحي واستفدت ثوابهم
وكلّ مفيدٍ إن رأيت مفادُ

رأيتُ العلى شخصاً وقحطانُ وجههُ
وطيّ لهُ عينٌ وأنت سواد

إليك فرتْ بي كلَّ فقر ومهمهٍ
مضمّرة ٌ مثل العَلاة سناد

ثنى الفقرُ من اخفافها فكأنما
عليهنَّ من ماء الدماء جساد

وعاذلة ٍ قالت تأنّ فربما
يروقك بعضُ النبت وهو كباد

فقلت لها كفي فآل مفرّج
بحار ندى والعالمون ثمادُ

يعلِّل ظني منْ أبوه مفرج
إلا إن أولاد الجياد جياد