ألمَّ بمضجعي بعد الكلال - علي بن محمد التهامي

ألمَّ بمضجعي بعد الكلال
خيالٌ من هلال بني هلال

بمنطمس الصّوى لو حار طيفٌ
لحار بجوّه طيف الخيال

فأحيا ذكر وجدٍ وهو ميتٌ
وجدّد رسم شوق وهو بال

فتاة ٌ ما تُنال وكلّ شيءٍ
نفيسُ القدر ممتنع المنال

وما تندى لسائلها بوصلٍ
وقد يندى البخيلُ على السؤال

ويحجبُ بينها أبداً وبيني
ظلامُ النَّد أو غيمُ الحجال

بمقلتها لعمر أبيك سحرُ
به تصطاد أفئدة ُ الرجال

سمعنا بالعجاب وما سمعنا
بأن الليث من قنص الغزال

لقد بذل الفراقَ لنا رخيصاً
لقاءُ العامريّة وهو غال

وأبدى من محيّاها نهاراً
يجاور من ذوائبها ليالي

أحن إلى الفراق لكي أراها
وإن كان الفراقُ عليَّ لا لي

أشارت بالوداع وقد تلاقت
عقودُ الثغر والدمعُ المسال

وأبكاني الفراقُ لها فقالت
بكاءُ متيّمٍ ورحيلُ قال

فقلت لها أودّع منك شمساً
إلى شمس الهدى شمس المعالي

فتى عمّ الملوك فمن سواهم
نوالاً منهُ منسكبَ العزالي

كذاك الغيث إن أرسى بأرضٍ
تجلل كلُّ منخفض وعال

ترى في سرجه ليثاً وغيثاً
وعند الغيث صاعقة ٌ تلالي

مليءٌ بالعطايا والرزايا
وبالنعم السوابغ والنَّكال

تبوّا الجودُ يمناه محلاً
فليس يهم عنها بارتحال

كأنّ الجودَ بعضُ الكفّ منه
فما للبعض عنها من زوال

يصافح منهُ كفاً من عطايا
تحفّ بها بنانٌ من نوال

ولم أر قبله أسداً تلبَّي
إلى الهيجاء إن دُعيت نزال

أظافرهُ من البيض المواضي
ولبدتهُ من الزَّردِ المُذال

تراه إذا تشاجرتِ العوالي
يفرّ من الفرار إلي القتال

وكم كسبته جردُ الخيل مجداً
وليس لهنّ منهُ سوى الكلال

يوسّطها الوشيج وفي كُلاها
أنابيبٌ من الأسل الطِّوال

يتابع جوده ويظنّ بخلاً
وفوق الجود أغراس الفعال

كأن صلاته لهمُ صلاة ٌ
فليس تتمُّ إلا أن يوالي

مكارم ما ألمَّ بها كريمٌ
سواه ولا خطرن له ببال

ورثتَ الفضلَ عن جدّ فجدٍّ
إلى هود النبي على التوالي

تنقّل من كريم في كريمٍ
كما ارتمت المنازل بالهلال

نصرتَ ابنَ النبي كما نصرتم
أباه لقد حذوت على مثال

فإن حاربتَ فيه فرُبّ حرب
لكم في نصرة التّقوى سجال

فزيّن مجدك الحقبَ البواقي
ومجدُ جدودك الحقب الخوالي

وجود الناس من موجود طيٍّ
وجودُهُم لجود بنيك تالِ

يسومون النفوس بكلّ عضب
يكلُّ فيرخص المهجَ الغوالي

إذا أبصرتهم فوق المذاكي
رأيت الأسد من فوق السعالي

كأنهم عليها وهي تعدو
لؤامُ الريش من فوق النّبال

إذا ابتدروا إلى الهيجاء قلنا
سهام يبتدرن إلى نصال

بأيمان كأبحرها غزار
وأحلامٍ كأجبلها ثقال

رأيت الناس مثل كعوب رمح
فمنهنّ السوافلُ والأعالي

ومن ذا يستطيع وأيّ قلب
بجيش الفخر يفخرُ في مقال

وحاتم طيّءٍ لك عن يمينٍ
وزيدُ الخيل منك على الشمال

وهذان اللذان يُقرّ طوعاً
بفضلهما المخالفُ والموالي

وفيك عن القديم غنى ً ويُغني
ضياءُ الصبح عن شعلٍ الذُّبال

إذا ما جاء شمسُ الدِّين غطى
سناه كلَّ شمس أو هلال

ثأرتَ بقاتلي عمرو بن هندٍ
وما أنساكه طولُ الليالي

صفوتَ خلائقاً وندى ً وأصلاً
فقد أزريتَ بالماء الزّلال

ولو يحلو كماءِ المزن خلق
لما شرقَ امرؤٌ فيه بحالِ

أرجّي في ظلالك أن أُرجى
ويلقي العزَّ قوم في ظلالي

ففضلك قد غدا للفضل جيداً
وهذا المدحُ عقدٌ من لآلي

وقد يسبيك جيدُ الخود عطلاً
ويسبي ضعفُ ذلك وهو حالي

رأيتُ العرض يحسن بالقوافي
كماحسن المهنّد بالصِّقال

بغير مفرج تبقى كريماً
لقد حدّثت نفسك بالمحال

أقول إذا ملأتُ العينَ منه
وقاك الله من عين الكمال